في 7 كانون الأول الماضي، خدّرت الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية مدرّسيها بـ«وعد شرف» يقضي بدفع جزء من رواتبهم المتأخرة 7 أشهر. سمع المعلمون من إدارتهم كلاماً مفاده أن الجمعية موعودة بمبلغ مالي قدره 5 ملايين دولار ستكون حتماً مخصصة لمستحقاتهم. يومها، علّق التخدير إضراباً دام أسبوعين، وعاد المدرّسون إلى صفوفهم إما رضوخاً للضغط من باب «الأملية» بعدم تعطيل الدروس على تلامذتهم ـــ أولادهم، أو من باب الخوف من تهديدهم بأنّ تقرير تقويم سيرفع بحقهم وسيؤثر على استمراريتهم في العمل.
ورغم أن «الغصّة وصلت إلى الحلق»، بحسب تعبيرهم آنذاك، أبدى المعلمون حسن نية بمعاودة مزاولة عملهم، إلا أنّ جيوبهم بقيت فارغة إلا من بدلات النقل عن عام 2010!
هذا كل ما دفعته الجمعية حتى الآن، تقول إحدى المعلمات. تشرح كيف أننا «وافقنا على إمرار امتحانات منتصف السنة، لكننا علّقنا النتائج وبدأنا إضراباً جديداً منذ الاثنين الماضي». وتلفت إلى أن معظم المعلمين يقاطعون الدروس، مشيرة إلى أنّ «هناك بعض المعلمين المحظيين الذين ينالون رواتبهم بانتظام، وإن كانوا قلّة».
المُضربون هذه المرة ليسوا معلمي مدرستي البنات والصبيان فحسب، وإنما أيضاً أساتذة الثانوية التابعة للجمعية وقد لاقوا دعماً من منسقي المواد، بحسب المعلمة، بعدما وقف هؤلاء ضدهم في المرات السابقة. لن يدخل المعلمون إلى القاعات الدراسية قبل نيل كل حقوقهم، أو هكذا على الأقل ما تعهدوا به. سيتابعون قضيتهم بالقنوات القانونية وفي اتجاهات متعددة، أي على خط الجمعية ووزارة التربية «اللتين سنوجه لهما كتاباً مفصلاً بما حصل معنا» وعلى خط نقابة المعلمين، إذ «قررنا الانتساب جميعاً إلى النقابة، وهو أمر لم يكن حاصلاً في السابق».
لا يزال خيار الاستقالة مستبعداً لضمان عدم خسارة الحقوق «ليس في مصلحتنا أن نستقيل لكون الجمعية لا تدفع ما في ذمتها لصندوق التعويضات منذ سنوات، وقد طاول المتوجب عليها حتى الآن نحو 8 ملايين دولار»، علماً بأنّها لم تتوقف عن اقتطاع 6% من رواتب الأساتذة، كمساهمة للصندوق.
أمس، زار رئيس الجمعية محمد يوسف بيضون المعلمين المضربين في مدارسهم، حيث نقلوا عنه قوله «ما معي مصاري لا هلق ولا بعدين، روحوا تشكّوا عليّ عند الدرك، أحاول أن ألملم من هنا وهناك لأدفع لكم رواتبكم، لم أستطع أن أحصل على أموال من متخرجينا الشيعة الذين يقابلون الحسنة بالسيئة وهم ليس لديهم ثقافة العطاء، في حين أن أبرز المتبرعين للجمعية هم من أهل السنّة؛ وفي مقدمهم الرئيس الراحل رفيق الحريري والوزير عدنان القصار».
بيضون يقول لـ«الأخبار» إنّ الجمعية تمر في أحلك الأوقات، إذ يلامس العجز السنوي مليون دولار أميركي نحاول أن نغطيها من بيع العقارات المملوكة من الجمعية. ويشير إلى أنّه «لدينا في ذمة الدولة أموال كثيرة لا تدفعها، وهي عبارة عن بدلات إيجارات مبان لمؤسسات حكومية هي ملك الجمعية، كذلك فإنّ المتخرجين المتمولين لا يلتفتون إلى جمعيتهم التي كانت سباقة في تعليم الطلاب الشيعة ورعايتهم منذ 1927. كل ذلك يضطرنا إلى الاستدانة من المصارف». يؤكد أن «الظرف صعب جداً وسنؤمن كل الحقوق للمعلمين الذين نطالبهم بأن يصبروا علينا قليلاً فور استعادة مستحقاتنا من الدولة، وسنتمكن من تسديد المبالغ المستحقة علينا لصندوق التعويضات ومستحقات الضمان منذ عام 2005». لكن الرواتب تأخرت 7 أشهر، وبعض المعلمين لا يملكون بدلات الانتقال من المدرسة وإليها؟ يجيب: «لا، ليس الوضع بهذا السوء، فنحن نحاول أن نمرر لهم من وقت لآخر راتب شهر».