أحداث متنوعة تشهدها أروقة السجون مثل الفرار، أعمال شغب، انتحار، إضراب عن الطعام، اعتداء على الحراس واحتجازهم رهائن، وغيرها من أمور سبق أن حصلت داخل الزنازين. لكن أن يُقدم عدد من النزلاء على خطف زميل لهم لنحو 24 ساعة، وعدم إطلاق سراحه إلا بعد مفاوضات جرت بين إدارة السجن والخاطفين، فربما هذه سابقة تسجّل في تاريخ السجون اللبنانية.
هذا ما حصل بالفعل قبل أيام في سجن زحلة. وفي التفاصيل، نقلاً عن موقوف كان قد أخلي سبيله نهاية الأسبوع الماضي، أن خلافاً كان قد حصل قبل يومين من عملية الخطف بين نزلاء من آل زعيتر وآخرين من آل حميّة، تخلله تضارب وتبادل للشتائم بين الطرفين اللذين هدد كل منهما الآخر بتدفيعه الثمن. تهديدات السجناء من آل زعيتر ترجمت بإقدامهم على خطف سجين من آل حمية، واقتياده بالقوة إلى داخل زنزانتهم، وقد حصلت عملية الخطف داخل أروقة السجن أثناء عودة المخطوف من لقاء ذويه في الزيارة الأسبوعيّة. ويضيف الموقوف الذي أمضى في السجن نحو ثلاثة أسابيع بقضية شيك من دون مؤونة، أن هذه الحادثة أربكت الحراس وإدارة السجن التي «لم يكن أمامها سوى إجراء مفاوضات مع الخاطفين لمدة استمرت زهاء 24 ساعة، مستخدمة الترهيب حيناً والليونة أحياناً، أفضت بعدها المفاوضات الى إطلاق سراح السجين المخطوف الذي كان قد أشبع ضرباً وإهانة طوال فترة احتجازه»، لافتاً إلى أن معظم المشاكل التي تحصل داخل السجن، تعود أسبابها إلى تقاسم النفوذ بين نزلاء ينتمون إلى عائلات كبيرة في البقاع، أو بين سجناء ينفذون أحكاماً طويلة الأمد، «أصبح لكل من هؤلاء دويلته الخاصة داخل غرف يتحكمون بنزلائها تبعاً لأهوائهم»، ويتابع: «وصل الأمر عند أحدهم إلى حد رفض تنفيذ قرار ترحيله إلى سجن رومية، وكان له ما أراد بعدما أطلق تهديدات بجعل السجن مسرحاً لأعمال الشغب»، واصفاً واقع حال سجن زحلة بـ«حارة كل مين إيدو إلو» في ظل غياب الحزم بضبط الأمور، وبحسب الموقوف «يعيش الحراس والإدارة بين مطرقة تنفيذ القوانين، وسندان الزيارات التفقديّة المكثفة التي يجريها من حين إلى آخر قضاة النيابة العامة الاستئنافية في البقاع منفردين أو بصحبة هيئات من المجتمع المدني للاطلاع على أوضاع السجن ونزلائه من جميع النواحي».
ما يحصل داخل أسوار سجن زحلة من مخالفات وتجاوزات تتناقله ألسنة الأمنيين أنفسهم. إحدى الروايات تتحدث عن أن أحد ضباط السجن تلقى عدة اتصالات على هاتفه النقّال، سمع خلالها عبارات نابية وتهديدات تحذره من عواقب تصرفاته، وبعد تمعّنه جيداً بنبرة صوت المتصل، اشتبه بأحد النزلاء الذي اعترف بفعلته بعدما عثر بين أمتعته على هاتف خلوي يحمل نفس الرقم الذي ظهر على شاشة هاتف الضابط، ليصار بعدها إلى إصدار أوامر بنقل السجين إلى سجن رومية. إلى ذلك، كشف مسؤول أمني لـ«الأخبار» نقلاً عن رتيب كان يرأس دورية لسوق السجين ط. ح. ح. إلى عدلية زحلة، بأنّ الأخير طلب من عناصر الدورية إبلاغ قاضي التحقيق بضرورة الإسراع باستجوابه، قائلاً لهم ما حرفيته: «إذا تأخر باستجوابي سأجعله يدفع الثمن غالياً». تهديدات المحكوم بجرائم سرقة وسلب واتجار بالمخدرات تصل عقوباتها إلى المؤبد، وصلت إلى مسمع أحد القضاة الذي علّق بالقول: «يجب التعامل مع أمثال هذا السجين بحكمة وعدم الانجرار إلى استفزازاتهم؛ لأن لا شيء عندهم ليخسروه»، منبهاً من مغبة التصرف معهم بقسوة خارج الأطر القانونيّة.
يذكر أن سجن زحلة يكتظ حالياً بنحو 750 سجيناً، أي ما يقارب ضعف العدد المخصص له وهو 450 في حد أقصى. وكانت أروقة السجن قد شهدت في أوقات سابقة أعمال شغب تخللها إحراق أمتعة وفرش، وتشطيب بعض السجناء أجسادهم بأدوات حادة. ومن أبرز الأحداث التي حصلت داخل أسواره، إقدام أحد السجناء على قتل زميل له بواسطة سكين لأسباب تعود إلى خلافات سابقة بينهما.