وبحسب المعلومات، فإنه بعد لقاء حزيران، وانفجار قضية «داعش» وتمدّدها، زار لافروف السعودية في 21 حزيران لاستكمال ما بحث في سوتشي. وتزامنت زيارته مع بدء روسيا استعداداتها لتسليم حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دفعة جديدة من طائرات «سوخوي»، في إطار صفقة اتفق عليها سابقاً.
وأكد لافروف، خلال الزيارة، أن هذا التعاون مع المالكي لا يلغي التفاهمات التي حصلت في لقاء بوتين ـــ الفيصل.
على الخط المصري، كان يتبدّى، يوماً بعد آخر، أن علاقة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الولايات المتحدة هي علاقة «واجب» أكثر مما هي تحالف، خصوصاً في ظل الموقف الأميركي المعروف من الطريقة التي أسقط فيها السيسي الرئيس «الإخواني» الأسبق محمد مرسي. استفاد السيسي في موقفه من واشنطن من دعم بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها السعودية التي بات معلوماً أن علاقتها مع أميركا تفتقد الودّ، بسبب الموقف من الملف الايراني والازمة السورية.
وفي المقابل، عزز الرئيس المصري من انفتاحه على موسكو، وزار بوتين قبل أسبوع، وتطرقا الى الازمة السورية، علماً بأن ما وصل الى مسامع روسيا هو مواقف غير حادة للسيسي تجاه الرئيس الاسد.
السعودية قبلت
للمرة الأولى بالحديث عن حلّ للأزمة بوجود الأسد في السلطة
وتشير المعلومات الى أن كلاماً كثيراً يتردد في الدوائر الديبلوماسية عن رسائل متبادلة بين السيسي والاسد، وهو ما ظهر واضحاً خلال العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة، إذ لم يصدر كلام من دمشق ضد المبادرة المصرية، لا بل إن القاهرة حصلت، عبر موسكو، على ضمانات بعدم توتير جبهة الجولان أو الجنوب اللبناني، وبأن لا أحد يرغب في جر المنطقة الى حرب واسعة.
وبحسب المعلومات، فإن السيسي أبلغ السعودية ودول الخليج أن واشنطن غير جدية في دعمها للمعارضة السورية التي تصنفها معتدلة، وأن خطوات إنشاء منطقة محمية في جنوب سوريا تضم التنظيمات «المعتدلة»، اتضح ميدانياً أنها لن تتحقّق في المدى المنظور، خصوصاً في ضوء عدم تسلم هؤلاء المعارضين أسلحة نوعية. كذلك فإن الأسد، في رأي الرئيس المصري، يحقق انتصارات ملموسة على القوى التي يريد أن يحقق انتصاراً عليها.
وتربط المعلومات بين الموقفين السعودي والمصري من سوريا، وإن كان موقف القاهرة في هذا الشأن أكثر تقدماً، وينبع من خوف مبطن من تقدم «داعش» وكسرها للحدود الجغرافية التي رسمها اتفاق سايكس ـــ بيكو بين سوريا والعراق، وتهديدها دول الجوار.
الى ماذا يقود هذا العرض؟
إذا صح هذا السيناريو المتداول، بحسب المعلومات، فإن المنطقة أمام تحوّل جديد يتعلق بعلاقة السعودية بالنظام السوري. وفي ما يخص لبنان، فإنه سيكون أمام مرحلة مختلفة وحقيقة جديدة تتعلق بعلاقة الاستحقاق الرئاسي، وتلحظ دوراً لدمشق في هذا الملف. وستكون قوى 14 آذار تحديداً أمام هذه الحقيقة التي ستضيف الى شخص الرئيس العتيد مواصفات جديدة، وهي أن يكون مقبولاً من النظام السوري، أو على الاقل قابلاً للتحاور معه. وهذا يعني أنه سيستجدّ، من الآن فصاعداً، كلام عن نوع جديد من المواصفات الرئاسية، بعدما مرّ لبنان بمرحلة تركز فيها الكلام على الرئيس «القوي» أو «التوافقي».
المشكلة الكبرى في هذا السيناريو أن الرئيس سعد الحريري قد يوضع أمام استحقاق أساسي ومهم، وله انعكاسات مباشرة على حلفائه المسيحيين وعلى الشارع السنّي. فكيف يمكن للحريري، إذا سلكت السعودية بجدية سبيل القبول بحل سوري مع بقاء الأسد، أن يقنع حلفاءه المسيحيين، وفي مقدمهم القوات اللبنانية، بهذه التسوية؟ وهل لديه القدرة على ضبط الشارع السنّي إذا اضطر الى القبول بالترتيب السعودي، علماً بأن هذا الشارع، ومعه عدد من نواب الحريري شمالاً وبقاعاً، بدا متفلّتاً من قيادة المستقبل، بحسب ما دلّت مراراً أحداث طرابلس وعرسال، من دون أن ننسى أنه سبق للحريري أن ذهب الى دمشق والتقى الأسد ونام في ضيافته، وقبل بتأليف الحكومة الحالية جنباً الى جنب مع حزب الله يوم انطلاق أعمال المحكمة الدولية في لاهاي.
يبقى السؤال: ما هو موقف طهران وواشنطن من احتمالات الترتيبات التي يحكى عنها، ولا سيما في ضوء إعادة بعض دول المنطقة صوغ تفاهمات مع موسكو قد ترتد تداعياتها مباشرة على أزمات المنطقة والحلول التي ترسم لها؟