روبرتو قبرصلي يعود من جديد إلى خشبة «مترو المدينة»، ليخدش الحياء الافتراضي العام. ساعتان من الـ«ستاند آب كوميدي» يؤديها هشام جابر منفرداً من خلال شخصيته الشهيرة روبرتو قبرصلي، أو بالأحرى عرض للثنائي روبرتو قبرصلي الحقيقي والافتراضي. روبرتو، تلك الشخصية التي اعتدناها جوكراً في عروض كباريهات «مترو المدينة»، وشخصية رئيسية في عروض سابقة في الـ«ستاند آب كوميدي» حول المونديال، وحول حملة إسقاط النظام الطائفي في لبنان وغيرها من المواضيع، تطلّ علينا اليوم من داخل العالم الافتراضي لتلقي نظرة ساخرة على المواد التي تغرق صفحاتنا الزرقاء ضمن عرض «قبرصلي بوك».
لن يفلت أحد من تعليقات قبرصلي الساخرة في هذا العرض، بدءاً بالمستجدات الاجتماعية السياسية الأخيرة من «داعش» والأنظمة العربيّة، وصولاً إلى الأحزاب السياسية اللبنانية وصفحاتها على فايسبوك. طبعاً لن يخلو ذلك من عودة إلى أول أيام ظهور الفايسبوك في لبنان، والروايات التي رافقت نشأته حتى اليوم، إلى جانب التوقف عند نماذج اجتماعيّة عدة طورت أسلوباً خاصاً في ترجمة حضورها الافتراضي على فايسبوك أهمّها: جمعيات المجتمع المدني، والممانعون، ومن هم ضد الممانعين، ومؤيدو الثورات، والعروبيون، والشعراء الافتراضيون... شعوب ـ بحسب قبرصلي ـ نمت وتربّت على الشعر العربي العاشق والممجد للغياب «قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل»، فوجدت في العالم الافتراضي ضالتها.
من يتابع هشام جابر عبر حسابه الخاص على فايسبوك، يدرك جيداً علاقته بالموقع الأزرق. مساحة سخرّها للإعلان عن أنشطة «مترو المدينة»، وبعض الصور والتعليقات الشخصية، لكن ما يبقى الأكثر تدفّقاً هو تلك السلسلة التي بدأ بكتابتها أخيراً تحت عنوان «دعاء ـــ حديث صحيح». يقدّم من خلالها دعاءً جديداً ينتقد فيه، بخفّة وذكاء، تفصيلاً سياسياً أو اجتماعياً: «دعاء المذيعة: انشالله كون طالعة sexy وبريئة بنفس الوقت. حديث صحيح». أما اليوم، فقد ولدت سلسلة جديدة تحت عنوان «شوفور من بلادي». هنا، يقدم صورة التقطها لأحد سائقي سيارات الأجرة أثناء تنقلاته معهم، مزوّدة بإحدى عبارات السائق: «بدّك تدلني ما بعرف شي ببيروت، أنا بشتغل بصيدا، بس رمضان كلن نايمين ـــ شوفور من بلادي».

عرض ساخر ولاذع يقارب تفاصيل
كثيرة تتدفق على العالم الافتراضي

ما يمّيز السلسلة الفياسبوكيّة هي الحنكة في انتقاد آفات مجتمعنا عبر جمل قصيرة لا توظّف التابوهات الدينية والسياسية والاجتماعية. هذا ما يميّز عرض «قبرصلي بوك» الساخر واللاذع لتفاصيل كثيرة تتدفق على صفحات فايسبوك، تعكس كثيراً من الأسى والرجعية. على حدّ قول قبرصلي، «دودز، الكوكب عم ينهار». تكمن أهميّة العرض في اتخاذه قراراً سياسياً بالانتقاد والسخريّة من الحالة الاجتماعيّة والسياسية التي أنتجناها جميعاً، ونعيش تحت رحمتها اليوم: أنباء عن تهديم «داعش» لمكتبة هنا أو لمقام أثريّ هناك، أو حتى أخبار القتل والاعتقال من قبل نظام ديكتاتوري.
وبالنسبة إلى قبرصلي، فالجميع سواسية، من أصحاب القرار وصولاً إلى نشطاء العالم الافتراضي. الجميع يتشاركون في إنتاج وتنمية الوضع الكارثي الذي نعيش فيه. لذا يطلق دعوة واحدة في نهاية عرضه: دعوا فايسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى للتسلية و«الهبل»، ومن منكم يملك فكرة أو خطوة جديّة، فلنلتق في العالم الحقيقي كي ننفذها. مرّة أخرى، يؤكد «مترو المدينة» بإدارة هشام جابر الفنيّة، أنه مساحة للتسلية والمرح، جاهزة لاستقبال جميع أطياف المجتمع اللبناني، من دون تجاهل المقاومة السياسية والثقافيّة للتخلّف المحيط بنا.

* «قبرصلي بوك»: 21:30 مساء ٢٥ و٢٦ تموز (يوليو) ـــ «مترو المدينة» (الحمرا _ بيروت). للاستعلام: ٣٠٩٣٦٣/76




في سطور!

لمن لم تسنح له فرصة التعرّف إلى روبرتو قبرصلي في الماضي، يفيدنا هشام جابر بنبذة عن تاريخه: إسمه الحقيقي روبرتو قبرصلي، ولد في زاروب الصيداني في منطقة زقاق البلاط. توفيت أمّه عند ولادته. وبعدما أتم عامه الأول، توفي والده ليعيش مع عمّه خوليو قبرصلي الذي علّمه أصول الهبل والشتائم المنحطة والمقززة. في صباه، إلتحق بالمدرسة الحربية التابعة لعصابة شبقلو المتخصصة في نشل الفتيات على الموتوسيكل، لكنه سرعان ما طرد منها بسبب صوته المزعج ومزاجه العِكِر. ما لبث أن تعرّف إلى الكوميديان العالمي ألبيرتو عيتاني الذي قدّمه إلى الجمهور المولديفي الذي عَبَدَه لعشر سنوات كاملة قبل أن ينطلق إلى العالمية ومنها إلى لبنان البلد الذي إختاره القبرصلي كي يكون حمّامه الخاص والأخير. أجرى حتى الآن 346 عملية جراحية لتجميل فكه السفلي من دون الوصول إلى نتيجة.