يزداد قلق سكان بلدة الحدث مع هطول الأمطار، يعبّرون عن خوف كبير من حدوث انجراف واسع للتربة جراء مكب الأتربة العشوائي الذي استحدثته بلدية بعبدا في محلة الخندق الواقع عند الحدود الفاصلة بين بعبدا والحدث.
وكان محافظ جبل لبنان قد أصدر قراراً بوقف الأعمال في هذا المكب العشوائي بناءً على تقرير أعدّته المديرية العامة للتنظيم المدني في وزارة الأشغال العامة والنقل ومصلحة البيئة السكنية في وزارة البيئة، وذلك بعد مراجعات متكررة من قبل بلدية الحدث التي تطالب برفع الأتربة التي حوّلت الوادي الى جبل وسدت ساقية للمياه الشتوية.
وتعتبر مكبّات الأتربة الناتجة من أعمال حفر الطرقات وأساسات الأبنية من المشاكل المستعصية في لبنان. ويقدر حجم هذه المكبات بحوالى 6,750,000 متر مكعب في مختلف المناطق اللبنانية. وتقدر وزارة البيئة اللبنانية كلفة تأهيل هذه المكبات العشوائية بحوالى ٥١ مليون دولار، وذلك بناءً على مسح أجرته «شركة الأرض» بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي شمل٦٧٠ مكباً عشوائياً، بينها 504 مكبّات تحوي نفايات منزلية وصناعية وطبية، و١٦٦ مكباً تحوي ردميات وأتربة من مخلفات البناء.
ويتخوف أهالي الحدث من حصول كارثة على أبواب فصل الشتاء المقبل إذا لم ترفع الأتربة التي تهدد عدداً من المنازل السكنية ومدرسة التربية الوطنية.
وبعدما عجزت بلدية الحدث عن إقناع بلدية بعبدا بحل المشكلة، بادر عدد من سكان الحي الى توقيع عريضة تطالب بلدية بعبدا بتغريم صاحب الأرض والمتعهد الذي قام برمي الأتربة أو المبادرة الى رفع الأتربة على نفقتها الخاصة.
رامي الريشاني، وهو أحد سكان الحي، أكد لـ«الأخبار» رفع دعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة في بعبدا وأرفقها بنص العريضة، وطالب بإلزام المعنيين برفع الأتربة قبل حلول فصل الشتاء. ومن المقرر أن تعقد جلسة للنظر في هذه الدعوى في ٨ تشرين الأول المقبل.
كما تقدم رئيس بلدية الحدث، سبنيه، حارة البطم، جورج إدوار عون، بشكوى ضد بلدية بعبدا بسبب رمي الردميات داخل عقارات محاذية للبلدة بشكل عشوائي.
وتواجه بلدية بعبدا مشاكل داخلية أدت الى استقالة ستة من أعضائها على خلفية أدائها في مختلف الملفات، ولا سيما ملف الطمر العشوائي. ويطالب عدد من الناشطين باستقالة المجلس البلدي الحالي وإجراء انتخابات مبكرة في البلدية التي تشكل ثقلاً هاماً كونها مركز المحافظة.
قرار محافظ جبل لبنان بوقف أعمال الردم أتى بعد وثيقة إحالة أرسلتها إليه المديرية العامة للتنظيم المدني، أشارت فيها إلى أنه «بعد الكشف على الموقع، أحيل هذا الملف إلى المحافظة لإيقاف الأعمال والطلب من الجهات المعنية اتخاذ التدابير السريعة لرفع هذه الردميات التي أصبحت تشكّل خطراً على السكان المجاورين».
يقول عضو بلدية الحدث جورج حداد إن هذه الردميات تشكل خطراً على سلامة أهالي المنطقة. وهو يتقاطع بذلك مع تقرير أعدّته الاختصاصية في وزارة البيئة ثريا عتابا، التي أشارت الى أن الموقع هو ممر شتوي طبيعي وتحيط به الأبنية السكنية من الشمال والشرق والغرب، ولا تبعد هذه المساكن عن جبل الأتربة المستحدث أكثر من مسافة ٤٠ متراً، بينما يحيط بالموقع من الجهة الجنوبية مبنى لركن السيارات التابعة للجامعة الأنطونية على بعد حوالى ٣٠ متراً.
وتلفت عتابا الى أنه تم وضع كميات هائلة من الردميات، حيث تم رفع مستوى الأرض حوالى عشرة أمتار، بالإضافة الى تراكم الأتربة على مسافة ٣٠ متراً تقريباً من الجهة الشرقية للموقع بحسب ما أفاد مهندس بلدية الحدث.
وبالفعل، انزلق قسم من هذه الردميات، ويتخوف السكان من حدوث انزلاقات مستقبلية مماثلة، كما تم رمي الردميات في مجرى العبّارة القديمة الموجودة في الجهة الجنوبية الغربية، ما أدى الى انسدادها، وبالتالي إغلاق منافذ المياه. ورغم النداءات المتكررة لبلدية بعبدا، لم تبادر الأخيرة الى اتخاذ أي إجراءات عملية من قبلها أو من قبل المتعهد المسؤول لمنع انزلاق الردميات والنفايات نتيجة الأمطار ونتيجة تدفق المياه الشتوية في المجرى الذي تم طمره.
تورد وزارة البيئة في تقريرها أن الردميات تحوي أخشاباً ومواد بلاستيكية، إضافة الى مخلفات الحفر، ما أدى الى القضاء على الغطاء النباتي للموقع وإلى تضرر التنوع البيولوجي والبيئة المحيطة.
وطالب وزير البيئة ناظم الخوري وزير الداخلية والبلديات مروان شربل في حزيران الماضي بـ«الوقف الفوري لكل أعمال الرمي العشوائي وعدم السماح بإعطاء بلدية بعبدا أو من يدير الموقع أي ترخيص في المستقبل نظراً إلى الضرر البيئي الذي نتج وسوف ينتج من جراء أعمال الردم».
ودعا الخوري إلى تحميل بلدية بعبدا والمتعهد المشرف على عمليات الرمي، «مسؤولية الضرر البيئي الناتج والطلب من هاتين الجهتين، وعلى نفقتهما الخاصة، إزالة كل الردميات
الموجودة».
ويرفض رئيس بلدية بعبدا هنري حلو مضمون تقرير وزارة البيئة كونه لم يقف عند رأي بلدية بعبدا، التي سمحت لصاحب الأرض فؤاد الخوري الحلو بالقيام بأعمال بالردم بهدف إنشاء طريق خاص يمتد من العقار رقم ٤٦٨٠ حتى خط السكة الحديد، وذلك بناءً على قرار للمجلس البلدي وبالاستناد الى خرائط أعدها المساح المحلف روني قحوش.
ويعيب قرار المجلس البلدي أنه لم يستند الى دراسة مسبقة إلزامية للأثر البيئي لشق الطريق، قبل المباشرة بتنفيذ المشاريع الاستثمارية، كما أن المتعهد لم يقدم ضمانات حول التخلص من الأتربة بطريقة سليمة بيئياً. إضافة الى الحصول على موافقة وزارة الطاقة والمياه كونها تقع بالقرب من مجرى مياه، وموافقة مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك كونها تقع بالقرب من السكة الحديد التي يفترض أن تبقى محمية من أي تعدّ، رغم أنها تحولت في السنوات الماضية الى الضحية الأكبر للمشاريع الخاصة والعامة.


يمكنكم متابعة بسام القنطار عبر تويتر | @balkantar