الثانية والنصف بعد منتصف الليل، تغمض جفون الموظف في وزارة الزراعة د. علي برو بعد يوم طويل من الاستنفار من أجل تحقيق طلب بسيط: خيمة تقي المضرب عن الطعام، نيابة عن الموظفين بمن فيهم عناصر القوى الأمنية، حرّ الشمس ورطوبة الليل. في تلك اللحظة، يستفيق برو على جلبة مصدرها عناصر أمن كانوا يصادرون خلسة خيمة نصبت في ساعات المساء الأولى، بحضور وفد من هيئة التنسيق النقابية.

لم يعترض برو على فعل المصادرة نفسه، بل إنّه رفض التفاوض الذي بدأه أحد الضباط معه منذ الساعة العاشرة، بشأن نقل الخيمة إلى خلف تمثال رياض الصلح. والحجة كانت أن تركيب أي شيء له «أربع أرجل» يحتاج، بحسب القانون، إلى ترخيص.
السبب الرئيسي للرفض، كما يقول برو، هو أن مكان الاعتصام أمام التمثال وتغيير مكان الخيمة يوحي بأنّ هناك اعتصاماً بلا معتصم. ثم يسأل: «كيف يعاقب القانون على نصب خيمة في مساحة عامة ولا يعاقب على نصبها في نقطة ثانية من المساحة نفسها؟».
سبب آخر دفع برو إلى عدم القبول بهذا العرض، وهو وضعه في زاوية معزولة تفوح منها رائحة البول ويكون فيها عرضة للأذى.
وبعدما نقل عناصر الأمن الخيمة، أصرّ برو على النوم تحت التمثال، إلى أن صودرت الخيمة وكتب فيها محضر، بحجة أنّ برو لا يستخدمها. وللمفارقة، فإنّ مثل هذا التعاطي مع اعتصام مطلبي من أجل سلسلة الرتب والرواتب لم يحصل في أثناء التحركات التي نفذتها جماهير قوى 8 آذار و14 آذار حيث نُصبت مئات الخيم في المكان نفسه. هي سياسة الكيل بمكيالين، والصيف والشتاء تحت سقف واحد.
سيحضر موظفو الإدارة العامة، عند الثانية عشرة ظهر اليوم، إلى ساحة رياض الصلح، للتضامن مع اعتصام الأمعاء الخاوية لإقرار السلسلة. هذا ما قرره مجلس مندوبي الرابطة أمس، الذي وافق على توصية هيئة التنسيق بإقفال الإدارات يومي 1 و2 تموز المقبل، على أن تحدد الهيئة الإدارية للرابطة لاحقاً مكانين لاعتصامين في هذين اليومين.