يسابق المشرفون على مسجدي التقوى والسلام في طرابلس الزمن، من أجل الانتهاء من أعمال الترميم وإصلاح الأعطال ورفع الأضرار التي أصابتهما نتيجة انفجاري يوم الجمعة الماضي، بهدف إقامة صلاة الجمعة اليوم كالمعتاد.
الورش الفنية والعمال والمتطوعون في محيط المسجدين، لم يتركوا شاردة ولا واردة تتعلق بأعمال التأهيل تمرّ بلا متابعتها أكثر من مرّة، حرصاً منهم على أن تأتي هذه الأشغال على أحسن ما يكون، وعلى سدّ أي نقص أو تقصير يمكن أن يحصل.
ففي مسجد السلام تستمر عملية وضع اللمسات الأخيرة على إنجاز الأشغال، التي من شأنها أن تجعل المسجد مؤهلاً بالحدّ الأدنى لتأدية صلاة الجمعة فيه، كما يشهد مسجد التقوى ورشة كبيرة بهدف جعله مؤهلاً لاستضافة المصلين، داخله أو في باحته، بعدما استنفرت ورش بلدية طرابلس بالتعاون مع متطوعين من أجل رفع بقايا الأضرار، وتنظيف محيط المسجد وإعادة تأهيله، بعد انتقادات وُجّهت إلى البلدية لأنها قصّرت عن تأدية مهمّاتها في الأيام الأولى بعد الانفجار، وإيلائها اهتماماً أكبر لمسجد السلام، برغم أن الأخير يقع عقارياً ضمن نطاق بلدية الميناء، بينما مسجد التقوى يقع ضمن نطاقها الإداري.
ومع أن مخاوف عديدة تسود طرابلس بعد تفجيري الأسبوع الماضي، وهو ما دفع معظم مساجد طرابلس إلى أن تلجأ إلى اتخاذ إجراءت أمنية احترازية، أبرزها وضع عوائق حديدية تمنع وقوف السيّارات في محيطها، وسط احتمال تراجع أعداد المصلين الذين سيفضلون أداء صلاة اليوم في مساجد يعدّونها «أكثر أمناً» أو خارج طرابلس، فإن المشرفين على مسجدي التقوى والسلام يراهنون على أن المسجدين سيمتلآن اليوم عن بكرة أبيهما.
ولهذه الغاية، قام المشرفون على المسجدين بحملة دعائية كبيرة، برفعهم لافتات كبيرة كتب عليها: «مصلايتك بإيدك لنصلي معاً الجمعة»، في إشارة تحثّ المصلين على إحضار سجادة الصلاة معهم لأن أرضية المسجدين لم يُفرش سجاد جديد عليها بدلاً من القديم الذي تعرّض لإتلاف كبير نتيجة الانفجارين.
وبثّ «شباب مسجد التقوى»، كما أطلقوا على أنفسهم، رسائل ودعوات عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر «الواتس أب»، تدعو «كل أهل السنة في مدينة طرابلس الشام وضواحيها إلى أوسع مشاركة في صلاة الجمعة في مسجد التقوى، من أجل أن نرهب أعداء الله بأننا لن نخاف ولن نخضع ولن نسكت عن استهداف مساجدنا، وأننا سننزل إلى التقوى والسلام رغم كيد الأعداء».
وفي هذا الإطار، أكد الشيخ نبيل رحيم، الذي يُعدّ واحداً من أبرز المشايخ السلفيين في طرابلس، أن «صلاة الجمعة اليوم يعدّها الإسلاميون وأهل مدينة طرابلس تحدّياً لهم، لإثبات أنهم ليسوا خائفين، وأن دعوات تصدر بهدف تأمين حشد كبير من المصلين في مسجدي التقوى والسلام على وجه التحديد».
واستبعد رحيم الاحتمالات التي تشير إلى إمكان حصول توتر أمني في طرابلس اليوم، لأن «خطب الجمعة جرى التفاهم على أن تكون مضبوطة وغير تصعيدية، ويجري التعويل عليها لهذه الغاية من أجل ضبط الشارع»، لافتاً إلى اتخاذ المشرفين على المسجدين «إجراءات أمنية احترازية لطمأنة المصلين».
لكن رحيم، الذي أكد أن الإسلاميين بمختلف أطيافهم اتخذوا قراراً بعدم السماح بحصول أي إشكال في طرابلس، وبإبعاد أي توتر عنها، عبّر عن أسفه لكون الانفجارين أظهرا أن طرابلس «مدينة مكشوفة على صعيد إجراءات السلامة العامة ومواجهة الكوارث».
ولفت رحيم إلى أنه «رغم الخضّات الأمنية التي شهدتها طرابلس في السنوات الأخيرة، فقد تبيّن يوم وقوع الانفجارين أنه ما من سيارة إسعاف واحدة مجهزة لنقل الجرحى فيها، ما جعل عملية نقلهم إلى إلى المستشفيات تُجرى بواسطة السيارات أو على الدراجات النارية، وأن سيارات الاطفاء التي وصلت إلى المكانين وصلت متأخرة، وتبين أن بعضها لا يعمل، ما دفع بعض المواطنين إلى إطفاء الحرائق التي شبّت في بيوتهم يدوياً».
هذا الواقع الضعيف والمترهل في طرابلس في هذا المجال، يؤكده عضو بلديتها ورئيس لجنة البيئة فيها جلال حلواني، الذي أوضح لـ«الأخبار» أن الانفجارين «كشفا عورات كثيرة، سواء في بلدية طرابلس أو اتحاد بلديات الفيحاء، وكشفا ضعف الإمكانات المتوافرة لديهما».
وكشف حلواني أنه «لولا وجود سيارتي إطفاء جاءتا هبة إلى البلدية من اليابان، لما وُجد لدى فوج الإطفاء سيارة جاهزة لإطفاء الحرائق، لأن معظم الموجود منها معطل».
وأشار حلواني إلى أنه في عام 2010 «التحقت بلدية طرابلس بـ«برنامج إدارة الكوارث والأزمات التابع للأمم المتحدة»، وكانت المدينة اللبنانية الوحيدة المشاركة فيه، وكان البرنامج ينصّ على وجود غرفة مشتركة لإدارة الكوارث ممولة ومجهزة من الحكومة الإيطالية، لكن البرنامج لأسباب متعددة لم يبصر النور، كما أن المركز لم يجرِ تجهيزه».