ظهر من السلطة، أخيرًا، من «ينصر» دالية - الروشة. فبعد تجاهل القوى السياسية المعنية للممارسات «الاستفزازية» التي قامت بها الشركات العقارية هناك، بغطاء من المحافظ ومجلس بلدية بيروت وقوى الامن الداخلي، يأتي الكتاب الذي وجهه وزير البيئة الى وزير الأشغال العامة، أمس، لـ«حماية موقع دالية الروشة من التعديات والمشاريع الخاصة التي تقام عليها»، خطوة اولى إيجابية توحي بأن هناك محاولات تصدٍّ لـ«الغزو الإسمنتي»، وتعطي أملا بإنقاذ هذه المنطقة الفائقة الاهمية على الصعد الاجتماعية والطبيعية والبيئية والثقافية!
استنادا الى الكتاب الذي قدمته «الحملة الأهلية للدفاع عن دالية - الروشة» في 11/6/2014 الى وزارة البيئة، الذي طالبت فيه الوزارة بـ«حماية ومراقبة هذا الموقع الطبيعي البيئي والأثري التراثي»، وجّه وزير البيئة محمد المشنوق كتابًا إلى وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، يطلب فيه «الحفاظ على دالية الروشة وخصائصها البيئية والأثرية والإيكولوجية» عبر إزالة الشباك والأسلاك الشائكة وبلوكات الباطون، فضلًا عن إزالة الردميات الموضوعة في مرفأ الصيادين بالتعاون مع الإدارات المعنية. وذلك من أجل حماية موقع دالية الروشة «من التعديات والمشاريع الخاصة التي تقام عليها وأعمال التشويه، عبر فصل الكورنيش البحري عن الموقع».

عدم إعطاء أي
رخص بناء في مناطق عين المريسة ودالية الروشة والرملة البيضاء


يستند المشنوق في كتابه الى مجموعة من العناصر البيئية التي يتمتع بها موقع دالية - الروشة، إذ إن «صخرة الروشة والشاطئ المحيط بها جرى اقتراح تصنيفه بموجب المرسوم رقم 2366 بتاريخ 20/6/2009 (الخطة الشاملة لترتيب الأراضي) كـشاطئ طبيعي ذي قيمة إيكولوجية ومناظيرية عالية ورأس خليج طبيعي»، وإضافة الى أن موقع دالية الروشة امتداد طبيعي لصخرة الروشة، كانت وزارة البيئة قد حددت موقع الروشة من بين المواقع المقترحة كمحميات طبيعية بحرية، وذلك ضمن الاستراتيجية اللبنانية الخاصة بالمحميات البحرية التي أعدتها وزارة البيئة والاتحاد العالمي للمحافظة على الطبيعة (LUCN) عام 2012.
كذلك، يلفت الكتاب إلى أن الاختصاصيين في وزارة البيئة أجروا كشفًا ميدانيًا، وتبيّن وجود بلوكات باطون بكمية كبيرة على أملاك خاصة أمام صخرة الروشة «حاجبة الرؤية، ولا سيما على العقار رقم 1121 في منطقة رأس بيروت العقارية». ووجود شباك وأسلاك شائكة على طول الكورنيش البحري الممتد من الرصيف مقابل صخرة الروشة الى مجمع «الموفمبيك» السياحي، التي من شأنها أن تحجب منظر البحر. فضلا عن الردميات في مرفأ الصيادين الواقع على العقارات الرقم 1124 و1126 و2389 من منطقة رأس بيروت العقارية الناتجة عن أعمال تكسير غرف الصيادين وترميم المرفأ، التي بدأت بها وزارة الأشغال العامة والنقل، ثم أوقفت العمل فيها فيما بعد.
الممارسات «الاستفزازية» التي قامت بها الشركات العقارية في تلك المنطقة تحت ذريعة «استثمار الأملاك الخاصة»، من تسييج الكورنيش البحري الى وضع العارضة على مدخل ميناء الصيادين وغيرها، ووضع بلوكات باطون ضخمة على عقارات خاصة... رعتها «بلدية بيروت على نحو كبير»، وهي اقامت كشكا للحرس البلدي في تلك المنطقة لحماية السياج والحد من ارتياد هذه المنطقة المهمّة. من هنا لم يكتف وزير البيئة بتوجيه كتاب الى وزير الأشغال العامة، بل وجه كتابا الى رئيس بلدية بيروت بلال حمد، طلب فيه من البلدية «عدم اعطاء اي رخص بناء في مناطق عين المريسة، دالية الروشة والرملة البيضاء دون اجراء دراسة تقويم الأثر البيئي من قبل احدى الشركات المخولة، وعدم البدء بأية أعمال قبل تقديم التقرير المطلوب الى وزارة البيئة والحصول على موافقتها على الدراسة المقدمة». وذلك التزاماً بقانون حماية البيئة الرقم 444 تاريخ 29 تموز 2002 (الباب الرابع)، فضلا عن مرسوم اصول تقويم الاثر البيئي (المرسوم الرقم 8633 تاريخ 7 آب 2012)، ذلك أن مواقع عين المريسة، دالية الروشة والرملة البيضاء هي من الشواطئ البحرية، وبالتالي هي ضمن المناطق الحساسة بيئياً، التي ينطبق عليها ما نص عليه مرسوم اصول تقويم الاثر البيئي.
«الحملة الأهلية للدفاع عن الدالية»، رحبت بكتاب المشنوق، «هي خطوة إيجابية من شأنها أن تدعم تحرّكات الحملة»، يقول الناشط في الحملة رجا نجيم، آملًا أن يتجاوب وزير الأشغال مع مضمون الكتاب.
يقول المدير العام للنقل البري والبحري في وزارة الأشغال عبد الحفيظ القيسي «لم أطّلع على مضمون الكتاب، ذلك أنه وُجّه من وزير الى وزير»، وبالتالي، فإن الأمر هنا منوط بالوزير زعيتر وحده. فهل يتخذ قراره بإنقاذ وحماية موقع دالية الروشة، العنصر المشترك الأبرز في ذاكرة بيروت الجماعية؟
«مش ببالي الدالية»، قالها الوزير زعيتر في اتصال سابق مع «الأخبار». فهل يغيّر رأيه وتصبح الدالية في باله!