يبدو واضحاً أن الالتزام العلني لرئيس البيت اليهودي ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت، القاضي بالاستقالة من الحكومة في حال تحرير أسرى من فلسطينيي 48، يفترض أن يدفع شركاءه في الحكومة إلى التعامل مع موقفه، كما لو أنه قرار من الصعب الرجوع عنه. لكن مفاعيل هذا التهديد مرتبطة بتقديرهم لجدية تنفيذه عند الاختبار العملي، وبمدى قدرة بنيامين نتنياهو على توفير بديل يعيد للحكومة الأغلبية النيابية في الكنيست، التي ستفقدها نتيجة الانسحاب المفترض للبيت اليهودي.
في ما يتعلق بجدية بينيت، يوجد انطباع غالب بأنه لن يجرؤ على هذه الخطوة، وخاصة في مقابل صفقة تتضمن إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، القابع في السجون الأميركية منذ نحو ثلاث عقود، فضلاً عن أن الانطباع الجماهيري العام قد لا يستسيغ الذهاب نحو انتخابات عامة لم يمض عليها أكثر من 15 شهراً، فيما بالكاد تتجاوز الحكومة العام الأول من عمرها، وهو أمر يفترض أنه حاضر لدى القيادات السياسية الإسرائيلية.
في ما يتعلق بالبدائل، يحضر نظرياً، حزب العمل، والأحزاب الحريدية، شاس وكتلة يهدوت هتوراة، كأحزاب يمكن أن تحل بديلاً من البيت اليهودي. لكن من المستبعد أن توافق الأحزاب الحريدية على الانضمام إلى حكومة نتنياهو، إلا في حال استعداد الأخير لتعديل قانون التجنيد في الجيش الذي فرض عليهم صيغة ما للتجند. وهو أمر مستبعد أن يقدم عليه حالياً، وخاصة أن هذه الخطوة ستفجّر خلافاً إضافياً مع شريك آخر في الحكومة، هو رئيس «يوجد مستقبل» يائير لابيد، الذي رفع راية المساواة في عبء التجنيد.
أما لجهة حزب العمل، بالرغم من تأكيد مقربين لرئيسه يتسحاق هرتسوغ أنه يفضل الانتخابات على الانضمام إلى نتنياهو، فمن الصعب جداً الموافقة على سيناريو يرفض فيه حزب العمل تقديم الغطاء لحكومة اتجهت نحو التفكك على خلفية توصل رئيسها إلى صيغة اتفاق تسمح بتمديد المفاوضات مع الفلسطينيين. لكن متطلبات اللعبة السياسية قد تفترض مزيداً من المناورة والابتزاز قبل الموقف النهائي، وخاصة أن العمل يريد أن يوضح لنتنياهو أنه ليس مضموناً في جيبه، وبشكل تلقائي.
من جهة أخرى، في ظل المواقف المتضاربة، والخلفيات التنافسية التي تبقى حاضرة في مثل هذه القضايا، يبقى لنتنياهو حساباته واعتباراته التي تدفعه إلى التمسك بخيار العمل على اتفاق يسمح بتمديد المفاوضات إلى العام المقبل، وخاصة أنه يحتاج إلى صورة من يحاول استنفاد السبل للتوصل إلى المفاوضات، بما يخدمه في مواجهة اليوم الذي يلي فشلها. كذلك إن نتنياهو يحرص، كما الكثير من القادة الإسرائيليين، على أن يسجل في سيرته السياسية إنجاز إطلاق سراح جوناثان بولارد. هذا إلى جانب أن تمديد المفاوضات يسهم في تأجيل العديد من الاستحقاقات إلى حين انجلاء مسارات متعددة في المنطقة، وتحديداً ما يتعلق بالمفاوضات النووية بين إيران والسداسية الدولية، وما سيترتب عليها من توازنات وتداعيات سياسية إقليمية.
بموازاة ذلك، تحضر حقيقة أن المواقف المتطرفة داخل حكومة نتنياهو، قد تخدمه في المناورة بمواجهة مطالب السلطة الفلسطينية، وفي مقابل ضغوط أميركية مفترضة، بذريعة أن بعض صيغ الاتفاق قد تؤدي إلى إطاحة حكومته. ويبدو أن مؤشرات هذا التوظيف قد برزت من خلال مطالبة الوفد الإسرائيلي بنفي الأسرى الفلسطينيين ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية، و/أو سحبها.
في كل الأحوال، يبقى أن جانباً أساسياً من المسار السياسي الداخلي الإسرائيلي، مرتبط أيضاً بالسقف الذي ستلتزمه السلطة الفلسطينية في مواقفها، وما إن كانت ستصر حتى النهاية على رفض الشروط الإسرائيلية المتصلة بأسرى الداخل الفلسطيني، وأيضاً بالتوسع الاستيطاني.
في هذا السياق، ما يثير التساؤل هو أن قضية تجميد الاستيطان، لم تحتل مكانها الملائم في السجال الداخلي الإسرائيلي الحالي، وتحديداً عندما حدد حزب البيت اليهودي، الأسباب التي قد تدفعه إلى الاستقالة وركز فيها على تحرير أسرى من فلسطينيي 48، في حين أن أبرز ما يميز خطه الايديولوجي والسياسي، تشدده في قضايا الأرض والاستيطان. مع الإشارة إلى أن البيت اليهودي وافق قبل أكثر من ثمانية أشهر، على تحرير أسرى ما قبل أوسلو، بدلاً من تجميد الاستيطان، كشرط لاستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية التي ينتهي موعدها في التاسع والعشرين من الجاري.
