يمثل رئيس الهيئة العليا للإغاثة إبراهيم بشير وزوجته، يوم الاثنين المقبل، أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت غسّان عويدات. سيستجوب القاضي المدّعى عليهما في ملف «تبييض أموال واختلاس أموال عائدة للهيئة». بشير وزوجته مدّعى عليهما من النيابة العامة التمييزية، برئاسة القاضي سمير حمّود الذي أحال الملف قبل أيام على النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم بعد الاستماع إليهما. بدوره، ادّعى إبراهيم على الموقوفين أيضاً، بعد مثولهما أمامه (مدّة ساعة تقريباً) والاستماع إلى إفادتيهما، قبل أن يحيلهما على قاضي التحقيق.
وعلمت «الأخبار» من مصادر قضائية أن الملف الذي وصل إلى القاضي عويدات من القاضي إبراهيم، يتضمن ادّعاءً على أربعة أشخاص، هم بشير وزوجته إضافة إلى شخص آخر (حسين ف.) ومعه زوجته أيضاً، لكنّ هذين الآخرين يقيمان خارج لبنان، في حين ظل بشير وزوجته قيد التوقيف خلال مدّة التحقيقات. لم يتضمن الادّعاء ذكراً لنجل بشير المقيم في الخارج أيضاً، الذي ورد أنه كان يتلقى التحويلات من والده، لعدم ثبوت شيء في حقه، ولكن «يحتمل أن يضمّه قاضي التحقيق يوم الاثنين المقبل إلى المدّعى عليهم إذا تبيّن ما يدعو إلى ذلك، فيصبح عندها مطلوباً، ليكون العدد الإجمالي للمدّعى عليهم 5 أشخاص».
أما لناحية المبالغ التي اختلست، فهي ليس كما ذُكر سابقاً، أي إنها لا تبلغ 10 ملايين دولار، إذ إن «الثابت، بحسب التحقيقات، حتى الآن، أن المبلغ هو 3 ملايين و500 ألف دولار أميركي تقريباً، وربما تظهر التحقيقات لاحقاً مبالغ إضافية، وبالتالي لا يمكن الجزم الآن». إلى ذلك، تردد خلال الأيام الماضية أن النيابة العامة التمييزية طلبت توقيف نجل بشير، المقيم في بيلاروسيا، إضافة إلى تاجر كان يوفّر بعض مشتريات الهيئة العليا للإغاثة، غير أن هذا لم يرد في الادّعاء المحال على قاضي التحقيق، بحسب ما نقلت المصادر.
يُذكر أن النائب العام المالي، القاضي إبراهيم، كان ادّعى على بشير وزوجته قبل ثلاثة أيام، وعلى حسين ف. (صاحب شركة) وزوجته، وذلك في جرم «اختلاس أموال عامة وتهريبها وتبييض الأموال، سنداً إلى مواد تصل عقوبتها إلى 15 سنة أشغالاً شاقة»، ثم أحالهم على قاضي التحقيق الأول في بيروت، بحسب المواد 360 و359 و362 و372 من قانون العقوبات، إضافة إلى المادة 360 مقطوعة على المادة الأولى والثانية من قانون تبييض الأموال.
وكان بشير، بحسب التحقيقات، قام بتحويلات سرّية عبر أحد المصارف الخاصة في لبنان، الذي اشتبه في تلك التحويلات، فأبلغ الهيئة الخاصة لمكافحة تبييض الأموال، فوضعت يدها على القضية وكثفت مراقبتها، لتتمكن في النهاية من تكوين ملف تهريب الأموال وأحالته على النيابة العامة، وذلك بعلم من مصرف لبنان ورئاسة الحكومة. وكان بشير أنكر ما أسند إليه في التحقيقات، وردّد ما كان قاله سابقاً، لناحية «تركيب القضية» و«فبركتها» ضده، بواسطة الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، لكنه اعترف لاحقاً بما أسند إليه، بعدما أظهر القضاء ما لديه ضده من وثائق وقرائن، من دون أن يغيّر موقفه من بوجي.
كان لافتاً أن القضاء لم يستدع بوجي للاستماع إلى إفادته، رغم كل ما ساقه بشير ضده من اتهامات، لكنّ ثمّة من يقول اليوم إن بشير سيكون لديه ما يضيفه لاحقاً أمام قاضي التحقيق، خاصة بعد اعترافه بما أسند عليه، ولهذا سيعمل وفق مقولة «ليس لدي ما أخسره وسأقول كل شيء أعلمه ضدي وضدهم أيضاً». يُشار إلى أن هذا ما كان ردّده بشير قبل توقيفه بأيام. ففي حديث له مع «الأخبار» قال: «إذا كان التحقيق معي قضائياً، فلا مشكلة عندي، لأنني أثق بالقضاء، ولأن ملفي نظيف. أما إذا كانت التحقيقات معي سياسية، فعندها سأردّ عليهم بالطريقة نفسها، وعندي الكثير من المخالفات عليهم وأعرف ما ارتكبوه، وعندها عليّ وعلى أعدائي يا رب».
خلال الأيام القليلة الماضية، برز أكثر من موقف من جهات سياسية مختلفة في قضية بشير، أبرزها ما قاله رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «إن توقيف إبراهيم بشير من قبل القضاء يؤكد أن هناك دولة أو نواة دولة ما زالت موجودة، ونحن ندعمها بكل ما أوتينا من قوة. وأقصى أمنياتي ألا يقتصر الأمر على شخص بشير، بل أن تحسم الدولة أمرها لتستكمل عملية ملاحقة الفساد والفاسدين والمفسدين حتى النهاية، لأن عدد هؤلاء كبير بل أكبر بكثير مما هو ظاهر في الإدارة وفي مختلف الوزارات».
يعلم الجميع أن قضايا فساد كثيرة ثبت تورط شخصيات «نافذة» فيها سابقاً، من دون أن يحاسبهم أحد، والسبب هو عدم رفع الغطاء الحزبي والسياسي والطائفي والمذهبي عنهم.

يمكنكم متابعة محمد نزال عبر تويتر | @Nazzal_Mohammad