بعد مرور ثمانية أشهر على خطف المحامي الكندي كارل سيرغي كامبو على أيدي مسلّحين مجهولين في منطقة خان الشيح جنوب دمشق في شباط 2013، أُفرِج عنه الخميس الماضي بطريقة غامضة لم تُكشف ملابساتها بعد.
خاطفو الكندي الذي يعمل موظفاً لدى قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك («أندوف») في الجولان المحتل، كانوا قد طالبوا بلاده بدفع فدية مالية قدرها سبعة ملايين دولار أميركي للإفراج عنه، إلّا أن الدولة الكندية رفضت ذلك. وكذلك فعلت الأمم المتحدة، عملاً بموجب القانون الدولي الذي يُجرِّم دفع فدية للإرهابيين.
يوم الخميس الماضي، مُرِّر خبرٌ يتيم عبر وسائل الإعلام، مرفقاً بصورة تُظهر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يُسلّم المخطوف المحرّر إلى ممثّل الأمم المتحدة في سوريا، تبعه بيان للأمم المتحدة تؤكد فيه تسلُّمَها «المراقب الكندي الذي تعرض للخطف أوائل العام الجاري»، مشيرة إلى أنّه «في صحة جيدة». هذا في الشكل، أما في الخلفية، فتكشف مصادر في الأمم المتحدة لـ«الأخبار» أنّ «المجموعة التي خطفت الكندي تدرّجت في مطالبها»، كاشفةً أنهم «في البداية طالبوا بدفع مبلغ سبعة ملايين دولار ثمّ خفّضوا المبلغ إلى أربعة، لكن الأمم المتحدة وكندا رفضتا دفع أي مبلغ مهما بلغ، متذرّعتين بأن تلبية مطالب الخاطفين المادية تُعدّ تشجيعاً للإرهابيين على انتهاج الخطف». وتشير المصادر نفسها إلى أنّ الخاطفين عندها «أرسلوا صورة المخطوف كامبو مرفقة برسالة إلى ذويه في كندا يحثّهم فيها على الاستجابة لمطالب خاطفيه حفاظاً على حياته»، لكنّ إصرار الخاطفين على المبلغ المطلوب حال دون استمرار المفاوضات.
في موازاة ذلك، تكشف مصادر في المعارضة السورية لـ«الأخبار» أنّه «بعد مرور أربعة أشهر على وجود كامبو في عهدة مسلّحين من المعارضة، ذوي ميول إسلامية، أبدى المخطوف رغبته في اعتناق الإسلام انطلاقاً من المعاملة الحسنة التي يحظى بها». وإزاء ذلك، «استجاب الخاطفون له وبدأوا بتعريفه على مبادئ دين الإسلام». وتكمل المصادر نفسها: «استطاع المخطوف إقناع خاطفيه بصدق رغبته في إشهار إسلامه»، وهكذا «وُضع في المرحلة الأولى تحت المراقبة للتأكد من صدق سريرته». نجح كامبو في أكثر من اختبار، فصار يُشارك خاطفيه في بعض التدريبات الرياضية التي كانوا يقومون بها، كما بدأ بممارسة فروض دينية يومية كالصلاة مثلاً، وصام خلال شهر رمضان أحياناً. وبذلك، تمكّن شيئاً فشيئاً من كسب ثقة خاطفيه الذين تُرجّح المعلومات أنهم فصيلٌ تابع لتنظيم «جبهة النصرة». وبالتالي، بدأوا بإخراجه من مكان احتجازه دورياً، ثمّ أصبح يبيت معهم كأي فردٍ منهم. وترافقت دروس الثقافة الدينية مع دروس عسكرية، إذ تكشف المصادر أنّ الأمر تطوّر إلى حد تدريبه على أنواع محدّدة من الأسلحة. ليس هذا فحسب، إذ تؤكد المصادر أن «كامبو سُلّم رشاش كلاشنيكوف». لم يدم الأمر على حاله. المصادر تذكر أنّ «كامبو كان يتحيّن الفرصة للفرار»، ورغم أنّ «أكثر من فرصة سنحت له، إلّا أنّه تردد لشكّه في أنه تحت المراقبة». واستمر الأمر على هذا النحو حتى منتصف الأسبوع الماضي، أي بعد مرور ثمانية أشهر على اختطافه، وأربعة أشهر على «اعتناقه» الإسلام. وتكشف المصادر أنّ «كامبو تمكن من الفرار تاركاً خلفه بندقيته الرشاشة». الرواية التي نقلتها مصادر في المعارضة السورية تؤكدها مصادر في الأمم المتحدة، لافتةً إلى أنّ «كامبو سلّم نفسه إلى أحد حواجز الجيش السوري المتمركزة بين خان الشيح وطريق دمشق»، مؤكدة أنّه «قطع أربع أو خمس بلدات متخفّياً قبل الوصول إلى الحاجز التابع للجيش السوري. سار نحو ثماني ساعات قبل أن يصل إلى الحاجز. وعندما سلّم نفسه إلى عناصره، لم يفهم العسكريون على كامبو الذي كان يتحدّث إليهم باللغة الإنكليزية. إثر ذلك طلبوا مترجماً، فتبيّن لهم أنه الكندي المخطوف». وهكذا حقّق معه للوقوف على كيفية فراره، ثُمّ سُلِّم إلى السلطات المعنية التي أوصلته بدورها إلى مندوب الأمم المتحدة في سوريا.

يمكنكم متابعة رضوان مرتضى عبر تويتر | @radwanmortada