القاهرة | «مات المناضل المثال، يا ميت خسارة ع الرجال»، هكذا أعرب عدد من المبدعين المصريين عن حزنهم على رحيل أحمد فؤاد نجم. الشاعر وائل فتحي قال لـ«الأخبار» إن الحديث عن نجم يستدعي الحديث عن شاعر القبيلة والشاعر الصعلوك، «بوصفهما نموذجين ظلا مطروحين في الأدبيات النقدية العربية، وربما أدى التكلس النقدي إلى البقاء عليها إلى يومنا هذا، رغم انفلات الشعراء عامة من أسر تلك المفاهيم التي باتت جامدة، ولا تعبر عن الواقع، ولم تنتبه لشعراء العامية المصرية على وجه التحديد». ويتابع: «هكذا لم يقف النقد العربي عند تجربة مثل تجربة «الفاجومي». عمنا أحمد فؤاد نجم تجلى من خلاله نموذج آخر للشاعر الذي يتغنى بقيم ثقافته ويحمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن قيمها التاريخية والجمالية، شأنه في ذلك شأن شاعر القبيلة، وفي الوقت ذاته يقف في الصفوف الأولى من الشعراء الصعاليك، نقاد ثقافتهم وجمالياتها وسلطتها. نعم تغنى نجم بجمال «بهية» وحافظ تماماً على ما سبق الاتفاق عليه تاريخياً لصورة مصر «الفلاحة» في غناء البسطاء وميادينهم. لكن طرحة «بهية» تلك لم تمنع الشاعر من أن يراها متأخرة «نايمة من سنين». كان مصرياً قحاً شوفينياً، وهكذا قال: «وحد الإنسان معايا»». وتابع فتحي: «نجم ابن الغناء الجماعي للفلاحين، والابن البار لقصيدة بيرم التونسي. إنّه مشروع مهم في تجربة الشعر المصري، ليس طبيعياً أن نتّفق معه برمته أو نرفضه برمته، وليس طبيعياً أيضاً أن يوازي ذلك الحضور الشعري ذلك التجاهل النقدي».
من جهته، قال الشاعر خليل عز الدين إنّ وفاة «الفاجومي» خسارة كبيرة؛ «فهو لم يكن شاعراً فحسب، بل كان ضميراً لأمة بأكملها عانت وجاعت وخسرت أبناءها. وحتى عندما ثارت، رددت أغنيات الشيخ إمام التي كتبها نجم نفسه. هو كان يؤمن بمقولة الشاعر العظيم طاغور: لا يهمني من يحكم شعبي ما دمت أنا الذي أكتب أغاني. وهذا ما فعله تحديداً الثائر نجم». وتابع عز الدين: «لم ألتق بـ«الفاجومي» في جلسة من قبل، لكنه كان حاضراً بتجربته الثرية في تكوين جيلي بمثقفيه ومبدعيه وطلبته وفلاحيه وعماله. استطاع بإصراره كرجل مناضل أن يصل بالشعر الى مختلف شرائح المجتمع».
وشدد صاحب ديوان «نص عمر» أنّه رغم المنع الذى تعرّض له والتعتيم الإعلامي الذي عاناه، بما في ذلك السجن والتنكيل، ظلّّ «الفاجومي» رمزاً لشاعر لم يكن قط أداة في يد النظام لتلميع الحاكم، بل كان دائماً صوتاً يؤرق الطغاة وينادي بحق المواطن في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وبشّر بثورة كانت نتيجة لحراك استمر لعقود كان هو بالتحديد واحداً من الذين حرّضوا عليه وألقوا حجراً في المياه المصرية الساكنة».
من جانبه، كتب الروائي والصحافي علاء الأسواني على تويتر: «رحل نجم الشاعر العظيم، نموذج للمناضل الشجاع الصلب. أحد آباء الثورة المصرية. عاش ومات على العهد والمبدأ، رحمه الله بقدر ما أخلص لفنه ووطنه».