عندما اختار مياومو مؤسسة كهرباء لبنان معمل الذوق الحراري لبدء أولى خطواتهم التصعيدية منه احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم منذ شهرين، لم يكن معمل الجية في البال. كان هو احتمالاً ثانياً، ولم يكن موضوعاً ضمن سيناريو أمس. لكن ما حصل أول من أمس غيّر مشهد اليوم الأول للتصعيد، إذ تسرب خبر للمياومين مفاده أن المؤسسة تنوي استقدام مجموعة من العمال غير اللبنانيين إلى الجية للعمل بدل المضربين، كما حصل في الذوق، حيث استقدمت الأخيرة مجموعة من العمال «لتأمين حسن سير العمل ضمن العقود الموقّعة مع الشركات»، بحسب ما أكدت المؤسسة. هذا الخبر كان كافياً ليعدّل المياومون الخطة، ويضموا الجية إلى يومهم الأول. هكذا، انقسموا فريقين: فريق إلى الذوق وآخر إلى الجية. وقفوا أمام مدخليهما. أقفلوهما بأجسادهم ولم يعطّلوا سير العمل الذي استمر على وتيرته.
لم يكن مطلوباً تعطيل سير العمل أمس. كان المطلوب إيصال الرسالة المزدوجة إلى المؤسسة التي يطالبون فيها بصرف أجورهم والتحذير من استسهال فكرة البديل، من خلال استقدام عمال ليحلوا مكان المعتصمين. رسالة يستتبعها المياومون بجملة أسئلة عما تقوم به المؤسسة، إذ كيف يمكنها استقدام عمال أجانب إلى مرفق عام لتستبدل آخرين لم يفعلوا شيئاً سوى المطالبة بحق ثابت من حقوقهم؟ هل تعاقبهم على اعتصامهم لأجل رواتبهم التي لم يتقاضوها منذ شهرين؟ فما الذي يفعله التفتيش الإداري في مثل هذه الحال؟
أسئلة كثيرة اختصرت جوابها المؤسسة بـ«الاستعانة بعمال جدد حفاظاً على حسن سير العمل وتأمين خدمات الناس». لكن، إن كانت المؤسسة تهتم بخدمة الناس، يكفي «مثلاً أن تدفع رواتبنا لنعود إلى أعمالنا بدلاً من الدفع لعمال لا يعرفون كيفية العمل هناك». هذا ما يقوله المياومون وما لا تستطيع فعله المؤسسة، المنتظرة لعقد «التراضي» مع شركة «ترايكوم»، والعالق في وزارة المال. والعقد، إن تمّ، سيكون بمثابة «فترة تمديد» للعقد الأول. وبالعودة إلى سير ملف ترايكوم، يشير المياومون المعتصمون إلى أن المدير العام للمؤسسة كمال حايك «أبلغنا بطريقة ما أن موضوع موافقة وزارة المال صعب، وربما لن توقّع العقد». ويذكر المياومون أيضاً أنهم طرحوا مع حايك، في لقائهم أول من أمس معه، «موضوع إدخالنا كأجراء مؤقتين على غرار مياومين آخرين، وردّ علينا بأن نحضر نصاً قانونياً حتى يسير به». من جهة أخرى، يتطرق هؤلاء إلى اجتماع آخر عقدوه «مع بعض الممثلين في التيار الوطني الحر وحركة أمل لطرح قضيتنا، وقد خرجنا بانطباع أنهم لا يعارضون أي إجراء لا يتعارض مع مشروع القانون الموجود حالياً في المجلس النيابي، وهو المتعلق بملء شواغر مؤسسة كهرباء لبنان».