تنطلق الامتحانات في الجامعة اللبنانية اليوم، بحسب إعلان صادر عن رئيس الجامعة وعمدائها، فيما جدد الأساتذة المتعاقدون إصرارهم على الإضراب المفتوح. فهل تستطيع الكليات إنهاء كامل الامتحانات في ظل الإضراب المذكور؟ الأعمال الأكاديمية لم تتوقف في الجامعة اللبنانية، ولم تتأثر كثيراً بإضراب الأساتذة المتعاقدين، الذي تزامن مع انتهاء الفصل الدراسي تقريباً.

إلا أن الطلاب ما زالوا متخوّفين من تأجيل جديد لامتحاناتهم، وهو ما حاول اجتماع أمس بين رئيس الجامعة عدنان السيد حسين والعمداء تبديده عبر تأكيد إجراء الامتحانات في مواعيدها، «حفاظاً على مصلحة الطلاب»، بحسب ما جاء في بيان صادر عن الاجتماع، إذ تقرر استئناف الأعمال الأكاديمية كافة وإنهاء الامتحانات في الكليات المعنية اعتباراً من اليوم، فيما أكّد المشاركون في الاجتماع التزامهم مطالب الجامعة ومتابعتها مع المسؤولين المعنيين، ولا سيما لجهة تأمين استقلالية الجامعة، وتعيين عمداء أصيلين تمهيداً لتشكيل مجلس الجامعة مجدداً، فضلاً عن بتّ تفرّغ الأساتذة في أسرع وقت ممكن. وهذا الالتزام الأخير كان بمثابة رسالة إلى الأساتذة المضربين تفيد بأن أهل الجامعة مع مطالبهم، وسيسعون إلى تحقيقها «بوسائل مختلفة على المستويات كافة لتحصيل حقوقهم كاملة». ونوّه البيان بتفهّم الأساتذة المتعاقدين لدقة الموقف، إلاّ أن لجنة الأساتذة المتعاقدين اعتبرت أنّ ما صدر «لا يعني المتعاقدين». وأعلنت مجدداً «التزامها القاطع والحاسم» بالإضراب المفتوح وعدم تسليم الأسئلة وعدم التصحيح. وأضافت اللجنة في بيان أصدرته عقب بيان رئاسة الجامعة أنها «تحترم الجميع»، إلا أن «أحداً لم يتصل بنا، أو ينسق معنا»، فاللجنة «هي صاحبة القرار بالتنسيق الكامل مع جمعياتها العمومية المفتوحة في كل الفروع الجامعية المصرة على استمرار الإضراب المفتوح».
العمداء لم يناقشوا كيفية إجراء امتحانات المواد التي لم تسلّم أسئلتها بعد بسبب الإضراب. إلا أن المجتمعين اتفقوا على ترك عميد كل كلية ليتعامل مع الوضع في كليته، على قاعدة «الحوار والحفاظ على مصلحة الجامعة»، بحسب ما يقول السيد حسين في اتصال مع «الأخبار»، وأضاف أنه يعرف الأساتذة المتعاقدين «واعين جيداً، ويعرفون مسؤولياتهم»، مؤكداً أنهم «ظُلموا كثيراً»، ولكنه جزم بأنهم «يتفهمون مصلحة الطلاب». وقد أعاد تأكيد دعمه للأساتذة المرشحين للتفرغ، «والملف له أولوية، وتجاهله يؤدي إلى تفريغ الجامعة اللبنانية من كادرها التعليمي»، وقد لمس السيد حسين «أجواءً إيجابية» خلال اليومين الأخيرين، آملاً أن تجد الوعود الرسمية طريقها إلى التنفيذ، وإن لم تأت النتائج إيجابية لمصلحة ملفات الجامعة، فالدعوة ستكون لأهل الجامعة ليتخذوا موقفاً موحداً «دفاعاً عن استقلالية الجامعة الوطنية، بالتعاون والتكامل مع هيئات المجتمع المدني ومتخرجي الجامعة الذين يعدّون بمئات الآلاف».
لجنة الأساتذة المتعاقدين تنفذ اعتصاماً اليوم عند العاشرة من قبل الظهر، بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، وأعربت رئيستها ميرفت بلوط عن أسفها من موقف بعض الأساتذة المتفرغين «الذين وقفنا إلى جانبهم في إضراب الـ 50 يوماً» عندما طالبوا بإقرار سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بالمتفرغين، وقالت إن المتعاقدين لا يطالبون بزيادة الراتب، بل بالاستقرار الوظيفي فقط، وأكدت أن الإضراب المفتوح هو لمصلحة الجامعة ولطلابها، مشيرة إلى أن المتعاقدين شكوا ممارسة بعض المديرين الضغط عليهم لتسليم الأسئلة.


المتعاقدون
شكوا ضغوط بعض المديرين عليهم لتسليم الأسئلة

من جهته، قال رئيس رابطة الأساتذة المتفرغين حميد الحكم إن اتصالات كثيفة تجري لإقرار ملف التفرغ داخل الحكومة، إلا أنه أشار إلى أن الحكومة معطّلة حالياً لأسباب تتعلق بآلية عملها وصلاحياتها، لذا «فإننا ما زلنا مستعدين، حتى الرمق الأخير، لاستخدام جميع الوسائل المتاحة شرط وجود حكومة تعمل». الحكم ركّز أيضاً على حق الطلاب بإنهاء البرنامج الدراسي وإجراء الامتحانات، ولم ينف أنه لا يمكن إنهاء الامتحانات كلها، بسبب عدم تسليم معظم المتعاقدين لأسئلة الامتحانات. وعن الشكوى المتكررة من ضغط بعض المديرين على المتعاقدين، رأى الحكم أن ذلك «مرفوض بتاتاً»، إذ «ممنوع الضغط على أحد»، وأضاف أنّ هناك قنوات يمكن أن يلجأ إليها هؤلاء الأساتذة، مثل رابطة المتفرغين أو مجلس الوحدة في الكلية، وصولاً إلى رئيس الجامعة.
إذاً، قد لا تنجز جميع الكليات امتحاناتها كاملة، وستتأثر كل كلية بحسب نسبة الأساتذة المتعاقدين فيها ومدى التزامهم الإضراب المفتوح ومدى التزامهم عدم تسليم الأسئلة. وعلى أي حال، إن إعلان نتائج الامتحانات في الكليات لاحقاً سيبقى رهناً بعدم مقاطعة التصحيح، أما إنقاذ الجامعة اللبنانية من كل هذا التخبط، فهو رهن بوقف الحكومة سياسة ضرب التعليم العالي الرسمي لمصلحة دكاكين الجامعات الخاصة الموزعة حصصاً على المتنفذين والطوائف.