أخيراً، انتصرت المحاصصة في مجلس الوزراء، وأقر في جلسته أمس ملفي تفرغ 1192 أستاذاً متعاقداً وتعيين عمداء أصيلين لكليات الجامعة اللبنانية. هذان الملفان لم ينجزا إلا بعد «بازار» مدمّر للجامعة، إذ تم إرضاء جميع القوى السياسية في الحكومة، آخرها حزب الكتائب الذي حصل على عمادة كلية السياحة، بعدما تخلى الحزب التقدمي الاشتراكي عن عميدها «الدرزي»، في مقابل إبقاء د. بيار يارد عميداً لكلية الطب. كما حصل حزب الكتائب على مفوضين حكوميين في مجلس الجامعة، إضافة الى عميدين كانا في الأساس مقربين من الكتائب.
هذه التسوية، التي انفرجت لها الأسارير، جرى الاتفاق عليها في خلوة عقدت قبيل جلسة مجلس الوزراء بين الوزيرين سجعان قزي والياس بوصعب ورئيس الحكومة تمام سلام، طرح فيها بوصعب الحل الذي توافقت عليه جميع القوى السياسية، بحسب قوله.
كان الأساتذة المتعاقدون ينفذون اعتصاماتهم المواكبة لجلسة مجلس الوزراء، وحالما أذيع خبر إنجاز التسوية بدأوا بالرقص في الشارع فرحاً. بعضهم بكى فرحاً، والبعض الآخر أنشد الأغاني تعبيراً عن السعادة بحصولهم على الاستقرار الوظيفي بعد معاناة طويلة. شكروا الوزير بوصعب الذي ترك الجلسة لبعض الوقت وحضر الى ساحة رياض الصلح ليتولى شخصياً زفّ البشرى إليهم. أثنى الوزير على تضحيات الأساتذة على مدى السنوات الماضية، واعتبر أن الإنجاز الحاصل يجب أن يمتد ليطال القضايا الأخرى في قطاع التربية. وقال بوصعب إن من يريد أن ينتقد أو يشكك بأسماء المتفرغين «يروح يدرس قدن». وطالب الوزير الأساتذة بالخروج من الشارع وتصحيح المسابقات وإعلان النتائج تمهيداً لاختتام عام جامعي وبدء عام جامعي جديد، إلا أن بوصعب لم يقل حتى الآن كيف سيحصل ذلك، فيما المعركة الأساس التي تخوضها هيئة التنسيق النقابية لإقرار سلسلة الرواتب لم تصل الى خواتيمها، ولا يزال طلاب الشهادة المتوسطة معلّقين على تسوية لم تحصل، وليس هناك بوادر لحصولها.
تقول د. ميرفت بلوط، الرئيسة السابقة للجنة الأساتذة المتعاقدين إن الفرحة لا توصف، ورأت أن إقرار ملف التفرّغ «ثمرة نضال دام ست سنوات»، مثنية على وحدة الأساتذة وتضامنهم اللذين أنتجا «انتصاراً» للجامعة. ولفتت بلوط الى احتمال مطالبة الأساتذة المتفرغين باعتماد هذا اليوم «عطلة سنوية تمجّد نصر الجامعة» لما فيه من أهمية لصالح أساتذة الجامعة اللبنانية وأهلها.

