خصّص الزملاء في «الأخبار» محطّة تحية للمعارض «الذي يشبُهنا»، رجاء الناصر، المفروض أنه معتَقَلٌ لدى الأجهزة السورية. التحية واجبةٌ في كل الأحوال، لكن نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد ــــ وهو، أقله بالنسبة لي، يشبهُني وأشبهُه، أي أنني أثق به تماماً ــــ نفى، في تصريح لقناة «الميادين»، أن يكون الناصر، وزميله المعارض عبدالعزيز الخيّر، معتَقلَين لدى السلطات؛ وهناك، في الكواليس، الكثير من التوقعات المرجحة بأن الرجلين مخطوفان. وهناك من يدعي أن زميلهما المعارض حسن عبدالعظيم، يعرف أو يحدس مَن هم الخاطفون.
لديّ شعورٌ عميقٌ بأن «هيئة التنسيق» ليست متأكدة من أن الخيّر والناصر معتقلان لدى السلطات السورية؛ أسأل، مثلاً، لماذا لم تُقم الدنيا وتقعدُها لإطلاق سراحهما، خصوصاً وأنها تدرك ــــ وستكون كارثة أن لا تدرك ــــ أن مئات النشطاء المنحازين إلى صفّ الرئيس بشار الأسد ــــ وأنا منهم ــــ يرفضون اعتقال أي معارض وطني ينبذ العنف، ويمكن التعاون معهم، ومع قوى صديقة لدمشق، لوضع حدّ لمأساة الرجلين؛ «هيئة التنسيق» ليست متأكدة أو أنها غير مهتمة أو أن في الأمر التباساً.
بالمناسبة، صار علينا أن نقول بصراحة أن تعاطفنا مع «هيئة التنسيق» وسواها من المعارضات الوطنية، لا ينصرف إلى مفاضلة موضوعية بينها وبين النظام السوري الذي ما يزال، رغم ثلاث سنوات من الصراع الدامي، يفوز في المنافسة السياسية على خصومه جميعاً؛ ليس لدى هذه المعارضات، بشار الأسد ولا بشّار الجعفري! ما يزال خطاب النظام وتماسكه وصلابته وأداؤه وشخصياته، الأفضل بين الأنظمة والمعارضات العربية، وبطبيعة الحال، السورية.
تعاطُفنا مع هيثم منّاع ورجاء الناصر وعبدالعزيز الخيّر وقدري جميل وفاتح جاموس... ومَن يشبههم، لا ينطلق من كونهم سياسيين أفذاذاً، يملكون مفاتيح المستقبل السوري، وإنما لتفوّقهم الأخلاقي ــــ الأخلاقي وحسب ــــ على ذلك القطيع من عملاء الاستخبارات الغربية والخليجية، وممثلي الجماعات الإرهابية.
ولكن ذلك القطيع هو الذي لم تكلّ «هيئة التنسيق»، ولم تملّ، من مساعي التفاهم معه؛ هو الذي نبذها، مرة بعد أخرى، وتنصّل من الاتفاقات معها، كما يشرح منّاع، ويشكو دائما؛ منّاع نفسه ــــ وهو أكثر قيادات الهيئة اتزاناً ــــ الذي رفض، بإلحاح، الحوار مع النظام السوري، بل حتى مع معارض حليف لذلك النظام، مثل قدري جميل، وما يزال يفرض عليه الحُرْم، رغم أن الأخير، تخلّى عن موقع رجل الدولة، عشقاً في أن يظل رجل المعارضة!
هذا الهوَس بالعداء للنظام السوري أقرب إلى الهذَيان، هذيان لم يسلم منه معظم المثقفين السوريين والعرب، منتقلين بين رايات معادية لدمشق من فتح وحلفائها و«يسارها»، إلى الليبرالية والإسلاموية وادعاء الناصرية (بما تدغدغه، تحتها، من نزعات طائفية) والنيووهّابية... الخ. وإذا كانت الهذيانات تلزمها المعالجة النفسية وليس السجال، فإنه ربما آن الأوان، لكي نقول: كفى! كل الرايات التي قاتلت أو عادت أو استعدت الجماهير على النظام السوري، سقطتْ في الوحل، وبقي رجاله هم الذين يؤكدون أولوية السيادة والتحرير والدور القومي لسوريا ووحدتها ورابطتها الوطنية المدنية ــــ العلمانية.
