بعدما تمكن الجيش السوري من فك الحصار عن مدينة حلب وفتح الطريق الذي يصلها من مدينة سلمية (في محافظة حماه)، سعت التنظيمات المرتبطة بتنظيم القاعدة إلى إعادة الوضع إلى ما كان عليه خلال الأسابيع الستة الماضية. وأعلنت مصادر قريبة من التنظيمات الأصولية، وتحديداً من «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، أنها حشدت قواتها لإعادة احتلال بلدة خناصر التي استعاد الجيش السوري السيطرة عليها قبل أيام، فاتحاً الطريق العسكرية بين حماه وحلب. لكن مصادر ميدانية اكّدت أن الجيش السوري صد هجمات مقاتلي «داعش» والنصرة. ويهدف الجيش السوري من خلال عمله في المنطقة إلى الحفاظ على طريق حماه ــ حلب مفتوحة، وإلى منع المسلحين من حصار معامل الدفاع في السفيرة، وتوسيع رقعة الأمان حولها.وتابع الجيش السوري شق طريقه في منطقة السفيرة (جنوب شرقي حلب)، مدمراً دفاعات الجماعات المسلحة، وملحقاً خسائر فادحة في صفوفها، وهي التي كانت لوقت قريب تتباهى بما حققته في عملية «والعاديات ضبحاً» التي سيطرت خلالها على بلدة خناصر، وقرى كثيرة على الخط العسكري، ليبدأ تراجعها لاحقاً. فقد واصلت قوات الجيش تقدمها من خناصر نحو السفيرة، ووجهتها مطار كويرس في الشمال الشرقي.
وقال مصدر معارض إن عشرات الجثث تتناثر في السفيرة وريفها، ولا تجد من يدفنها. وفي قرية أبو جرين الواقعة بالقرب من السفيرة، يحاصر الجيش عشرات المسلحين الغرباء عن المنطقة وهم يطلقون استغاثات لكتائب «الحر» و«داعش» و«النصرة» لنصرتهم من دون استجابة وربما قتلوا أو وقعوا في أسر النظام.
وأغار سلاح الطيران الحربي على مقار للمسلحين في مدينة منبج للمرة الأولى منذ أسابيع، ما أوقع عشرة قتلى على الأقل وفق المصدر، بينما تشهد المدينة توتراً بين الكتائب التابعة لما يسمى «الهيئة الشرعية» وبين مقاتلي «داعش» على خلفية النزاع حول السيطرة على أفران المدينة والمطاحن فيها.
كما نفذ سلاح الجو عدة طلعات دمر خلالها قوافل سيارات بعضها مزود برشاشات، وأخرى محملة بالأسلحة والذخيرة والعتاد الحربي في تل عرن، والسفيرة، ودير حافر، وعبطين، وعلى ضفاف بحيرة الجبول، وكفر حمرا، والليرمون، والكاستيلو.
إلى ذلك، نصبت وحدات الجيش كمائن لمجموعات مسلحة حاولت التسلل إلى المناطق الآمنة في المدينة القديمة وفي حي صلاح الدين وقضت على أفراد مجموعة رفضت الاستسلام بالقرب من «مبنى مكي» من بينهم مسلح تركي الجنسية.
على الصعيد الخدماتي، وصلت عشرات الشاحنات وصهاريج الوقود إلى مدينة حلب، فيما استنفرت وزارات مختلفة في العاصمة طواقمها لإرسال كميات كبيرة من حاجات السكان في حلب من المواد الأساسية والطبية والوقود.
في المقابل، لم تطل فرحة أهالي عاصمة سوريا الاقتصادية بعودة خدمة الانترنت طويلاً، بعدما أدى اعتداء على محطة توليد الكهرباء الخاصة بالمدينة إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل عنها، وانعكس ذلك على ضخّ المياه في شبكة المدينة، التي انقطعت في بعض الأحياء.
وقتل ستة مواطنين معظمهم من عائلة واحدة، فيما جرح ستة عشر آخرون في قصف بقذائف صاروخية على حيّ الأعظمية، وذلك عقب طرد الجيش السوري للمسلحين الذين تسللوا إليها، وسيطروا على بعض الأبنية القريبة من جامع بلال.
وفي منطقة الحمدانية عاد رصاص القنص ليحصد الأبرياء، حيث قتل شخص وأصيب خمسة بينهم طفلتان بالقرب من دوار الاطفائية في الحيّ الثاني.
وفي اليوم الثالث على التوالي، أطلق مسلحو «داعش» وجماعات أخرى، قذائف صاروخية على مناطق عفرين، ونبل، والزهراء، حيث تجاوز عدد الضحايا منذ بدء القصف قبل ثلاثة أيام الثلاثين شخصاً بين قتيل وجريح، غالبيتهم من المدنيين وبينهم أطفال ونساء. وشهدت عفرين حركة نزوح باتجاه القرى المجاورة، في وقت فشلت فيها «داعش» في إحراز أيّ تقدم على جبهة أعزاز ـــ قسطل جندو، حيث تواجهها مقاومة صلبة من «وحدات حماية الشعب» الكردي.

11 شهيداً في جرمانا

وفي ريف دمشق، استشهد 11 مواطناً وأصيب 23 آخرون، بقذائف هاون أطلقها مسلّحون أمس على مدينة جرمانا في ريف دمشق. ونقلت وكالة «سانا» أنّ ثلاث قذائف سقطت عند مدخل جرمانا بالقرب من «مول جرمانا»، والرابعة قرب مستشفى المعونة، في وقت استشهد فيه ستة من المدنيين، وأصيب ستة عشر آخرون بقذائف صاروخية أطلقها مسلحون معارضون في منطقة الأعظمية في حلب.
من جهة ثانية، استمرت المعارك في الغوطة الشرقية، حيث دمّرت تجمعات للمسلّحين وقتل أفراد مجموعة مسلحة في مزارع المليحة حسبما نقلت «سانا». وفي درعا، قتل أكثر من 10 مسلّحين، فيما استشهد 4 مدنيين باستهداف سياراتهم بقذائف هاون قرب بصرى الشام.
كذلك ذكرت «سانا» أنّ وحدات الجيش السوري قضت على 39 مسلّحاً، فيما أردت 32 آخرين من «جبهة النصرة» في قرية الناجية، التابعة لريف اللاذقية الشمالي.
في موازاة ذلك، استهدف مسلّحو «الجيش الحر» مصفاة حمص النفطية، ما تسبب باندلاع حريق لم يوقع خسائر، حسبما ذكرت «الهيئة العامة للثورة السورية»، في بيان نقل على الانترنت. ومصفاة حمص موصولة بخط نفط العراق، وهي تقوم بتكرير نفط حقل العمر الموجود في محافظة دير الزور الذي لا يزال تحت سيطرة الجيش السوري.

مباحثات تشكيل «جيش محمد»

في المقابل، تحدّثت مواقع قريبة من المعارضة المسلحة، عن حصول اجتماعات لكبرى الفصائل المقاتلة لمناقشة تشكيل «جيش محمد». وأشارت إلى أن أبرز الحضور هم قائد «لواء التوحيد» عبد القادر صالح المستضيف للاجتماعات، وأبو عيسى الشيخ قائد ألوية صقور الشام، وموفد عن الشيخ زهران علوش قائد «جيش الإسلام» الذي أعلن عن تشكيله منذ فترة قصيرة في غوطة دمشق.