كلما ازداد الحديث عن ضربة عسكرية وشيكة لسوريا، خلفت وراءها حالة من الذعر والبلبلة بين صفوف المواطنين السوريين، وخاصة الذين يقطنون في أماكن ومناطق يسيطر عليها النظام السوري في كل من دمشق واللاذقية. وبحسب مصدر مطلع في الأمن العام، فإن عائلات سورية من آل مخلوف وسليمان وشاليش وشديد، عائلات وزراء ونواب ومحافظين سابقين وحاليين، عبروا خلال الساعات الـ 24 الماضية الى لبنان عبر نقطة المصنع الحدودية، ولفت المصدر الى أن معظم هذه العائلات اتجهت الى مطار بيروت الدولي فوراً لمغادرة الأراضي اللبنانية الى أماكن أخرى.
ربما، لم يختلف مشهد النزوح عند نقطة المصنع كثيراً أمس، اذ استمرت الحركة الكثيفة التي انطلقت منذ اندلاع الأزمة السورية. ففي الأيام الماضية، كان يسجّل يومياً دخول نحو 13 ألف عابر وخروج نحو 7 آلاف. ما اختلف الآن عن الأيام السابقة كان في عبور العشرات من العائلات الميسورة، وعائلات ضباط ومحافظين. هؤلاء يأخذون احتمالات توجيه ضربة لسوريا بجدّية، حسبما يعبّرون، وهذا أثار موجة أكبر من الهلع بدت واضحة من خلال وجوه العابرين وأحاديثهم.
حازم القادم من حي «التجارة»، بسيارته الفخمة، هو وعائلته، قال إنه آت لتمضية أسابيع في أحد فنادق بيروت، ريثما يرى ما سيحصل. كلامه يعبّر عن مدى الخوف من «ضربة عسكرية كبيرة تطيح كل شيء في سوريا».
أمّا وجيه فيبرر هروبه من ترجيحه لضرب مناطق أكثر بالكيميائي، «ان كان من قبل المعارضة، او من قبل النظام»، باعتبار أن الورقة الأكثر ضغطاً اليوم هي «الكيماوي»، «الكل يسعى لضبط خصمه به، والعترة عالشعب».
ويجزم اسكندر الآتي من منطقة قاسيون بأن قدومه الى لبنان بسبب إلحاح زوجته عليه، «كنت أرغب في البقاء في سوريا، ولكن ماذا نفعل بالأولاد».
يلفت مصدر في الأمن العام الى أن عدداً كبيراً ممن يريدون الخروج من سوريا منعوا من الدخول الى لبنان، غالبيتهم من الفلسطينيين، نتيجة قرار معمم من مديرية الأمن العام اللبناني. وقدر المصدر أن عدد الممنوعين من الدخول، خلال الساعات الـ 24 الماضية، بلغ نحو 2500 مواطن بين سوريين وفلسطينيين. كما شهدت نقطة المصنع عبور عدد من الجاليات الأجنبية التي كانت لا تزال في سوريا.
وأشار المصدر الى أن الأمن العام اتخذ إجراءات استثنائية، اذ رفع جهوزيته في ظل الحديث عن توجيه ضربة عسكرية لسوريا، لاستيعاب النازحين، فأقام الحواجز في الباحة الخارجية، واستحدث ثلاثة مسارب جديدة، أحدها مخصص للرجال السوريين، وآخر للنساء السوريات، وثالث للفلسطينيين.