لو كنتُ مواطناً في الجمهورية العربية السورية، لكنتُ معارضاً بالطبع للسلطوية والقمع، ولما تفتحه السلطوية من أبوابٍ للفساد لا تحدّ، تضامنتْ، أخيراً، مع سياسات اقتصادية ــــ اجتماعية نيوليبرالية، أقل ما يُقال فيها أنها أفقرت وهمّشت فئات واسعة من الكادحين السوريين؛ إنما، في المقابل، ما كنتُ لأحاور العملاء ــــ باعتبارهم معارضين ــــ وما كنتُ لأخفض بندقيتي أو كلمتي في مواجهة العدوان والإرهاب.
من نكد الزمان (الأميركي الإسرائيلي السعودي الإرهابي) أن يجلس وليد المعلّم على طاولة تفاوض مع مهرّب سُمّي معارضاً، بل ورئيساً للمعارضين، إنما ما يلزّ المعلّم من مستلزمات الدفاع عن الدولة الوطنية السورية، وعلاقاتها الدولية، واضطراراتها الدبلوماسية، لا يلزّ المعارضة الوطنية التي آن لها أن تقطع، كلياً وجذرياً ونهائياً، مع العملاء والإرهابيين، ثم تذهب ــــ ونحن معها ــــ لإحراج النظام السوري بالتوافق على جبهة موحدة لصدّ العدوان الإرهابي وفرض السلم الأهلي، جبهة مؤسسة على المبادئ والثوابت المشتركة للحركة الوطنية السورية: السيادة، الجمهورية العلمانية، الشراكة، الديموقراطية، التحرير، التنمية والعدالة الاجتماعية، الدور القومي والإقليمي لدمشق.
لم يعد هناك من وقت ولا مكان للتردد؛ القفزة المطلوبة نحو مستقبل سوريا ممكنة الآن، أسرع وأسهل بوجودكم ـ ولكنها ستتحقق في كل الأحوال ـ تخلّوا عن هذيانات الأمس... تقدموا!
9 تعليق
التعليقات
-
لماذا فقدان الذاكرة الانتقائي عند هذه المعارضةلماذا هذا الفقدان الانتقائي لذاكرة المعارضة خاصة لاحداث وقعت منذ اقل من ثلاث سنوات؟ و اقصد الاعتداءات و الهجوم الهمجي الذي تعرض له بعض افراد معارضة الداخل في القاهرة من جماعات معارضة الخارج؟ لماذا فقدان الذاكرة عن كل ما تقوم به المجموعات المسلحة الارهابية التابعة لمعارضة استانبول و قطر و السعودية والغرب واسرائيل؟ اليستكل هذه وقائع تسمح للاستدلال من قام بخطف بعض افراد المعارضة الداخلية؟ من قال انهم لا يمكن ان يفعلوا ذللك؟ بالله عليكم الم يفعلوا ذللك حتي بين فصائلهم في حلب والرقة وكل مكان؟ بالله عليكم ماذا تتوقعون من خير و مصداقية من هكذا معارضة تدعوا للحرب الامريكية الغربية على سوريا ثم تتظاهر امام الاعلام و تقول انها يهمها سوريا؟ ماذا تتوقعون من معارضة تدعوا للعقوبات الاقتصادية على سوريا وشعبها. ثم تتظاهر امام الاعلام انها تريد ادخال مساعدات انسانية للمسلحين المحاصرين بحمص؟ ان افهم واتفهم وبكل حق مشاعر اهل المخطوفين ولو كنت مكانهم لتمنيت من كل قلبي ان يكونوا محتجزين عند السلطات لاني اعرف في هذه الحالة انهم سييفرج عنهم يوما وهم بسلام. اما ان كانوا مخطوفين عند الجماعات الارهابية المرتبطة بالمعارضة فان الامل بالافراج عنهم بسلام فلهو ضئيل مع هذه الهمجية من زبح الاعناق و اكل القلوب.
