في ظل الطروحات العقيمة والمعيبة التي طرحت لمعالجة أزمة شح المتساقطات هذا العام، من قبيل تحلية مياه البحر أو الاستيراد من الخارج، قدم وزير البيئة محمد المسنوق ورقة عمل تتضمن اقتراحات قصيرة وطويلة الأمد لمعالجة هذه الأزمة، وذلك عشية انعقاد اللجنة الوزارية لبحث الجفاف في المياه في السرايا الكبيرة.
النقطة الأهم التي أثارها المشنوق تتعلق بمعارضته الواضحة لاقتراح استيراد المياه من الخارج، إضافة الى تجنبه الحديث عن إنشاء السدود، باعتبارها خياراً مكلفاً وغير بيئي، مع تشديده على أهمية تطبيق الخطة الاستراتيجية لإدارة المياه في لبنان التي لا تزال حبراً على ورق، رغم مرور سنوات عدة على مناقشتها.
وعدّد الوزير المشنوق الإجراءات والاقتراحات الرامية الى تقليص حدة الأزمة الحالية، وتبدأ من مبادرات سريعة التنفيذ مثل دعم المركز اللبناني لترشيد استخدام المياه _ وزارة الطاقة والمياه؛ مع التركيز على دور المجتمع المدني في التوعية والإرشاد، وأهمية أن تكون المبادرات المطروحة لتخفيف الطلب على المياه قابلة للتطبيق ولمراقبة التطبيق، وألا تمس بالأمن الغذائي.
كما طالب المشنوق بدعم المبادرات التي من شأنها تأمين كميات أكبر من المياه؛ شرط أن تكون انعكاساتها البيئية السلبية محدودة، وأن يصار إلى إعطاء الأفضلية للمشاريع الوطنية الصرفة على المشاريع التي تستدعي جهات خارجية؛ على سبيل المثال، حفر آبار جديدة بعد مراجعة النتائج التي توصل إليها مشروع تقويم المياه الجوفية الممول من الحكومة الإيطالية لصالح وزارة الطاقة والمياه بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وإجراء أي دراسات أخرى ضرورية، وحسن المراقبة، وتحسين عملية الاستفادة من مياه الينابيع والأنهر المتوفرة، أيضاً بعد مراجعة الدراسات المتوفرة.
وهنا لا بد من الإشارة الى أن مسألة مراقبة الآبار الجوفية الخاصة هي شبه معدومة في الوقت الحالي، حيث يتزايد الطلب على هذه الآبار، الأمر الذي يؤدي الى تملّحها، كما أن التعديات على شبكات المياه التابعة لمصالح المياه تزايد هذا العام، وخصوصاً من قبل أصحاب الصهاريج، وهي ذات خطر مضاعف على إدارة المياه من خطر الهدر في الشبكات التي تتراوح نسبتها بين 15 و20%. في المقابل، لم تبادر القوى الأمنية الى إعداد خطة لضبط هذه التعديات ووقفها، رغم التهويل المتعمد من أن أزمة الشح في أوجها.
يقترح وزير البيئة تقليص إمكانية الوقوع في أزمة مماثلة في المستقبل من خلال التوافق على الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه والتوصيات المكملة لها، التي ستصدر من ضمن دراسة التقويم البيئي الاستراتيجي لهذه الاستراتيجية، مع التركيز على الجانب المتعلق بالمراقبة والأبحاث، من خلال تطوير شبكة مراقبة كمية الموارد المائية ونوعيتها تطبيقاً لمبدأ الاستدامة. تحديث الدراسات المتعلقة بتأثير التغير المناخي على قطاع المياه بشكل دوري. أما في الجانب المتعلق بترشيد الاستخدام، فيقترح المشنوق إعادة تأهيل شبكات المياه بهدف تخفيف الهدر فيها، وتشجيع المشاريع المتعلقة بتركيب أجهزة تجميع مياه الأمطار، مثل المشروع النموذجي الذي قامت به وزارة البيئة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ثلاث مناطق (الدامور، العمروسية، كفار مسحون) لتجميع مياه الأمطار على سطوح البيوت البلاستيكية لإعادة استعمالها في ري المزروعات في هذه البيوت.
الوصفة الأهم التي قدمها المشنوق تتعلق بحماية موارد لبنان المائية، وتحديداً من خلال تحسين نوعية المياه المبتذلة المعالجة التي تصرف في المياه، من خلال تعديل المعايير البيئية الخاصة بهذه العملية حيث يلزم (قرار وزير البيئة رقم 8/1 – 2001) حماية بعض المواقع الطبيعية، وإعداد مخطط توجيهي لحماية قمم الجبال والمساحات الخضراء، مع الإشارة إلى أن وزارة البيئة تقدمت باقتراح في هذا المجال إلى مجلس الوزراء. كما أعدّ مجلس الإنماء والإعمار مشروع قانون حماية قمم الجبال في عام 2008.
ويقترح وزير البيئة إعداد التدابير اللازمة للحد من الفيضانات أو من تأثيراتها في حال حدوثها، بدءاً بتحديد المناطق المعرضة للفيضانات وإعداد خطط إدارة خاصة بها وقائية وعلاجية، ومكافحة التصحر من خلال التحريج، مع التركيز على استخدام التقنيات الحديثة للتحريج، والتي بينت التجارب التي قامت بها وزارة البيئة أنها تخفف الكلفة بنسب مرتفعة قد تصل إلى 80% (من سبعة آلاف دولار للهكتار الى ١٣٨٧ دولاراً أميركياً للهكتار). ودراسة إمكانية استخدام مياه الفيضانات لتغذية الطبقات الجوفية. وإخضاع جميع المشاريع الاستثمارية لمراسيم تقويم الأثر والالتزام البيئي. وتشريع مبدأ الإدارة المتكاملة للأحواض، مع تطبيق نموذجي على بحيرة القرعون.

يمكنكم متابعة بسام القنطار عبر | http://about.me/bassam.kantar