واصلت تل أبيب طمأنة مواطنيها من أيّ تداعيات على حياتهم في حال شنِّ الولايات المتحدة عدواناً على سوريا، بالتزامن مع اعترافها بأنّ التسوية أصبحت أقرب من الضربة.
ورأى وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، أنّ إسرائيل جاهزة للتعامل مع تداعيات أي ضربة أميركية ضد سوريا، مشيراً إلى أنّ عدم توجيه ضربة إلى سوريا سيكون له، أيضاً، تداعيات على إسرائيل. وتوجه يعالون، الذي تحدث خلال مؤتمر دولي في «هرتسليا»، إلى الإسرائيليين مطمئناً إياهم بالقول: «إن برامجكم التي اعددتموها للعيد لن تتغير، ومواطني إسرائيل سيواصلون حياتهم كالمعتاد».
وأوضح أنّ موقف إسرائيل كان عدم التدخل في المعركة الدائرة في سوريا «إلا إذا تم تجاوز الخطوط الحمراء التي حددناها، وقلنا إننا نتدخل فقط في حال المس بمصالحنا، ولذلك وضعنا خطوطاً حمراء تمثلت بنقل أسلحة كيميائية إلى حزب الله أو المس بسيادة إسرائيل». مع ذلك، أضاف: «نحن نستعد لآثار العملية (الأميركية)، وأيضاً لآثار عدم العملية»، مشيراً إلى أنّه «سيكون هناك آثار لكل قرار» يُنفَّذ.
وعن دور الولايات المتحدة، قال: «إنّ النظام السوري والداعمين له يتحدون النظام العالمي الذي يتولى الزعماء والأنظمة فيه مسؤولية سيادية ومسؤولية عن أعمالهم».
وأقرّ يعالون بأنّ توجّه الرئيس الأميركي باراك أوباما لمهاجمة سوريا يواجه حالياً بصعوبات، سواء من الداخل أو الخارج».
من جهته، تحدث رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، في المناسبة نفسها، لافتاً إلى أنّ (الرئيس السوري بشار) «الأسد مسؤول عن إنتاج محور الشر ونفوذ إيران على لبنان»، واتهم غلعاد الرئيس السوري بأنه «حوَّل استخدام الغاز السارين إلى وسيلة تكتيكية لتثبيت سلطته بلا قيود».
كذلك أكد وزير الشؤون الاستراتيجية، يوفال شطاينتس، أنّ إسرائيل «غير معنية بأداء دور والتدخل في سوريا، لكننا لسنا لامبالين في ما يجري هناك»، مضيفاً أنّ إسرائيل لن تكون جزءاً من أي ضربة ضدها، ولكنه استدرك قائلاً إنه إذا تعرضت إسرائيل لهجوم أو تعرضت مصالحها الحيوية للخطر فسترد بقوة وسخاء.
وكان المجلس الوزاري المصغر قد عقد اجتماعاً، أول من أمس، بحث خلاله مستجدات الوضع السوري، وما سمّاه مناورة الرئيس فلاديمير بوتين لمنع الضربة الأميركية لسوريا بحسب ما ذكر موقع «واللا» العبري. فيما ذكرت صحيفة «هآرتس» أنّ إيران وروسيا تعملان على دفع اقتراح حل وسط من شأنه أن يمنع توجيه ضربة عسكرية لسوريا. في وقت ذكرت فيه القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أنّ مصدراً سياسياً رفيع حذّر من مناورة بوتين بخصوص الأسلحة الكيميائية لمنع الحرب على سوريا. يأتي ذلك بعدما ذكر موقع «يديعوت أحرونوت»، أنّ مسؤولاً إسرائيلياً رفيع المستوى أعرب عن تأييده للمحاولات الدبلوماسية لمنع شنّ هجوم على سوريا مقابل التوصل إلى اتفاق على إخراج السلاح الكيميائي التابع للنظام السوري، مشيراً إلى أنّ «هذا هو الحل الأفضل بالنسبة إلى إسرائيل. الكل يلعبون لعبهم، لكن المصلحة هي القضاء على مخزون النظام من دون حرب».
إلى ذلك، ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية، أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما طلب من نتنياهو مساعدته في إقناع المشرعين في الكونغرس بدعم الهجوم على سوريا، ولبى رئيس الوزراء الإسرائيلي الطلب، وأصدر تعليماته للوبي الإسرائيلي (ايباك) لمساعدة إدارة أوباما في المواجهة التي يخوضها في مقابل المعارضة الكبرى في مجلس النواب، حيث لا يوجد لأوباما أغلبية مؤيدة للهجوم. وبحسب التقارير نفسها، فرض طلب أوباما على إسرائيل التراجع عن سياسة عدم التدخل في الأزمة السورية وعدم محاولة التأثير على الولايات المتحدة، سواء لمصلحة الهجوم أو عدم الهجوم.
ونتيجة ذلك، أجرى نتنياهو سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع المشرعين الأميركيين، وتحديداً في المعسكر الجمهوري، الذين طلب منهم دعم الرئيس أوباما.
في المقابل، حذّرت مصادر سياسية إسرائيلية من أنّ التدخل الإسرائيلي في الواقع الداخلي الأميركي سيشكل رهاناً خطراً إذا ما فشلت العملية الأميركية، حيث سيوجه إصبع الاتهام إلى إسرائيل.
أما في حال نجاح العملية، تكون إسرائيل قد أثبتت مرة أخرى أنّ من الممكن الاعتماد عليها باعتبارها الحليف الأكثر أهمية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وبحسب موقع «معاريف» الإلكتروني، في البداية تخبّط قادة اللوبي الإسرائيلي لفترة طويلة في ما إذا كان عليهم تلبية الطلب بمساعدة أوباما، انطلاقاً من الأبعاد السلبية التي يمكن أن تنطوي على تورط كهذا، كذلك أخذوا بالحسبان حقيقة أن تجنيد «لجنة تعزيز العلاقات الإسرائيلية الأميركية» لهذه المهمة سيثير انتقادات على خلفية أن الولايات المتحدة كما لو أنها تخرج لحرب لمصلحة إسرائيل.
لكن في المقابل اعتبارات دعم الرئيس كانت الأكثر تأثيراً، لأنها أتت بناءً على طلب مباشر من البيت الأبيض. وفي هذا السياق قالت مصادر مطلعة على التفاصيل: «إذا ما طلب الرئيس من غير الممكن القول له لا».