بعض السوريين ينزحون من بلادهم، هرباً من القتل، فيأتيهم الموت إلى حيث نزحوا، من حيث لم يتوقعوا. مأساة فوق مأساة. هذا ما حصل مع ثلاثة نازحين سوريين، هم غسان طه وعبد الرحمن الصيام ومحمد علوش، الذين غرقوا في «بئر عربية» محفورة يدوياً. جريحان آخران أصيبا في البئر نفسها، صعقا بالكهرباء، أحدهما نقل إلى المستشفى وهو في حالة خطرة.
حصل هذا في المنطقة الشرقية لبلدة قب الياس البقاعية، أمس، في دار منزل مهجور. المنزل يعود لأشخاص يقيمون في بيروت، كانوا قد اشتروه منذ فترة، من دون أن يقطنوه.
رواية ما حصل يمكن تلخصيها بالآتي: أهالي المنطقة، ومعهم النازحون السوريون، اعتادوا سحب المياه من البئر المذكورة، إلى أن طرأ عليها عطل في مضختها الكهربائية. قصد غسان طه البئر ليتفقد العطل، وسرعان ما لحق به عدد من الشبان لنجدته، بعدما سمعوا صراخ زوجته التي كانت تطلب الإغاثة. وصل محمد علوش وعبد الرحمن الصيام، وأثناء محاولتهما انتشال طه، صعقا بالتيار الكهربائي، ما أدى إلى سقوطهما في البئر. أصبحوا ثلاثة «تحت». إثر ذلك، راح بعض الأشخاص يصرخون طلباً للنجدة، بعدما عرفوا بما حصل، ليأتي شخصان آخران ويعملا على نجدة زملائهم، فما كان إلا أن صعقهم التيار الكهربائي أيضاً...
إلى هنا لم تكن القوى الأمنية قد حضرت بعد، لكن بعد حضور عناصر من شرطة بلدية قب الياس، أمكن انتشال الذين أصيبا أخيراً، وهما على قيد الحياة، أما الثلاثة الذين سقطوا أولاً، فانتشلت جثثهم. لقد فارقوا الحياة في الماء.
أسهم في عملية انتشال الجثث والمصابين غطاسون من الدفاع المدني، أسعفوا المصابَين فوراً، وأدخلوهما إلى مستشفى شتورا. وحضر عناصر مخفر شتورا، ووحدة من الجيش واستخباراته، وضربوا طوقاً أمنيا حول المكان.
مصدر أمني لفت إلى أن سبب الغرق «هو عطل كهربائي طرأ على مضخة المياه، ما أدى إلى صعق الأشخاص المذكورين وسقوطهم في البئر، وبالتالي لم يثبت وجود أي فعل جنائي». وأوضح المصدر أن الغرقى والمسعفين «يتحملون مسؤولية ما حصل، باعتبار أن عملية نجدة غريق في بئر تتطلب حبالاً أو سلماً طويلاً، على وجه السرعة، إلا أنهم لم يستعملوا أياً من هذه الوسائل». هكذا، لا يجد المعنيون أي جهة يلقون عليها بالمسؤولية سوى الغرقى!