صباح غد السبت، يغادر البطريرك بشارة الراعي فلسطين المحتلة عائداً إلى بيروت كما دخلها، من طريق الأردن. قبل أن تحط طائرة الكاردينال، انحبست الأنفاس في ترقب للمواقف التي ستستقبل الراعي المنتصر لإرادته وعناده في زيارة الأراضي المحتلة، برغم حملات الرفض والنقد التي تعرض لها. الأنظار تتجه على وجه الخصوص، نحو موقف حزب الله من بكركي الذي بادر هو إلى كسر الجليد معها كرمى للراعي. أما وقد تجاوز الأخير تمنياته وتحذيراته من «تداعيات الزيارة السلبية»، هل يقرر الحزب مقاطعة بكركي مجدداً باعتبار أن الراعي بات نسخة منقحة لخصمهم، سلفه البطريرك نصرالله صفير؟
تنقل مصادر قريبة من حزب الله شعوره بالحرج الشديد عندما رد الراعي وفده برئاسة السيد إبراهيم السيد خائباً على أدراج بكركي، مصراً على حصرية الزيارة للكيان الصهيوني ونتائجها بالإطار الديني والرعوي. علماً بأن الوفد لم يكن الأول، بل سبقته إشارات ثم اتصالات مباشرة أو عبر حلفاء.
الحرج تحول إلى ضيق مساء أول من أمس، عندما صلى الراعي في بلدة كفرناحوم قبالة الحدود الجنوبية المحررة وفي الذكرى الـ14 للتحرير، على نية العملاء وعائلاتهم الذين فروا مع جيش الاحتلال عند تحرير الجنوب، قبل أن يلبي دعوة عشاء في الناصرة. أسباب الحرج بلغت ذروتها بالعظة التي توجه بها إلى العملاء، قائلاً إنهم «ضحايا يدفعون ثمن لعبة دولية وإقليمية ما»، واعداً إياهم باستكمال متابعة قضيتهم في لبنان حتى عودتهم.
في محاولة منه لاستباق ردود الفعل السلبية من فعاليات الزيارة، لفت راعي أبرشية الموارنة المطران بولس مطر في حديث صحافي، إلى تشديد الراعي في الأراضي المقدسة «على حق العودة وإنشاء الدولة الفلسطينية ودعوة المسيحيين للتمسك بأرضهم». لكن هل يرضي هذا التبرير حزب الله وشعب المقاومة؟ المصادر كشفت أن الحزب يجري مشاورات مع حلفائه، ولا سيما المسيحيون، لتحديد نوعية العلاقة الجديدة التي ستربطه بالراعي بنسخته الجديدة. فهو «لا يمكنه أن يسكت كأن شيئاً لم يحصل، كذلك لا يمكنه أن ينقلب ضده بسبب حساسية هذا الأمر» تقول المصادر.
شكل المرحلة المقبلة بين الحزب والراعي، يرتكز على المتابعة الدقيقة لكل محطات الزيارة والشخصيات التي التقاها الراعي والتصريحات التي أدلى بها. في المحصلة، تصبح الاقتراحات بحسب المصادر، مفتوحة لا تنحصر بإصدار بيان نقدي للزيارة، مرجحة أن تصل إلى قرار بمقاطعة بكركي احتجاجاً.
ولا يخفي مسؤولو حزب الله أن عدم مراعاة البطريرك «التوازن اللبناني الدقيق» يحرّر الحزب من مراعاته لهذا التوازن، «خصوصاً في ما يتعلّق بالوقوف عند خاطر بكركي ومواقفها من الاستحقاق الرئاسي».