أعلنت مجموعة واتسآب في تغريدة نشرتها على حسابها على موقع «تويتر» قرابة الساعة 23,00 بتوقيت غرينتش، أن «خدمات واتسآب عادت. عذراً على فترة توقفها». وأعقبت هذه التغريدة أخرى نشرتها المجموعة قبل ساعات من ذلك، وأعلنت فيها حصول خلل طرأ على عمل الخادم، من دون أن توضح طبيعة هذا الخلل. وقالت واتسآب في تغريدتها الأولى: «للأسف، نواجه حالياً مشاكل في الخادم. نأمل أن يعود كل شيء إلى طبيعته سريعاً». وخلال فترة العطل تعذر على مستخدمي واتسآب إرسال رسائل عبر هذه الخدمة أو استقبالها.
ولم توضح واتسآب متى تحديداً طرأ العطل ولا حددت سببه. كذلك، لم تعلن عددَ الدول التي تعطلت فيها خدمتها. وبحسب موقع «تيكرانش دوت كوم» المتخصص، فإن العطل ناجم على الأرجح عن عدم استعداد خوادم واتسآب لاستيعاب دفق كبير من المستخدمين.
واشترى فيسبوك مجموعة واتسآب الأربعاء مقابل 19 مليار دولار (نقداً وأسهماً)، وهو يطمح إلى أن يضاعف عدد مستخدميها البالغ حالياً 450 مليون مستخدم حول العالم.
وذكر الحساب الرسمي الخاص بتطبيق Telegram للتراسل الفوري عن تسجيله مليوناً و800 ألف مستخدم جديد يوم السبت الماضي. وأكدت الشركة المطورة أنها تقوم الآن بإعداد «أجهزة خادم» إضافية استعداداً لاستقبالها المزيد من الضغط على الخدمة جراء الإقبال الكبير الذي تشهده حالياً. وأشارت الشركة إلى أن التطبيق يشهد 100 عملية تسجيل في الثانية الواحدة! ويبرهن هذا الإقبال على تطبيق Telegram، عن عدد الأعداء الذين ينفرون من ميول فيسبوك لاستغلالهم إعلانياً، ورغبة ملايين المستخدمين بالهروب من أي تطبيق يستحوذه عملاق التواصل الاجتماعي.
وفي السنوات الأخيرة، تصارعت مجموعة من تطبيقات التراسل الفوري من أجل الهيمنة العالمية وتفاخر بعضها بتقديم مزايا متنوعة إلى جانب الاتصالات مثل التسوق الإلكتروني والألعاب. لكن مارك زوكربرغ الرئيس التنفيذي لموقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، قرر الأسبوع الماضي شراء واتسآب الذي قد يكون أبسط تطبيقات التراسل من حيث المزايا والذي يحقق إيرادات لا تذكر. وقد يتبين في نهاية المطاف أن زوكربرغ اتخذ قراراً استراتيجياً ذكياً؛ إذ إنه سيقصي منافسه غوغل عن هذه الظاهرة الناجحة وسيكسب أعداداً هائلة من المستخدمين وبياناتهم في الأسواق الناشئة.
يحقق تطبيق واتسآب إيرادات قدرها 20 مليون دولار فقط سنوياً، بحسب بيانات فوربس. وبافتراض وصول عدد المستخدمين إلى مليار مستخدم بحلول عام 2016 كما توقع بعض خبراء القطاع والحصول على رسوم قدرها دولار واحد سنوياً من كل مستخدم - وهو أمر مستبعد - فإن ثمن الصفقة يعادل 34 ضعف الإيرادات المتوقعة لعام 2016 بزيادة 21 بالمئة على قيمة فيسبوك التي تعادل 28 ضعف الإيرادات المتوقعة لعام 2016.
وقال براين ويزر المحلل لدى شركة بيفوتال ريسرش: «تستطيع أن تبرر شتى الأرقام إذا أردت. لكن في الطريق إليها تتجاهل مخاطر محتملة. لا يمكن أن تكتفي بالقول إنها إضافة استراتيجية عظيمة. قضي الأمر».
وتحيط الشكوك بفرص واتسآب في توليد الإيرادات بعد أن استبعد زوكربرغ والرئيس التنفيذي لواتسآب جان كوم استخدام الإعلانات كمصدر للإيرادات. وقال كوم إنه يعطي أولوية لتطوير وظيفة التراسل الأساسية، بالرغم من أن التطبيقات المنافسة توسعت في مجالات أخرى.