-
هذا كان رأيي حول اعتقال عبدهذا كان رأيي حول اعتقال عبد العزيز الخيّر كتبته في تعليق بمقال عن الخيّر بعنوان حكيم المعتقل والثورة وتذكّرته اليوم في هذا المقال : "ليش الحاسّة السادسة عندي نشره مجهول (لم يتم التحقق) يوم الأربعاء, 10/10/2012 - 20:36 ليش الحاسّة السادسة عندي بتقول لمعرفة أين عبد العزيز الخيّر لازم ينسأل في ذلك حسن عبد العظيم!!! كثيرة هي الملاحظات المستغربة منها أنّ الأمن السوري لم يخشَ اعتقال أيّ شخص في أيّ يوم لومة لائم ويعتقل من يشاء فلم إذا يعتقل الخيّر ولا يفصح عنه ,ولعلّ توقيف منذر خدام في الآونة الأخيرة مثالا قريبا كما كثيرون غيره ومع ذلك لم يأبه الأمن حينها لكلّ هذا الصخب وينكر الأمر !!وذكرت في تعليق آخر أيضا رواية تروى عن حديث منقول عن عبد العظيم حين قال عن الخيّر منذ زمن بعيد في اجتماع داخلي بأنّه لا يؤتمن جانبه وقد يكون عميلا للنظام فقط لأنّه "علويّ" وكثيرون يخبرون عنه بأنّه شخص طائفي لمن يتعرّف عليه عن قرب ,كيف أنّه أصرّ ذات اجتماع في القاهرة ألا يجتمع بأمين الجامعة العربية مع اليقية بل أصرّ على التفرّد به ! وفي نهاية المطاف في ملاحظة للغة الجسد يشعر المتفرّج أنّ عبد العظيم تعامل مع الثورة في بدايتها وكأنّه الشخص البديل للرئيس ولكن جرت الرياح بما لن تشتهي سفنه فكان الخيّر منافسا قويّا له وخصوصا حين بدأ الحديث لاستقدام شخص علوي كمرحلة أولى لتطمين الأقليّات ! قد يكون كلامي هرطقة ولكن !!!!
-
المثقف والفاسدعلى مدى ثلاثة اعوام وانا احاول ان احضر لقاء كامل لأي معارض ولكن للاسف لم استطع ان اكمل اي مقابلة ليس لانني ارفض الفكرة ولكن كنت اشعر بأنهم لوحات خشبية ناطقة وخطابهم هو نفسه منذ ان ولدت فكرة المعارضة في عقولهم اي من العصر الحجري هم يحلمون بالكراسي والمناصب هم الوجه الاخر للفساد الذي يقطن في نفوس السوريين الذين يدعون انهم مع الدولة السورية ولكن ايضا هم يسرقون قوتنا وحلمنا وعمرنا كلهم وجه واحد وبأجساد مختلفة هذا الطويل وذاك القصير كلهم يرتفعون على اكتاف الشعب السوري ليتربعوا على العروش والشعب جائع وخائف وحزين عاشت سوريا الحبيبة
-
القول الحقانه الواقع وهو الكلام الصحيح والوصف الدقيق ، انه القول الحق فعلاً ....
-
أنت من بين القلائلأستاذ نماهض:أنت من بين القلائل الذين وضعوا النقاط على الحروف,في وصف المعارضة الداخلية "الوطنية والرافضة للتدخل الأجنبي والارهاب" و لكنها الرافضة بالمقابل لأن تتصور حتى شكل وجه الرئيس بشار الأسد أو أي من المسؤولين السوريين يجلسون معهم على طاولة حوار يحتضنها الوطن وتحتضنه...يعني بالله كيف وطنية وتقطع الطريق على التواصل مع أبناء الوطن؟؟؟ هؤولاء لا يملكون من الوطنية في شيئ...لا المناع ولا عبدالعظيم ولا الخير ولا الناصر... هؤولاء شلة من الانتهازيين القافزين فوق حبال الشدّ والجذر وتغيّر موازين القوى ومعادلات التفوّق على الأرض...ولا يمكن التعويل عليهم في نهضة مشروع معارض وطني بريء من(...) والتدخّل الأجنبي....
