قبل أيام من الموعد الذي حدده الرئيس نبيه بري للجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تحكم « الضوضاء» فريقي 14 و8 آذار على حدٍّ سواء. إذ لا يبدو أن شيئاً قد حسم حتى اللحظة، في ظلّ إمكانية اصطفافات جديدة يحتّمها طريق الوصول إلى قصر بعبدا. وفي هذا الاطار تقول مصادر نيابية بارزة في 8 آذار: «حسناً فعل برّي بتحديد موعد الجلسة، عندها سنعرف الخيط الأبيض من الأسود، وسيظهر من الجلسة الأولى مدى جدية جميع الفرقاء في مقاربة الملفّ الرئاسي» .
على ضفّة 14 آذار، علمت «الأخبار» أن الرئيس سعد الحريري أوفد، قبل أيام، مدير مكتبه نادر الحريري والنائب السابق غطّاس خوري للقاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وإبلاغه أن «تيار المستقبل لا يعارض ترشّحه للرئاسة، وهناك أجواء داعمة لتبني ترشيحه داخل التيار». لكنّ رئيس القوات استعجل من الموفدَين قراراً من المستقبل بتبني ترشيحه علناً، فدعاه الوفد إلى التمهّل لأسباب عدة، أولها أن «الوقت لا يزال مبكراً، وهناك اتصالات كثيرة محلياً ودولياً»، إضافة إلى أن «النقاش داخل 14 آذار لم يصل إلى نتيجة بعد، وهناك قوى ومرشحون غير مرتاحين لمبادرة رئيس حزب القوات». وأعرب الوفد عن خشيته من انفجار 14 آذار بسبب ترشيحه، ووجود مرشحين محتملين كالرئيس أمين الجميل والوزير بطرس حرب والنائب روبير غانم، ما سيعقد الأمور أكثر.
ولفتت مصادر إلى توجّه الوزير أشرف ريفي إلى السعودية لمزيد من البحث في الملفّ الرئاسي، علماً أن ريفي من أشدّ الداعمين لتبني ترشيح جعجع داخل فريق المستقبل. علماً أن الرياض استقبلت قائد الجيش العماد جان قهوجي أيضاً، وجرى بحث في الملف نفسه. وأوضحت المصادر أن «التيار الأزرق» كان ينتظر إعلان رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ترشّحه للرئاسة، لكن تريّث الأخير أربك المستقبل و14 آذار في آن. ويقول مرجع كنسي إن «الحريري كان أوصى بأن يعفي المستقبل نفسه من موقف حاد في حال ترشّح عون، وأن يسير في توجّه بري والنائب وليد جنبلاط في البحث مع بكركي عن شخصية غير استقطابية لتولي الرئاسة». وتقول مصادر معنية بملفّ الانتخابات إن الفريق الأكثر إرباكاً في ملف الانتخابات هو السعودية والحريري، إذ أن« المرشح المفضّل غير ممكن، لأنه مرفوض من قبل حزب الله وإيران، كما أن هناك مشكلة مع بكركي لم تحلّ، اضافة إلى زحمة المرشحين داخل 14 آذار، خصوصاً مع خروج أصوات داخل فريق المستقبل، كالرئيس فؤاد السنيورة، تقول إنه لا يوجد سبب لعدم ترشيح شخصية مارونية محسوبة على المستقبل كروبير غانم أو غطاس خوري ».
بري: عون مرشحاً
وحيداً في قوى 8 آذار وفي الفريق الآخر
هناك مرشحون


أما في ما خصّ ترشيح الجميّل، فتقول مصادر في قوى 14 آذار، إن «الجميّل قد يكون يمارس ابتزازاً بتسريب خبر ترشيحه من دون إعلانه رسمياً، للحصول على مكاسب سياسية أكبر، أو ربما يترك أمر إعلان ترشيحه رسمياً إلى حين اتضاح الصورة، واستبعاد إمكانية وصول عون وجعجع إلى الرئاسة».
