كشفت صحيفة «هآرتس» أمس عن حالة غضب تتملك البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية بسبب «الحيادية» التي تنتهجها إسرائيل في مسألة شبه جزيرة القرم. وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في الإدارة الأميركية أعربوا عن خيبة أملهم الكبيرة من غياب الدعم الإسرائيلي للموقف الأميركي بشأن الأزمة الأوكرانية، ومن تصريحات إسرائيلية وضعت علاقات تل أبيب بكل من واشنطن وموسكو على قدم سواء.
ونقلت «هآرتس» عن مسؤول أميركي قوله إن أحد أسباب غضب البيت الأبيض هو غياب إسرائيل عن التصويت على إدانة الغزو الروسي لشبة جزيرة القرم الذي جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أسبوعين. وقال المسؤول «كنا متفاجئين جداًَ بأن نرى إسرائيل لم تنضم إلى معظم دول العالم التي صوّتت لمصلحة الحفاظ على سلامة أراضي أوكرانيا».
وتعليقاً على ذلك، قال مسؤول إسرائيلي للصحيفة إن غياب تل أبيب عن التصويت جرى النظر إليه في العالم على أنه خطوة شاذة جداً وانحراف عن السياسة الإسرائيلية بالتصويت في الأمم المتحدة إلى جانب الولايات المتحدة في كل المواضيع. وأشار المسؤول إلى أنه حينما طلبت الولايات المتحدة توضيحات بشأن الموقف الإسرائيلي، ردّت تل أبيب بأن غيابها سببه إضراب موظفي وزارة الخارجية الذي كان قائماً في تلك الفترة. إلا أن الأميركيين، بحسب الصحيفة، لم يتقبّلوا هذا العذر، خصوصاً أنه لم يتم إعلامهم مسبقاً بما سيحصل.
وأردف المسؤول الإسرائيلي «الإضراب كان حلاًَ منمّقاً لمعضلتنا. لكن حتى لو لم يكن هناك إضراب، فقد كان يوجد احتمال كبير بألا تصوّت إسرائيل مع الولايات المتحدة».
ألغى نتنياهو زيارة
لروسيا للاحتفال العلاقات الثقافية بين البلدين


وعلى ذمة الصحيفة، فإنه في حين اعتبر الأميركيون السلوك الإسرائيلي نكراناً للجميل من جانب تل أبيب، خصوصاً في ضوء الدعم الحازم الذي تعطيه واشنطن لها في الأمم المتحدة، رأى الكرملن والإعلام الروسي فيه دعماً لموسكو، أو على الأقل عدم معارضة لغزو أوكرانيا.
وإضافة إلى الغياب عن التصويت، فإن هناك سبباً آخر للغضب الأميركي من إسرائيل، ويتمثل في سلسلة التصريحات التي وردت على لسان كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، التي لم تتضمن أي تأييد للولايات المتحدة. ومن هذه التصريحات ما قاله ليبرمان قبل أيام، وجاء فيه «لدينا علاقات ثقة مع الأميركيين والروس وتجربتنا مع الجانبين إيجابية جداً».
وأشارت «هآرتس» إلى أنه لدى قراءة مسؤولين في الإدارة الأميركية لهذه التصريحات ازداد غضبهم، خصوصاً أن ليبرمان وازى بين علاقات إسرائيل مع كل من الولايات المتحدة، التي تمد إسرائيل بدعم سياسي دائم ودعم مالي مقداره ثلاثة مليارات دولار سنوياً، وروسيا التي تزوّد أعداء إسرائيل بالسلاح وتصوّت ضدها غالباً في الأمم المتحدة.
ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل تواجه معضلة سياسية صعبة في ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، وهي ممزقة بين تحالفها مع الولايات المتحدة وخشيتها من ردّ روسي قاسٍ ضد مصالحها. ونقلت «هآرتس» عن مصدر إسرائيلي رفيع قوله إن نتنياهو جمّد زيارة كانت مخططة لسان بطرسبورغ في 16 حزيران المقبل للمشاركة في المناسبة التي بادر إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للاحتفال بالعلاقات الثقافية بين إسرائيل وروسيا. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن مكتب نتنياهو اتخذ قراراً يقضي بوجوب استحصال أي جهة في إسرائيل على إذن سياسي مسبق للقيام بأي نشاط مشترك مع الروس، وفي هذا الإطار تم تجميد اجتماع كان مقرراً على مستوى رفيع بشأن مكافحة الإرهاب.
وأوضح المسؤول أن «قدرة الروس على إلحاق ضرر في المواضيع المهمة لنا مثل إيران وسوريا كبيرة، ولذلك نحن نتصرف بحذر. ما شأننا بهذه المواجهة في أوكرانيا». وفي تعليق رسمي إسرائيلي وحيد على ما ذكرته «هآرتس»، رأى رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، أن لإسرائيل مصالح أمنية خاصة بها تملي عليها سياستها في هذا الموضوع.
وقال غلعاد في مقابلة مع إذاعة الجيش إن «إسرائيل تنظر إلى النزاع الأوكراني وتسجل لديها كل ما يحصل وتركز على قضايا الأمن القومي التي تؤثر في حاضرنا ومستقبلنا».