-
هيئة التنسيق مرة أخرى وأخيرةحاولت أكثر من مرة أن أوصل رسالة بمضمون ما جاء في حديث الأستاذ الكبير ناهض ، كلما قرأت مادة عنهم كهيئة أو أشخاص ، أستغلها لأداخل بذكر رأي أو ملاحظة لأجل أن تكون الهيئة كما سماها أصحابها وطنية وأنا أراها كذلك أيضاً ، لم يردوا على أي منها ، لم يكترثوا لم يناقشوا ، لأنهم يرون أنفسهم على صح والباقين على خطأ ، جاء أخيراً الأستاذ ناهض ليتحدث بوضوح واختصار وبلغة مفهومة لا لبس فيها ولا رمادية ، جاء ليخاطبهم مباشرة وجهاً لوجه ، إنها المواجهة التي يخافون ومنها يتهربون ويهربون ، إنها السلبية التي يعملون بها منذ بداية الأزمة إلى الآن ، وضع حتر النقاط فوق الحروف ، ووضعهم أمام مسؤولياتهم الوطنية ، دعاهم لملاقاة الدولة والتي ما انفكت تقدم لهم الفرصة تلو الأخرى كي يأتوا ، لذلك لن أعيد ما قلته مراراً ، ولن يكون بعد حديث الأستاذ ناهض أي كلام لأن فيه ما قل ودل ، إنها فرصتهم الأخيرة ليكون لهم دور في مستقبل سورية ، أراها متاحة الآن عبر مبادرة يقومون بها لأجل سورية ، بعد ذلك لن نجد لهم مبرراً نحن الذين نحب سورية ، يكونون قد اختاروا السير في طريق آخر ، حتى الرمادية في مثل هذا الوقت تعتبر سلبية ، ليسوا حياديين ولم يكونوا يوماً كذلك ، كل شيء بدا معروفاً ومكشوفاً ، هم يعرفون حقيقة كل الأشياء ، إنهم يراقبون عن كثب ، يتصيدون الأخطاء يحاولون تعكير الماء والاصطياد فيه ، ليتهم يسمعون للدكتور مناع ، عندها سيستمع إليهم الجميع .
-
ناهض حتر يشبهنيالف شكر استاذ ناهض , لقد تكلمت بلساني ولسان الكثيرين ممن لم تسمح لهم ’’الظروف’’ بالتعبير المرة الماضية ربما لان البعض ما حب ينزع فرحة هيئة التنسيق ب’’التحيات’’ (رغم ان جل التحيات من اهل البيت) ويزعج خاطرهم بتعليقات قد تجرح مشاعرهم او تمس كبريائهم او تعري انتهازية ادائهم السياسي او ربما التنسيقيون ’’الديموقراطيون’’ لا يستسيغون تحمل رايا اخر مخالفا قد ينسف منطقهم امام الجمهور والراي العام . على كل وعلى قولة المثل الشامي : قلو يا حواجبه يا عيونه قلو عالمغتسل باين .. فقريبا جدا ستجري انتخابات رئاسية حرة وتعددية وديموقراطية في سوريا بمراقبة العالم اجمع وسيسمع الجميع صوت وخيار الشعب السوري الحقيقي (لا الوهمي او المتخيل) اللي صرلهم سنتين منتحلي صفة تمثيله ويتاجرون باسمه وسيعودون واولهم الهيئة ومن يروج لها وينفخها اعلاميا الى احجامهم الشعبية الطبيعية والواقعية لدى اغلبية الشعب السوري الذين يدّعون التكلم باسمه .
-
إي والله! ما قصّرت فيهن!إن كانت المخابرات السورية أو أي فرع أمني حكومي يحتجز عبد الله الخيّر ورجاء الناصر، فهذا يعني أن هذه الدولة وكل أجهزتها لا تستحق البقاء ساعة واحدة على قيد الحياة. أما وأنني أشارك الكاتب الرأي بأنهم مخطوفين لدى جهة أخرى، ربما ادّعت أنها من الأمن ليتم اتهام الدولة بهما، فهذا يعني أن على هيئة التنسيق الاعتذار من الحكومة السورية ومن الشعب السوري. هيثم مناع إنسان أحترمه جداً وهو معارض قديم وليس "شغل ساعته" كجماعة ائتلاف قطر ومجلس اسطنبول.. ليس من الضروري أن أتفق معه على كل شيء، ولكن من الواضح أنه معارض وطني حقيقي ومثقف ويمكن الحوار معه وليس مصطنع. أما حسن عبد العظيم فسقط في الامتحان الوطني منذ الأيام الأولى عندما وافق على مقابلة فورد في مكتبه. على المعارض أن يكون وطنياً وليس خائناً. أنا صراحة لا أفهم ماذا يجمع هيثم مناع بحسن عبد العظيم. شكراً للكاتب ناهض حتّر ... مقالاتك "بتفش الخلق"!!!
-
شكراًشكراً