«نقابة المعلمين ستبقى جزءاً لا يتجزأ من هيئة التنسيق النقابية التي خاضت مع باقي مكوناتها أشرف معركة في تاريخها لانتزاع حقوق المعلمين المتمثلة في سلسلة الرتب والرواتب»، جاء هذا الرد الحاسم للنقابة على لسان عضو مجلسها التنفيذي أنطوان مدور، عقب مطالعة للأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار.
وكان الأخير قد دعا المعلمين إلى البحث عن حلول للتعليم الخاص داخل البيت المشترك، «لا في بيئة تختلف أوضاعها عن أوضاعنا»، مؤكداً أننا «لسنا على طرف نقيض معكم».
المنسق العام لاتحاد المؤسسات التربوية الخاصة حضر إلى مؤتمر النقابة أمس، ليطالب بعقد تربوي اجتماعي جديد بين مكونات الأسرة التربوية، من إدارات وهيئات تعليمية وأهل، مصراً على تفعيل اللجنة التي اتفق على تشكيلها في 27 آب الماضي بين الأطراف الثلاثة، لمعالجة القضايا المعيشية وتوفير حقوق الجميع.
عازار الذي تحدث عن «السنة الدراسية الماضية غير اللائقة بأي من هذه الأطراف»، طالب بميثاق شرف «يقرّب واحدنا إلى الآخر، ويعزز وحدتنا ويؤمن فعالية حضورنا ووجودنا ودورنا، فنتدبر أمورنا المشتركة معاً، ونطالب الدولة باصدار تشريعات تعطي المعلمين في القطاع الخاص غلاء معيشة». سأل الدولة لماذا لم تبادر إلى التجاوب مع مطلب المؤسسات التربوية إشراكها مع النقابة والأهل في معالجة سلسلة الرواتب، إلاّ «بعدما طالبناها بذلك، وخصوصاً لأنّ الأهل سيتولون دفع موجباتها، علماً بأنّها تشرع للقطاع العام وتصدر سطراً في آخر الصفحة يقول بتطبيق مفاعيله على المعلمين في المدارس الخاصة، أي إنها تعطي الوعود دون تحقيقها في الأوقات المقررة»،
لكنّ النقابة كما قال رئيسها نعمه محفوض نفد صبرها، إذ لا يعقل أن تمر سنتان وشهران والسلسلة لم تقر بعد، فيما بات الحد الادنى لراتب المعلم (640 ألف ليرة لبنانية) أدنى من الحد الأدنى الرسمي للأجور (675 ألف ليرة). يستدرك: «الموضوع لم يعد 200 ألف أو 300 ألف ليرة غلاء معيشة لم يقبضها معظم معلمي التعليم الخاص، بل أصبح موضوع كرامة واحترام». ويضيف «لا التلميذ يعرف أي قسط سيدفع، لا المدرسة تعرف أي موازنة ستضع، ولا المعلم وصل إلى جزء يسير من حقوقه التي أخذها غيره منذ أكثر من سنتين»، محملاً الطبقة السياسية مسؤولية عدم إقرار السلسلة.
المفارقة هنا أنّ كلمة راعي المؤتمر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، التي قرأها ممثله وزير العمل سليم جريصاتي، لم تتضمن إشارة واحدة إلى حقوق المعلمين، بل كانت بمثابة عرض تاريخي للمراحل التي مرت بها النقابة ودورها. وحين خرج الوزير عن الكلمة تحدث عن «عراقيل وضعتها كل الأطراف السياسية لمنع إقرار السلسلة، وقد استطعنا أن نتجاوزها في الحكومة، وتسعى اللجنة الفرعية إلى تجاوزها في المجلس النيابي، عبر تحقيق التوازن بين ما يقتضي أن نعطيه، وما نستطيع أن نعطيه».
رئيس النقابة طالب أيضاً المؤسسات التربوية الخاصة بتطبيق إلزامية انتساب معلميها إلى صندوق التعاضد، الذي يساعد على توفير ضمان شيخوختهم ويريحهم لناحية تأمين مستقبلهم، ما ينعكس على أدائهم وانتاجهم. وسأل إدارات المدارس كيف تتكلم بالتربية والمناهج والحقوق وهي لا تطبق القوانين النافذة، من إجازة الأمومة إلى بدل النقل والتناقص في ساعات التدريس والراتب القانوني.
وإذا كانت الإدارات والمعلمون يسددون، بحسب محفوض، ما عليهم وبصورة منتظمة لصندوق الضمان الاجتماعي، فهم الأقل استفادة كما يقول رئيس مجلس إدارة صندوق التعاضد مجيد العيلي، لكون تأخير تسديد فواتير الأدوية والفحوص يمتد سنوات، وهم لا يستفيدون من صندوق تعويض نهاية الخدمة. أما في المستشفيات، فالمعلمون، بحسب العيلي، أمام «بورصة أسعار في اتجاه واحد تصاعدي، ارتفاع يطاول خدمة الغرف، المعدات، التجهيزات، فضلاً عن تجزئة الدرجة الواحدة درجات. ففي كل شهر بدعة أو خدمة تضاف إلى الفاتورة ومواد طبية تحذف من لائحة التغطية، فتضاعف قيمة الفاتورة».
العيلي دعا الضمان إلى تسريع إصدار مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية (ضمان الشيخوخة)، «إذ لا يعقل أن يدفع المضمون طيلة فترة عمله، التي تمتد حوالى 40 سنة اشتراكات، ويهمل بعد سن التقاعد». هنا قال جريصاتي إنّه أنهى للتو تحديث هذا المشروع وفقاً لمعايير العدالة الاجتماعية الدولية.
هذا ما قاله أيضاً مدير التفتيش والمراقبة في صندوق الضمان عيّاد السباعي لجهة «إعداد مشروع مرسوم يطاول الأجراء الذين ينهون الخدمة بداعي السن القانونية والفئات التي تنقطع عن العمل فترة تتجاوز السنة».
وعن الزبائنية السياسية التي تحدث عنها محفوض، لجهة اتخام مراكز دون أخرى بالموظفين من دون مراعاة عدد المضمونين، برّر السباعي ذلك بالقول إنّ العدد الأكبر من الـ180 كاتباً، الذين نجحوا عبر مجلس الخدمة المدنية، كانوا في المحافظات، ولم نستطع أن «ننقلهم إلى العاصمة ومراكز أخرى تحتاج إليهم».