مرّ قطوع يوم أمس على طرابلس بأقل قدر من الأضرار، بعدما انتهى الاعتصام الرمزي الذي أقامه أهالي الموقوفين في أحداث طرابلس أمام جامع الصديق بسلام، لكنه حمل جملة مؤشرات تصعيدية ضمنية قد تبرز في الأيام المقبلة، وتحديداً بعد مرور عيد الفطر، إذا لم يجرِ التوصل إلى حلّ لقضية الموقوفين.وقد ظهر عدم تبني أي جهة سياسية أو إسلامية لاعتصام أمس في ضعف الحضور الشعبي فيه، وفي عدم خروجه عن الإطار المرسوم له، وتحوّله إلى اعتصام دائم في الطرقات، أو أن يشهد أعمال شغب، بسبب إجراءات أمنية مشددة اتخذها الجيش والقوى الأمنية في محيط المسجد.

لكن المشرفين على الاعتصام رأوا أنهم سجلوا باعتصامهم الرمزي أمس في جامع الصديق، المواجه لسرايا طرابلس، انتصاراً معنوياً لقضيتهم، بعدما اعتبروا أنهم «نقلوا ملف الموقوفين إلى أمام أعلى سلطة رسمية في طرابلس، إدارية وأمنية، وأنه لا يمكن المسؤولين بعد اليوم عدم التعاطي بجدّية مع هذا الملف».
وأكد مشرفون على الاعتصام لـ«الأخبار» أنه «سنقيم اعتصامات رمزية مشابهة في أكثر من مكان في طرابلس، وأن هناك نيّة لإقامة اعتصام مماثل الأسبوع المقبل أمام جامع السلام»، لكنهم نفوا اتخاذ أي خطوات تصعيدية مثل إقامة اعتصام دائم ونصب خيم وقطع طرقات قبل عيد الفطر، لأنه «نريد إمرار هذه الفترة على خير، وحتى لا نلحق ضرراً بموسم العيد، إنما بعده سيكون لنا كلام آخر».
التلويح بالتصعيد بعد عيد الفطر برز في اعتصام أمس، الذي استمر نحو ساعة تقريباً وقطعت خلاله الطريق الدولية في اتجاه واحد، بعدما حذر الشيخ خالد حبلص، الذي بدأ اسمه بالظهور أخيراً في أغلب اعتصامات أهالي الموقوفين وأصبح ناطقاً شبه رسمي باسمهم، من أنه «إذا لم يرفع الظلم عن أهل السنّة، فإننا نهدد بإقامة ضاحية ثانية، إنما هذه المرّة في طرابلس والشمال».
ورأى حبلص أنّ «على الدولة أن تعامل جميع رعاياها بعدل ومساواة، ولو تمثل ذلك في ظلم الجميع على قاعدة ظلم في السوية عدل في الرعية، لكن من غير المقبول أن يسمح لحزب الله بامتلاك السلاح، واستخدامه في الداخل والخارج، ويمنع ذلك على غيره».
وكان لافتاً أن حبلص لم يهاجم فقط حزب الله، بل شمل في هجومه أيضاً تيار المستقبل، بعدما حمّل الطرفين «مسؤولية ما جرى من أحداث في طرابلس، وتوريط شبابها ظلماً ثم رميهم المدينة بعد اعتقالهم في السجون بتهم باطلة، وأن الحزب والتيار رميا إثر ذلك تبعات كل ما جرى على الصغار الذين ورّطوهم ثم تخلوا عنهم».
وكان عشرات الشبان قد تجمّعوا أمس عند مستديرة نهر أبو علي، نقطة اعتصامهم السابقة، ثم توجهوا من هناك بمواكب جماعية على دراجات نارية أو سيارات إلى جامع الصديق، بعدما شقوا في طريقهم البولفار الذي يشق وسط المدينة ويصل بين شمالها وجنوبها، ما أحدث حالة من الإرباك والقلق جعلت الشوارع والأسواق تخلو من المارة والزبائن، وسط انتشار كثيف للجيش وقوى الأمن الداخلي على طول البولفار، قبل الاعتصام وبعده.