«مبارك ما إجاك»، صاح وسام لجاره المعروف بولائه لتيار المستقبل، بعد إعلان وصول الرئيس سعد الحريري إلى بيروت. هكذا بدأت «النهفات» عند وصول الحريري، حتى بين المستقبليين أنفسهم. في البقاع، أراد التيار إعلان استفاقته من غيبوبة السنوات الثلاث عبر «همروجة» أحدثتها مسيرات السيارات في قرى البقاعين الغربي والأوسط، مرفقةً بإطلاق النار والمفرقعات.
وبحسب مقرّبين من التيار، فإن «الحريري عاد بعد ما وصله عن تياره وتراجع حالته الجماهيرية والتعبوية. وعودة الحريري تعني عودة الحياة إلى كافة شرايين التيار في كل المناطق، بعدما أكله التمدد الديني المتشدد، من أحمد الأسير إلى التيارات السلفية». كذلك إن «شحّ حنفية المستقبل» أسهم في سحب رئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد بعض المستقبليين إلى حزبه. ويرى مصدر مستقبلي بقاعي أنه «أصبح لزاماً على المستقبل بكافة قياداته أن يتعاطى مع جمهوره بواقعية، والسياسة السابقة أثبتت أنها لا تجدي نفعاً، بل كانت سبباً في تدهور وضع التيار في أكثر من منطقة، وتحديداً البقاع». وأشار المصدر إلى أنّ على «الشيخ سعد أن يغير القيادات التي فشلت في كل شيء، حتى في التواصل مع مناصريها في أحلك الظروف، ولم تنتقل إلى التعبئة السياسية بدل الخطاب التجييشي».
«حيبقى التيار راوح مكانك، ما قد يخسّره الانتخابات»، يقول المصدر ممتعضاً. وكشف أنه ومجموعة من التيار لم تتواصل قيادتهم معهم منذ نحو سنتين، «تقدمنا بطلب لقاء مع الحريري، عبر قنوات بعيدة عن القيادة البقاعية، ونحن نصرّ على إبلاغه شخصياً عن جميع التجاوزات والتقصيرات التي أرهقت الحزب». وعقّب بأن «قيادة البقاع في التيار تحاول أن تصد أي تواصل مع القيادة في قريطم منذ 2008 حتى اليوم، خوفاً من نقل الصورة الحقيقية وأخطائهم، التي أوصلت التيار إلى الحضيض». ورأى أن «الأمور قد تزداد سوءاً في وجود الحريري إن لم يتخذ طريقاً للمعالجة بسرعة، من دون عودة القيادات القديمة إلى الحياة الحزبية، لأنهم ساروا على مبدأ غاب القط امرح يا فار».
حال التململ داخل التيار تشمل أغلبية القرى البقاعية، من عرسال إلى قب الياس وجب جنين والقرعون في البقاعين الغربي والأوسط. ففي بلدة مجدل عنجر، التي لطالما اعتبرها التيار خزانه الشعبي، عُلّقت لافتة موقعة باسم «شباب مجدل عنجر »، تحمل صورة الحريري وكتب عليها، «ما في داعي لوجودك، شبعت الأمة من وعودك»، أثارت جدلاً واسعاً في المنطقة. أحد محازبي التيار لم ينكر لـ«الأخبار» أن اللافتة «مؤشر على وجود امتعاض، لكن صاحبها «مدفوش» من قبل مغرضين، وأُزيلت في اليوم نفسه الذي علقت فيه». وبحسب أحد مصادر البلدة، فإن «من أزال اللافتة هو أحد المقربين من حزب القوات اللبنانية في المجدل، بعدما فشل المستقبليون في إقناع صاحبها بإزالتها»، ما يدل على مدى الترهل الذي يلاحق التيار منذ غياب الحريري عن جمهوره.