وعلى ضفّة 8 آذار، لا يزال النائب عون في انتظار موقف الحريري ومن خلفه السعودية في ما خصّ ترشيحه. وفيما أكد مصدر مقرّب من حزب الله لـ«الأخبار » أن «الحزب يدعم عون، ويأمل أن يحظى بدعم وتوافق جميع القوى القوى المؤثرة دولياً وإقليمياً»، لفت الى أن «السعودية غير متحمسة حتى الآن لتبني ترشيحه، بسبب رغبتها في إبقاء الأمور على حالها لناحية الضعف التمثيلي للرئيس لدى المسيحيين، ولأن عون ليس مطواعاً لا عندها ولا عند القوى الدولية».
لكن شخصيات في 8 آذار لا تخفي انتقاداتها للتيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل، على خلفيّة الاصطفاف الذي حصل حول سلسلة الرتب والرواتب. وقالت مصادر في هذا الفريق لـ «الأخبار» إن «ما فعله باسيل في مؤتمر القمّة العربية في الكويت لناحية تبنيه أفكارا كان سبق للسنيورة أن طرحها في قمّة السودان، أمرٌ مقلق، يضاف إليه مسألة عدم اعتراضه في القمة العربية على البند المتعلّق بحقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين». وتطرح المصادر أسئلة عن احتمال أن يكون «عون يتعرض لابتزاز سعودي من قبل فريق المستقبل من الآن وحتى الانتخابات»، مبديّة خشيتها من «انعكاس ذلك على مواقف عون من المسائل الرئيسية ».
من جهته، رأى الرئيس بري أن المناخات السياسية القائمة لا تشعره بأن جلسة الاربعاء المقبل ستؤدي إلى انتخاب الرئيس الجديد «لأن الجو ليس ناضجاً تماماً حتى الآن. الا أن علينا الانتظار حتى الاربعاء المقبل فربما تحصل تطورات». وأشار بري امام زواره أمس إلى انه سيدعو كتلته النيابية للاجتماع عشية الجلسة لمناقشة قرارها في ضوء ما سيكون عليه الوضع كي تقرر الكتلة مرشحها للرئاسة. ولاحظ «ان هناك مرشحاً واحداً في قوى 8 آذار هو النائب ميشال عون الذي حجب سائر المرشحين داخل هذا الفريق، بينما في الفريق الآخر هناك مرشحون». واوضح بري انه سيفتح الجلسة عند اكتمال نصاب الثلثين لبدء الاقتراع فإذا انتخب رئيس من الدورة الأولى انتهى الأمر، وإلا فإن هناك دورة ثانية وثالثة وربما أكثر، «وإذا اقترح علي رفع الجلسة للتشاور داخل القاعة افسح في المجال من دون ختم المحضر. وإذا طلب مني التأجيل لبضعة أيام أو فقد النصاب فإنني سأختم المحضر وأدعو إلى جلسة ثانية تبدأ من الدورة الثانية للاقتراع لكن بنصاب الثلثين دائما».
وفي السياق، رأى رئيس الحكومة تمام سلام بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي ان «الإستحقاق الرئاسي هو الإستحقاق الأكبر». وأعرب عن «تفاؤله بما سيحصل في الأسابيع المقبلة»، معتبراً ان «ما من سبب يمنع حصول الإنتخابات الرئاسية، وإن حصلت في آخر لحظة تسويات لإنجاز هذا الإستحقاق».
من جهة أخرى، أشاد نائب «الجماعة الاسلامية» عماد الحوت ببرنامج جعجع الرئاسي، معتبراً أنه «برنامج شخص حريص على بناء الدولة ويسعى ان يكون رئيساً لكل اللبنانيين، وليس لفريق معين». وقال في حديث إذاعي: «مجموع النقاط في برنامج جعجع تجعل منه مرشحاً جدياً لكل اللبنانيين».