طالب رئيس الجامعة بإلغاء القرار 42 الذي حرم الجامعة من استقلاليتها
لم يعد في جعبة الحكومة أي ملف عالق للجامعة اللبنانية، وأصبح بالإمكان تشكيل مجلس الجامعة (بعد انتخاب ممثلي الأساتذة وممثلي الطلاب) الذي يعيد لها جزءاً من استقلاليتها، فهل سيثبت أهل الجامعة أنهم أهل لانتزاع كامل الاستقلالية للنهوض بالجامعة الوطنية؟ وهل حقاً هناك سبب لإعلان الانتصار؟
لن يبدأ العام الدراسي الجديد قبل إعلان تكوين مجلس الجامعة اللبنانية، بعد أن يتم انتخاب ممثلي الأساتذة وممثلي الطلاب، هذا ما أعلنه رئيس الجامعة د. عدنان السيد حسين في اتصال مع «الأخبار». شكر رئيس الحكومة تمام سلام على الجهود التي بذلها في سبيل إقرار الملفين في مجلس الوزراء. وقال السيد حسين عن العمداء الجدد المعينين إن «هؤلاء كلهم من حصة الجامعة قبل أن يكونوا من حصة أي حزب أو طرف سياسي، وبقطع النظر عن أي ثغرة قانونية قد تشوب الملفات، فإنجازها هو إنجاز كبير لصالح الجامعة»، وشرح أن التفرّغ ليس مجرد استقرار وظيفي للأستاذ، بل استقرار للجامعة اللبنانية، ولقدرتها على انتخاب مجالسها التمثيلية وإنجاز ملف دخول المتفرغين لاحقاً الى ملاك الجامعة. معتبراً أنها قفزة للجامعة مهما كانت الثّغَر.
العمل الحثيث الذي سيسعى رئيس الجامعة للقيام به في الفترة المقبلة هو الحرص على أن يصبح التفرغ سنوياً عبر الآليات القانونية والأكاديمية المتبعة، إضاقة الى ضرورة تطبيق قانون تنظيم الجامعة اللبنانية، كما تمنى السيد حسين أن يتم تعيين عمداء أصيلين جدد بعد 4 سنوات. كذلك، فإن الجهد، بحسب السيد حسين، سينصب في معركة استعادة استقلالية الجامعة اللبنانية. من هذا المنطلق، طالب بإلغاء القرار 42 الصادر عن مجلس الوزراء، الذي سحب من الجامعة استقلاليتها وحقها بتفريغ أساتذتها.
رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة هنأت نفسها أولاً، على ما تعتبره إنجازاً بعد حرب طويلة خاضتها، فبعد خمس جلسات متتالية لمجلس الوزراء «الملفات أشبعت درساً»، بحسب ما عبّر رئيس الهيئة التنفيذية للرابطة حميد الحكم لـ«الأخبار»، وأضاف إن معظم ترشيحات العمداء والأساتذة المرشحين للتفرغ جاءت من داخل الجامعة تحت القانون 66، رغم كل «الاتفاقات السياسية»، وقال الحكم إن أهم ما في القضية، رغم التدخلات التي حصلت هو تشكيل مجلس الجامعة من العمداء الأصيلين بعد غياب 10 سنوات، أما إقرار التفرغ فهو «إعطاء الحق لأصحابه». وأضاف الحكم إنه رغم بعض الثغَر في ملفات الأساتذة المتفرغين، إلا أنه لا يجوز أن يبقى القسم الأكبر «ضحية ورهينة».
ورأى الأستاذ المتابع لملف التفرغ في الحزب التقدمي الاشتراكي وليد صافي أن «الكرة باتت في ملعب الجامعة نفسها»، في إشارة الى ضرورة الاستفادة حالياً من الأساتذة بغية تطوير الجامعة وإصلاحها والنهوض بمستواها، فـ«الحكومة عملت اللي عليها، الباقي على الأساتذة والجامعة»، وأعاد صافي التأكيد بأن ما قام به الحزب الاشتراكي من «عدم التعامل مع مجلس العمداء على أنه مجلس ملة، هو ما حافظ على الكفاءة في كلية الطب».
أهل الجامعة يتفقون على أن المرحلة المقبلة يجب أن تكون تأسيسية لوضع خطة للنهوض بالجامعة لتستطيع أن تنتزع استقلاليتها، ولفت عضو رابطة الأساتذة المتفرغين نزيه خياط إلى أن الجميع يجب أن يبدأوا ورشة إصلاح داخل الجامعة تتجاوز الأحزاب والطوائف والمذاهب، عبر رؤية إصلاحية طويلة الأمد، «وإلا نكون ندفع بالجامعة الى التراجع لصالح مجموعة الجامعات الخاصة الطائفية والتجارية»، بحسب خياط.



لائحة بأسماء العمداء المعيّنين

كلية الحقوق والعلوم السياسية: كميل حبيب. معهد الدكتوراه في الحقوق: طوني عطا الله. كلية الآداب والعلوم الإنسانية: نبيل الخطيب. معهد الدكتوراه في الآداب: طلال عتريسي. كلية العلوم: حسن زين الدين. المعهد الجامعي للتكنولوجيا: محمد ديب الحجار. معهد الدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا: فواز العمر. كلية التربية: تيريز الهاشم. كلية العلوم الاجتماعية: يوسف كفروني. كلية الإعلام: جورج صدقة. كلية الفنون الجميلة: محمد الحاج. كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال: غسان شلوق. كلية الهندسة: رفيق يونس. كلية الصحة: نينا سعد الله. كلية الطب العام: بيار يارد. كلية طب الأسنان: فؤاد أيوب. كلية الصيدلة: وفاء البواب. كلية السياحة: آمال أبو فياض. كلية الزراعة: سمير مدور. عضوا مجلس الجامعة: جان داود وجاسم عجاقة.