الجليد بين المعلمين وأصحاب المدارس الخاصة بسبب سلسلة الرواتب سينكسر. الطرفان يريدان ذلك. يرغبان في تنظيم الخلاف الذي يبدأ بوضع القوانين النافذة على الرف ولا ينتهي بالرواتب. لأجل ذلك كان اللقاء بحضور لجان الأهل. التهويل بانعكاس السلسلة على الأقساط الذي مارسه اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في مثل هذه الأيام من العام الماضي استعاده مجدداً عشية بداية العام الدراسي الجديد.
بنظر إدارات المدارس، سترتب أرقام السلسلة أعباء تفرض زيادة مليون أو مليون ونصف مليون ليرة لبنانية على كل تلميذ. لا يعجب هذا الكلام نقابة المعلمين. برأيها، هذا كلام بالهوا، إذ لا يمكن لمثل هذا الطرح أن يكون اعتباطياً، بما أنّ اعتبارات كثيرة تدخل في حساب الزيادة منها عدد التلامذة وعدد المعلمين وحجم النفقات التي تتفاوت بين مدرسة أخرى.
بكل الأحوال، وفي انتظار دراسة دقيقة بهذا الشأن تَعد النقابة بإعدادها قريباً، يطلب ممثلو المعلمين سحب الكلام على الزيادة من التداول «ما دامت السلسلة لا تزال في أدراج مجلس النواب وليست هناك حتى الآن أرقام نهائية لزيادة الرواتب. يجب على الأقل الانتظار حتى منتصف أيلول حيث وعدنا برفع تقرير اللجنة النيابية الفرعية إلى الهيئة العامة للمجلس». إلا أنّ ذلك لم يمنع المعلمين من مطالبة المؤسسات بدفع غلاء المعيشة على سبيل السلفة في انتظار صدور قانون السلسلة على غرار معلمي وموظفي القطاع العام وموظفي القطاع الخاص. من شأن الإجراء أن ينفّس الاحتقان مع ادارات المدارس، وتشير نقابتهم إلى أنّ تراكم المفعول الرجعي 20 شهراً سببه تأخير إعطاء غلاء المعيشة وليس المعلمين. هل سيرتب ذلك زيادة على الأقساط؟ يقول الأمين العام للعلاقات العربية والدولية في النقابة جمال الحسامي: «أبداً، فسقف مترتبات غلاء المعيشة هو 297 ألف ليرة لبنانية للأستاذ ومعدل الزيادة لا يتجاوز 30 ألف ليرة على التلميذ الواحد باعتراف المؤسسات نفسها».
يرفض رئيس اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في كسروان ــ الفتوح جوزيف بطيش والذي يقدّم نفسه منسقاً للجان الأهل في المدارس الخاصة إعطاء غلاء المعيشة للمعلمين قبل التوافق على كل النقاط العالقة و«لن نوقع على ذلك لأنو ما فيهم يقبضوا قبل ما يطلع قانون». ويردف: «لو قبل المعلمون بفصل القطاعين التعليميين الرسمي والخاص! لتقاضوا غلاء المعيشة ولما وقعوا في هذه المشكلة».
الاتحاد الذي يمثله بطيش ليس هيئة منتخبة وليس صحيحاً أنّ هناك لجان أهل ممثلة لكل المدارس الخاصة في لبنان، يؤكد المعلمون الذين فوجئوا بجلوس بطيش على طاولة الحوار بين الجانبين. اللافت أنّ الأهل وأصحاب المدارس لم يخفوا ارتياحهم لتراجع حراك السلسلة لمصلحة السلم الأهلي والأمن. يلفت أمين سر اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة فرنسوا حبيقة إلى أنّ «نقابة المعلمين تعهدت ببدء عام دراسي طبيعي وهي مستعدة لعدم إعلان أي إضراب والتنسيق مع المؤسسات لتأمين كل ما يساعد العمل التربوي وخدمة الأجيال». أما بطيش فيقول بزهو «الأساتذة تراجعوا عن السلسلة ويجب أن يفعلوا ذلك في ظل هذه الظروف الأمنية الدقيقة وقد مدّوا أيديهم لنا لذا سنمد أيدينا لهم من أجل انطلاقة صحيحة للعام الدراسي». يعلّق مسؤول اللجنة الاجتماعية في النقابة مجيد العيلي أننا «ستقدم مبادرات إيجابية بالنسبة إلى العام الدراسي وتنتظر مقابلتها بإيجابية من المؤسسات». بالمناسبة ليس هناك موعد محدد لبدء العام الدراسي في المدارس الخاصة، فمنها من سيفتح أبوابه في 7 أيلول ومنها من سيبدأ بالتدريس في بداية الشهر المقبل.
لا يتردد العيلي في القول إنّ الأسماء المطروحة لتمثيل النقابة أي العيلي والحسامي ومسؤول اللجنة القانونية نقولا الغصين في اللجنة المشتركة مع أصحاب المدارس والأهل لا تنفّرهم لأنهم يمثلون المدارس في الوقت نفسه. هذا ما يوافق عليه الحسامي أيضاً على قاعدة «ما في مؤسسة ما في معلم، ونحن أبناء مؤسسات نعمل وفق سلم أولويات ونحرص على فتح مدارسنا وهذا تحدٍ، وإذا كان مقصوداً من التفجيرات أن نتضبضب فهذا لن يرهبنا». ويتمنى أن تذهب النقاشات باتجاه الموضوعية «وإذا كان هناك من خلاف فلننظمه».
«كان لازم نلتقي من باب كسر الجفاء من البيانات والبيانات المضادة وتعزيز لغة الحوار»، يقول العيلي. يبدو مقتنعاً بأنّ «الإيجابيات التي يمكن أن نتفق عليها كثيرة».
اللجنة المؤلفة من ثلاثة ممثلين من كل طرف ستعقد اجتماعات لمقاربة موضوعات الخلاف لا سيما القوانين التي لا تطبقها كل من المدارس الإفرادية والمؤسسات التربوية التابعة لجمعيات دينية على حد سواء. ومن هذه القوانين إعطاء راتب يوازي الشهادة التعليمية، الالتزام بالدرجات وساعات التناقص والإجازات (الإجازة السنوية في أشهر الصيف وإجازة الأمومة)، الأوضاع الملتبسة لصندوق التعويضات وكيف تقتطع المدارس من رواتب المعلمين ولا تسدد المستحقات للصندوق، إمكانية أن تساهم الإدارات في تسهيل تنسيب المعلمين إلى صندوق التعاضد كي يستفيدوا من الاستشفاء ومنح الزواج والولادة، أزمة المدارس المجانية والضغط باتجاه الحصول على مستحقاتها المتأخرة نحو 4 سنوات والمناهج وتفعيل دور المدارس الخاصة في الامتحانات الرسمية!
الإسراع في تأليف حكومة جديدة والعمل للسلم الأهلي وإبعاد شبح الخوف وتسهيل البدء بعام دراسي سليم ووحدة الأسرة التربوية والحرص على حقوق الجميع، كلها عناوين ركز عليها بيان اللقاء. وتوافق المجتمعون على حث الحكومة على إصدار قانون غلاء معيشة ليتسنى للمدارس دفع هذه المستحقات.