ثلاث فتيات لبنانيات يشتغلن في معمل خياطة في إحدى القرى اللبنانية، يقررن السفر إلى القاهرة بحثاً عن فرصة عمل أفضل، غير أنّ الثلاثي يقع في فخ شبكة دعارة كبيرة. أثناء وجودهن في حفلة داخل فيلا فخمة، تسجن إحدى الفتيات (ميريام فارس) إثر مداهمة الشرطة المصرية للمكان، وترمي أخرى بنفسها من الشرفة فتلقى حتفها (آية طيبة)، بينما تنجرّ الثالثة إلى عالم الدعارة (سارة أبي كنعان). هذه باختصار قصة مسلسل «اتهام» («النهار»، «المحور»، «صدى البلد»، «أبو ظبي الأولى» و«الجديد») الذي كتبته كلوديا مرشليان، وأخرجه فيليب أسمر، وأنتجته شركة Media Revolution 7. العمل الذي دخلت من خلاله نجمة الغناء والإغراء ميريام فارس عالم الدراما التلفزيونية، شد جزءاً لا بأس به من الجمهور اللبناني منذ اليوم الأوّل. لكن الكثير من الآمال خابت مع توالي الحلقات، لأنّ النص لا يتناول قضية الإتجار بالبشر من جوانب لم يسبق التطرّق إليها، بل تبيّن أنّه يتضمن تكراراً قصصاً ملّت منها المسلسلات والأفلام.

هي باختصار قصّة مظلوم طيّب، تنصفه المصادفة، فيشتدّ عوده ويعتزم الانتقام مهما كلّف الأمر. إنّها ليست بالجرأة التي تحدّثت عنها مرشليان قبل أيّام عبر إذاعة «صوت الغد» خلال مقابلة مع روبير فرنجية في برنامج «ضيف الضيف»، رغم أنّ القصة «إنسانية» فعلاً مثلما قالت. طرح الكاتبة لم يقدّم جديداً، وكذلك رؤية المخرج فيليب أسمر، من دون أن ننسى الأخطاء الواضحة التي ظهرت في بعض المشاهد.

طرح كلوديا
مرشليان لم يقدّم
جديداً يذكر

أخطاء لا يمكن التغاضي عنها في عمل وُصف بأنّه لبناني ـــ مصري «رائع». على سبيل المثال، أثناء وجوده في معرض السيارات الذي اشتراه حديثاً، يتلقى خالد (حسن الرداد) اتصالاً يبلغه بوفاة المالك الأصلي. وفي المشهد التالي، تقول شقيقته (كارمن بصيبص) لوالدتها (تقلا شمعون) إنّه علم برحيل الرجل عبر الهاتف، فيما كان يزورها في الصيدلية. هكذا، لم يتمكن المشاهد من متابعة تفاصيل معاناة «ريم» المظلومة، بفعل تسارع الأحداث. ما إن سُجنت الفتاة اللبنانية حتى تمكّن المحامي الشهير (عزّت أبو عوف) من إثبات براءتها، ليدخل العمل بعد ذلك في نوع من الرتابة الذي كسرته لوعة الحب في قصص منوّعة.
في المقابل، يُسجّل لفيليب أسمر نجاحه في تصوير مشاهد البذخ والفقر، إضافة إلى تقديم نماذج جميلة عن منازل القرى اللبنانية التقليدية. وبالانتقال إلى أداء ميريام فارس (ريم)، فقد جاء لافتاً في الحلقات الأولى خصوصاً عندما بدت فتاة قروية بملابس عادية وأداء بسيط. إلا أنّ المسألة تغيّرت مع ذهاب الأحداث في منحى تراجيدي. بالغت فارس في البكاء والتعبير عن الحزن والانفعال، ووصل أحياناً إلى درجة النحيب والصراخ الكاريكاتوري والمفتعل، علماً بأنّ المجهود الذي بذلته للعب الدور يبدو جلياً، ما يشير إلى إمكانية تقديمها أداءً أفضل في المستقبل. رغم وجود نقاط ضعف، يحظى «اتهام» بنسبة مشاهدة عالية في لبنان، مقابل تراجع حظوظه في مصر. هناك من يرى أنّ احتواء المسلسل على مشاهد كثيرة باللهجة اللبنانية خلق مشكلة بالنسبة إلى المصريين، فضلاً عن عدم الترويج له بشكل كاف على القنوات المصرية. صحيح أنّ فارس وجه مقبول في المحروسة، كما أنّ هناك أسماء مصرية ذات وزن تشاركها العمل مثل حسن الرداد وعزت أبو عوف وأحمد خلال، لكن المشاهد المصري لن يهتم لمتابعة «اتهام» وسط زحمة الأعمال الرمضانية المحلية، وخصوصاً أنّه ليس معتاداً على صاحبة أغنية «كيفك إنت» كممثلة.
على الضفة الأخرى، من المرجّح أن يحظى المسلسل بحظوظ أوفر في القاهرة بعد انتهاء شهر الصوم. فهل ينجح «اتهام» مع اقترابه من النهاية في إقناع الجمهور في الفصل بين ميريام المغنية وميريام الممثلة؟



«إتهام»: 21:30 على «الجديد»، 12:00 على «أبو ظبي الأولى»، 2:00 على «صدى البلد» و«النهار»