وقال إريك سيتون مؤسس تطبيق تانغو المنافس الذي يقدم خدمة التراسل وإلى جانبها الألعاب وإمكانية تبادل الأغاني من خلال خدمة سبوتيفاي: «إنهم ثابتون، بينما يتغير المشهد».
وقال زوكربرغ وكوم في مؤتمر عبر الهاتف يوم الأربعاء إنهما سيركزان على زيادة عدد المستخدمين، لا على توليد الإيرادات. وقال كوم إنه يريد تحسين الجوانب «غير الجذابة» في واتسآب، مثل توصيل الرسائل وثبات التطبيق واستهلاكه للبطارية بدلاً من إدخال تعديلات جديدة براقة.
وقال جيم غاتس الشريك في سيكويا كابيتال والعضو الوحيد في مجلس إدارة واتسآب من خارج الشركة إن موقف كوم في ما يتعلق برفض الإعلانات والحفاظ على بساطة التطبيق هو تحديداً ما حقق النمو الهائل في عدد المستخدمين.
وقال غاتس في مقابلة: «منهجه كان له أثر هائل على تطور الشركة». وأضاف: «إنه أكبر تطبيق لاتصالات الهاتف المحمول، ولم تنفق الشركة سنتاً واحداً على التسويق». وحتى إذا لم يُسهم واتسآب على الفور في تعزيز إيرادات فيسبوك، فإنه يضيف قيمة استراتيجية لا تنكر لأكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم. وتحمي الصفقة شركة فيسبوك من المنافسين المحتملين الذين قد يشكلون خطراً عليها بشكل مستقل أو كوحدة تابعة لشركة منافسة مثل غوغل.
وتوسع الصفقة أيضاً قاعدة فيسبوك؛ إذ إن واتسآب الذي استقطب 450 مليون مستخدم ويضيف مليون مستخدم جديد يومياً يحظى بالانتشار في أوروبا والهند وأميركا اللاتينية وأفريقيا، وهي أسواق استثمرت فيسبوك فيها في السنوات الأخيرة لتحقيق الانتشار.
وتقول شركة غانا للتسويق والأبحاث إن 55 بالمئة من إجمالي المشاركين في استطلاع في الهند قالوا إن واتسآب هو أكثر تطبيقات التراسل استخداماً لديهم، فيما تبلغ النسبة 63 بالمئة في البرازيل و 78 بالمئة في المكسيك.
وحتى لو ظل واتسآب مجرد خدمة أساسية للتراسل، فإن بياناته قد تكون ذات قيمة لفيسبوك، ولا سيما حين تتضافر مع كنز هائل من بيانات المستخدمين المتاحة على شبكة التواصل الاجتماعي.
فمثلاً قد يحظى المستخدم بخيار لدمج حسابيه باستخدام برنامج التصديق «فيسبوك كونكت». ويسمح ذلك بتوفير معلومات عن مكان المستخدم وعاداته في التراسل والأمور التي يبدي إعجابه بها، وهي معلومات نفيسة لمسؤولي التسويق.
ونظراً إلى أن واتسآب يتطلب الحصول على رقم هاتف المرسل والمستقبل ويأخذ رسوم اشتراك، فإنه يمثل قناة لتوزيع المحتوى مرتبطة بهواتف المستخدمين وكذلك بمحافظ نقودهم.
وقد أطلق أحد أكبر منافسي واتسآب، وهو تطبيق وي تشات من شركة تنسنت ميزة تمكن المستخدم من تحويل أموال إلى مستخدم آخر إذا كانت حساباتهما المصرفية متصلة بالتطبيق. ونتيجة لذلك، أصبحت شبكة تنسنت متصلة بخمسة ملايين حساب مصرفي جديد خلال يومين فقط.
والأهم من ذلك كله أن فيسبوك - الذي طالما سعى إلى احتلال موقع بارز لدى مستخدمي الهواتف الذكية من خلال جهود شتى مثل إطلاق برنامج «هوم» الذي لم يحالفه النجاح العام الماضي - أصبح لديه منفذ إلى الاتصالات، وهي الوظيفة الأساسية للهواتف الذكية.