طارت «الثورة» التي أعلنتها مجموعة من ضباط وكوادر حركة فتح، يوم الجمعة الفائت، في مهبّ البيانات الداخلية والبيانات المضادة التي شهرها «الثوار» والقادة بعضهم ضد بعض. أمين سر حركة «فتح» فتحي أبو العردات أكد أن «وحدة الحركة مقدسة لا يجوز اللعب بها، وكل الإخوة موقعهم محفوظ في القانون، وأي تمرد على الشرعية مرفوض»، في حين جال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب، على رأس وفد من ضباطه، على مراجع صيداوية وعلى رئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور، بهدف وضعهم في أجواء موقف الحركة من البيان الذي أصدرته مجموعة الضباط ضد قيادة فتح. ووصف ما سمّي بالانقلاب أو الحركة التصحيحية بأنه «مجرد زوبعة في فنجان». في المقابل، انتشرت بيانات موقعة من قيادات فتح في البقاع وصور والشمال تعلن تأييدها لبيان الحركة الإصلاحية، لكن سرعان ما ألحقت ببيانات أخرى صادرة عن قادة المناطق في فتح وعن ضباط الأمن الوطني ينفون صحتها ويؤكدون ولاءهم لشرعية القيادة الحالية لفتح. أول من أمس، انتشر بيان منسوب إلى عراب «الحركة الإصلاحية» قائد الكفاح المسلح السابق العميد محمود عيسى «اللينو»، ينفي فيه علاقته ببيان الجمعة. لكنه في اتصال مع «الأخبار»، مساء أمس، أنكر علاقته بالبيان الثاني، مجدداً تمسّكه بالبيان «الإصلاحي» وبالمطالب التي وردت فيه. وأعلن أن المجموعة تلتقي كل مساء في جلسات تشاورية لبحث الخطوات اللاحقة، لافتاً إلى أن الضباط تراجعوا عن مطلب إقالة مفوض الساحة اللبنانية في الحركة عزام الأحمد وتركوا أمر إقالته إلى رئيس السلطة الفلسطينية الرئيس محمود عباس، لكنهم تمسكوا بمطالب إقالة أبو العردات وإبعاد السفير الفلسطيني أشرف دبور عن التدخل في شؤون فتح وتشكيل لجان تحقيق في الفساد المالي وإقالة الضباط وتهديدهم وتجنيد العسكر وتحسين أوضاعهم ورواتبهم إلخ...
على صعيد متصل، عقدت قيادة فتح في «الساحة اللبنانية» اجتماعاً طويلاً أول من أمس في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت. مصادر مواكبة قالت لـ«الأخبار» إن المجتمعين توافقوا على إحالة بتّ خطوة المجموعة إلى رئيس السلطة محمود عباس شخصياً ليقرر ما يراه مناسباً، إذ رفعوا له التقارير المرتبطة بالبيان وأداء الفتحاويين الذين وقفوا خلفه. وتم الاتفاق على رفع طلب طرد هؤلاء، (اللينو، وأبو إياد شعلان مسؤول اللجان الشعبية، والعميد المتقاعد جمال أبو الديب وإدوار كتورة الذي جُمِّد قرار فصله في وقت سابق). وكان العدد الأكبر من أعضاء القيادة صوّت ضد اقتراح تشكيل لجنة لمحاورة المعترضين أو لجان تحقيق. ومن المنتظر أن يلتقي كافة القادة العسكريين وكبار الضباط الفتحاويين من جميع المخيمات في اجتماع طارئ يعقد قبل ظهر اليوم في مكتب أبو عرب في البراكسات في مخيم عين الحلوة.
وكان عدد من المرجعيات اللبنانية قد تدخل لدى السفارة وقيادة فتح من جهة ولدى المجموعة المعترضة من جهة أخرى لتقريب وجهات النظر، منعاً للانشقاق وبروز الخلافات إلى السطح. وبحسب مصادر فتحاوية، فإن شخصية مقربة من الرئيس نبيه بري اتصلت بالفريقين، ونقلت لهما عن لسان بري تذكيره لهما بأن «وحدة فتح من وحدة المخيمات وضمان بقاء القضية الفلسطينية».
من جهتها، تقول مصادر في السفارة إن حركة المعترضين في لبنان مرتبطة بطلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، من رئيس السلطة، إعادة محمد دحلان الى فتح وتعيينه نائباً لرئيس السلطة، خشية تسلّم رئيس المجلس التشريعي عزيز دويك رئاسة السلطة في حال وفاة «أبو مازن». لكن المحسوبين على الأخير يؤكدون أنه رفض طلب كيري، «رغم العرض المغري الذي تلقّاه بتأمين رواتب موظفي السلطة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة». وتضيف مصادر السفارة الفلسطينية في بيروت: «إن الرد على رفض أبو مازن إعادة دحلان جاء من خلال الانقلاب الذي يقوده اللينو»!