القاهرة | على الرغم من تأكيد وزارة الداخلية أن الاستفتاء جرى في ظروف جيدة وديموقراطية، رصد ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي عدداً من المخالفات شابت الاستفتاء، بينها تصويت «أطفال» على التعديلات، والسماح بالدعاية الانتخابية أمام اللجان، واستخدام مآذن المساجد في الترويج للتصويت بـ«نعم»، وتزوير التلفزيون الرسمي في أعداد المقترعين.
وخلافاً لما أعلنه مصدر مسؤول في غرفة عمليات الوزارة التي أشرف عليها وزير الداخلية محمد إبراهيم بنفسه، لمتابعة سير عملية التصويت، أكد «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، أن صناديق الاستفتاء «تركت في أحضان الفساد ليلاً، حملت سفاحاً بملايين الأصوات الزائفة، كعادة عصابة (الرئيس المخلوع حسني) مبارك، التي لم تعرف استحقاقاً إلا بطعم التزوير ليضيف ما جرى من تزوير ممنهج على مدار اليومين جرائم جديدة لسجل الانقلاب».
ما رصده النشطاء من تجاوزات، لم يختلف كثيراً عن التجاوزات الانتخابية المصرية المعروفة، التي باتت بحد ذاتها عنصراً لازماً من عناصر الانتخابات المصرية، مع فارق وحيد، هو أن الدولة أممت كل مؤسساتها الإعلامية والدينية والحكومية في مسار واحد، بات تجاوزه مرادفاً للخيانة والعمالة، وهو ما تكرر في أكثر من مكان بتجاهل أي فيديو يشير إلى المواطنين المصوتين بـ«لا».
أحد الفيديوات التي حصلت على مشاهدات كثيرة من المواطنين على موقع «يوتيوب» كان لسيدة منقبة من المنيا، صوتت بـ«لا»، سحلها على الأرض بعض الرجال، قبل أن تُنقَذ من بين أيديهم.
وتكرر نشر فيديوات وصور من أماكن مختلفة في محافظات دلتا النيل، والمحافظات الأخرى، لميكروفونات لمساجد تدعو المواطنين وتحثهم على الذهاب إلى التصويت بـ«نعم» مع اللعب على تنويعات مختلفة من مشاعر المواطنين كالاستقرار، والتهديد بدفع غرامات مالية على من يتخلفون عن الاستفتاء قيمتها 500 جنيه، أو النزول بهدف تأكيد شرعية «30 يونيو» ودعم وزير الدفاع، الفريق عبد الفتاح السيسي، والحرب على الإرهاب. كذلك جابت سيارات تحمل مكبرات صوت شوارع القرى والمدن تطالب الناخبين بالذهاب إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.
أكثر من فيديو نشره النشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي يرصد بوضوح عدم دقة وأمانة بعض القنوات التلفزيونية في نقل الصورة، أبرزها وأكثرها سخرية حين أذاعت القناة الأولى المصرية مقطعاً لأحد أفلام الممثل أحمد حلمي، على أنه بث حي لأحد لجان الاستفتاء في محافظة شمال سيناء الحدودية، وآخر لمراسل التلفزيون المصري الرسمي في محافظة السويس يطالب فيه دون أن ينتبه أنه يتحدث على الهواء مباشرة المخرج بزيادة أعداد «الناس» وراءه ويقصد بهم الناخبين، وكُرّرت هذه المقاطع بتنويعات مختلفة على قنوات عديدة، ما اعتبره بعض النشطاء استخفافاً بالناخبين.

أبرز الانتهاكات التي رصدها الناشطون كان لأحد قادة حزب الوفد الليبرالي في محافظة بورسعيد الساحلية، حيث قام بتصوير نجله الطفل الصغير، وهو يقوم بالتصويت في التعديلات الدستورية، ونشر الصورة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، في صورة معبرة عن الأجواء التي جرى فيها الاستفتاء .
التجاوزات الحاصلة التي سجلها الناشطون ورصدوها قد تدفع بمعركة قضائية تلوح في الأفق بين بعض القضاة ووكلاء النيابة والسلطة التنفيذية، تشبه تلك التي حدثت في الانتخابات البرلمانية في عام 2005، بسبب أن ما أعلنت وسائل الإعلام والحكومة من أرقام مرتفعة لنسب المشاركة في التعديلات الدستورية، تجعل ممثلي الهيئة القضائية تحت ضغط شديد بسبب الانخفاض الحقيقي في نسبة التصويت، بحسب ما يرى الدكتور أحمد تهامي، خبير العلوم السياسية في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية.