أسبوع مرّ على بدء تنفيذ الخطة الأمنية في طرابلس. كل المؤشرات على الأرض تعطي انطباعاً بأنها تترسخ يوماً بعد آخر، مع أن كثيرين يرون أن ما جرى«تسوية» وليس «خطة أمنية». ورغم أن صواعق التفجير لم تنزع، وأبرزها توقيف المطلوبين ومصادرة مخازن الأسلحة، أكدت مصادر سياسية أن الخطة لن تتعرّض في المدى المنظور لأي انتكاسة، مستندة إلى أمرين: الأول، صدور استنابات قضائية في حق النائب السابق علي عيد ونجله رفعت وقادة محاور في جبل محسن.

هذا الأمر جعل أكثر من قائد محور ومطلوب في باب التبانة والقبة والمنكوبين وسواها، يتأكد أن رفع الغطاء عن عيد ونجله، يعني أنه لن يبقى غطاء فوق رأس أحد. أما الأمر الثاني، فيتعلق بمواقف تيار المستقبل الإيجابية من الخطة، التي تمثلت بداية في دعوة الرئيس سعد الحريري الجيش إلى دخول منطقتي باب التبانة وجبل محسن و«فك رقبة» المسلحين والمطلوبين، والتي ترجمت عملياً على الأرض بعد عودة التيار الأزرق إلى السلطة، وتحديداً عبر وزير العدل أشرف ريفي الذي كانت له اليد الطولى في الدفاع عن قادة المحاور ودعمهم. لكن ما حصل في اليومين الماضيين جعل الأمور تنقلب رأساً على عقب، بعدما وصف ريفي جولات القتال والاشتباكات في مدينة طرابلس بأنها «حالة شاذة». ورأى أن «الناس سبقونا في التلاقي، وكنا نعتقد أن الموضوع سيأخذ أسبوعاً أو عشرة أيام حتى يلتقي الناس بعضهم بعضاً، ولكنهم خلال ساعتين سبقونا بكثير»، في وقت كانت فيه أوساط المستقبل تصف انفتاح المناطق على بعضها، وإجراء مصالحات عفوية وشعبية، بأنها «مفبركة». وسط هذه الأجواء خرجت تظاهرة خجولة في باب التبانة، أول من أمس، يتقدمها بعض قادة المحاور والمسلحون المطلوبون للقضاء، احتجاجاً على توقيف الجيش وقوى الأمن الداخلي أشخاصاً صادرة في حقهم مذكرات توقيف، ومطالبين بعفو عام يشملهم. لكن الجيش تحرّك ميدانياً، بعدما أبلغ من يعنيهم الأمر، أنه لن يتهاون مع أي إخلال بالخطة الأمنية من قبل أي طرف، وأن مراعاته المطلوبين للقضاء، لأسباب سياسية، بأن أمهلهم فترة زمنية للفرار، لا يعني أبداً أن يتصرفوا وكأن شيئاً لم يكن. وما كادت تمضي ساعات على تظاهرة باب التبانة، حتى أوقف الجيش عمار علي عبد الرحمن مسؤول محور جبل محسن ـ ريفا، وجلال حسن حجي قائد محور حارة البرانية ـ جبل محسن، وقائد محور البقار خالد عبد السلام شيخو، وذلك في أول عملية توقيف لقادة المحاور المطلوبين، ووصفت في طرابلس بأنها «نفذت وفق قاعدة 6 و6 مكرر، منعاً لاستغلال البعض لها». لكن الجيش لم يتوقف عند هذا الحد؛ إذ بعد دهمه مخزناً للسلاح في حي الأميركان في جبل محسن، دهم مخازن أسلحة في حارة البرانية وسوق القمح. وبلغت الإثارة ذروتها عندما أشيع أن الجيش يتجه إلى توقيف قائد محور حارة البرانية وسوق القمح زياد علوكي، بعدما دهم أماكن وجوده في المنطقتين، إضافة إلى دهم منزله في شارع لطيفة في الزاهرية، من دون أن يعثر عليه. وأوضحت المصادر أن «الارتياح الكبير الذي تركته الخطة الأمنية لدى المواطنين الذين استعادوا حياتهم الطبيعية في المدينة، وخفوت أغلب الأصوات التي تدافع عن قادة المحاور والمسلحين، سيجعل الجيش يتحرّك بحريّة وبدعم سياسي وشعبي أوسع، لضبط الأمن ومنع انفلاته مجدداً، ولو اقتضى ذلك استخدامه القوة والضرب بيد من حديد، كما كان يطالبه كثيرون في السابق».



السيّد: صقر يتعمّد إضعاف خطة طرابلس

رأى المدير العام الأسبق للأمن العام اللواء جميل السيد «أن المدعي العام العسكري صقر صقر الذي سبق له أن أفرج، خلافاً للقانون، عن جميع موقوفي باخرة تهريب السلاح لطف الله (2)، يتعمد اليوم إضعاف الخطة الأمنية في طرابلس من خلال قرارات قضائية ذات طابع سياسي، وليس آخرها ادعاؤه على رئيس الحزب العربي رفعت عيد بالانتماء الى تنظيم إرهابي مسلح وإثارة النعرات الطائفية، علماً بأنه لا أحد، قد سمع سابقاً بوجود تنظيم إرهابي علني أو سرّي يتزعمه رفعت عيد». ورأى السيد في بيان صادر عن مكتبه أن صقر «تعامى كلياً عن الوقائع (...) من أن رفعت عيد وحتى قادة المحاور في التبانة قد جرى استدراجهم الى تلك المواجهة ولم يكونوا أبداً ممن أثاروا النعرات الطائفية أو التحريض ضد الجيش اللبناني من على شاشات التلفزة يومياً، لا بل إن تصريحاتهم لا تقارن حتى بمواقف التصعيد والتحريض التي اعتمدها النائبان خالد الضاهر ومعين المرعبي وآخرون، بمن فيهم من أصبح وزير العدل الحالي اللواء أشرف ريفي».