وبناءً عليه، هل هناك توافق ما داخلي إسرائيلي بشأن هذه القضية؟ وبالتالي ما هو موقف السلطة في هذا المجال؟ أم أن بينيت وغيره من المتطرفين ليسوا على علم، كما أكدت مصادر سياسية، بما يجري في المحادثات؟ أم أن إسرائيل ـ في مقابل بولارد ـ مستعدة لدفع أثمان على مستوى تحرير أسرى، وأيضاً تجميد ما للاستيطان؟
إلى ذلك، الواضح حتى الآن أن الأزمة الائتلافية ما زالت مجرد سيناريوات على الورق، وتصريحات يطلقها هذا المسؤول أو ذاك. وبحسب بعض التقارير الإعلامية، يفضل المستويان الحزبي والسياسي الانتظار إلى ما بعد عيد الفصح. لكن وزير الخارجية، رئيس إسرائيل بيتنا، افيغدور ليبرمان، اختار الظروف السياسية الحالية، لإعلان خياره في الانتخابات المقبلة، مؤكداً في مقابلة مع «يديعوت أحرونوت»، أنه قرر إنهاء التعاون مع حزب الليكود، وعدم التنافس في ما بينهما في الانتخابات المقبلة. مع ذلك، استخف ليبرمان بالتهديدات التي أطلقها بينيت، بالاستقالة من الحكومة، داعياً إياه إلى أن «على من يريد الاستقالة القيام بذلك، لا التهديد». وفي ضوء ذلك، استبعد ليبرمان أن يقدم بينيت على ذلك، موضحاً: «أنا أرى فارقاً كبيراً لديه بين التصريحات والأعمال، والحقيقة أن تهديداته لا تترك تأثيراً بنا». أما بخصوص موقفه من أصل الدعوة إلى إجراء انتخابات في هذه المرحلة، فحذر ليبرمان من هذا المسار، ودعا إلى التفكير جيداً في هذه الخطوة، لأنها لا تصب في المصلحة القومية الإسرائيلية. لكن ماذا لو فاجأ بينيت الآخرين بالاستقالة فعلاً من الحكومة؟ أوضح ليبرمان أنه سيفضل التوجه إلى الانتخابات، لا تشكيل ائتلاف آخر. أما في ما يتعلق بقضية إطلاق سراح «العرب الإسرائيليين»، أعلن ليبرمان أنه سيصوت شخصياً ضد هذا القرار، فيما سيمنح وزراء حزبه حرية التصويت، وهو ما يعني عملياً شق الطريق أمام تحقيق غالبية مؤيدة للصفقة.
وكجزء من سياسة تحسين صورته، انتقد ليبرمان الذين يهاجمون وزير الخارجية الأميركي جون كيري، واصفاً إياه بالصديق الحقيقي لإسرائيل، داعياً من لا يعرف سيرته الذاتية على مدار 30 سنة، إلى أن يدخل «غوغل» ويقرأ عنه.
ورأى ليبرمان أن إسرائيل ستتوصل خلال السنوات الخمس القادمة إلى اتفاقيات سلام مع غالبية الدول العربية المعتدلة، مستنداً في ذلك إلى أنهم «لأول مرة يفهمون أن مشكلتهم ليست إسرائيل أو اليهودية والصهيونية، بل إيران وحزب الله والقاعدة».




إسرائيل تستولي على أراض جديدة في الضفة الغربية

قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس إن إسرائيل استولت على أراض جديدة في الضفة الغربية المحتلة في خطوة قد تعقد الجهود الرامية لتمديد محادثات السلام المتعثرة مع الفلسطينيين.
وأضافت الصحيفة أن وزارة الدفاع أعلنت ما يقرب من 250 فداناً من الأراضي في تكتل جوش عتصيون جنوبي القدس «أراضي حكومية». وقالت الصحيفة إن عملية الاستيلاء هي الأكبر منذ سنوات وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى توسيع عدة مستوطنات وإعطاء ترخيص لموقع استيطاني شيد بدون موافقة الحكومة الإسرائيلية عام 2001.
ويستند الإجراء الذي لم يصل إلى حد ضم هذه الأراضي لدولة إسرائيل على تفسير إسرائيلي لقانون ابان الحكم العثماني يجيز مصادرة مساحات من الأراضي ظلت لسنوات متتالية بدون زراعة أو فلاحة.
وأشارت الصحيفة إلى أن القرار تم إبلاغه لشيوخ القرى الفلسطينية القريبة الاسبوع الماضي وإن أمامهم 45 يوماً للاستئناف.
واتهمت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي(الصورة) إسرائيل بمحاولة نسف فرص السلام من خلال «تصعيد هستيري» للأنشطة الاستيطانية.
وقالت عشراوي لوكالة «رويترز» إن «هذا هو الوجه الحقيقي للحكومة الإسرائيلية..هذه حكومة معادية للسلام تقوم بخطوات خطيرة جدا لها أبعاد إستراتيجية.»
(رويترز)