على وقع الطلب الأممي الرسمي من دمشق دخول الخبراء الدوليين المناطق التي يقال انه استُخدم فيها السلاح الكيميائي، كان «عرّابا» الأزمة السورية ــ واشنطن وموسكو ــ يؤكدان على أهمية الحلّ السياسي وأولويته.
وطلبت الأمم المتحدة رسمياً من الحكومة السورية السماح لخبرائها بالتوجه إلى ريف دمشق للتحقيق في الاتهامات بحصول «مجزرة» بالأسلحة الكيميائية، معربةً عن أملها في الحصول على «رد إيجابي سريع».
وأعلن المتحدث الرسمي، ادواردو دل بوي، أنّ الأمين العام بان كي مون قرّر ارسال ممثلته الخاصة لشؤون نزع الأسلحة انجيلا كاين إلى دمشق.
من جهة أخرى، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، أن بلاده تعوّل على عمل اللجنة الأممية بانتظار أن يسمح بالكشف عن حقائق استخدام السلاح الكيميائي، مذكراً بأن الحكومة السورية وافقت على التعاون إلى أقصى حد مع الخبراء الأمميين وتقديم الدعم اللوجيستي لهم للتحقيق في حادث خان العسل. وفي ما يتعلق بالتحقيق في استخدام السلاح المزعوم، قال لوكاشيفيتش إن المنطقة التي وقع فيها هذا الحادث، تخضع لسيطرة المعارضة وبالتالي يجب وقف القتال هناك لمدة إجراء التحقيق على الأقل، وكذلك التوصل إلى اتفاق بين اللجنة الأممية والحكومة السورية على زيارة هذه المنطقة.
وأكد أنّه لا يوجد هناك ما يؤكد استخدام السلاح الكيميائي في سوريا أول من أمس، مشيراً إلى أنّ موسكو ستحدّد موقفها بشأن استخدام السلاح الكيميائي بناء على نتائج عمل اللجنة الأممية في هذا البلد. وأضاف تعليقاً على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس حول إمكانية استخدام القوة في سوريا، إنّ مجلس الأمن الدولي فقط هو الذي يمكن أن يفوض باستخدام القوة.
وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أنّ الحملة الإعلامية المذكورة تهدف إلى إحباط عقد مؤتمر «جنيف2».
من جهتها، شدّدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جين بساكي على أنّ عقد مؤتمر «جنيف2» هو الآلية الفضلى لتسوية الأزمة السورية.
وأضافت أنّ وزيري الخارجية الروسي والأميركي «أكدا مراراً تمسكهما بالتزامات مؤتمر جنيف. نعلم بوجود خلافات في بعض القضايا حول سوريا، لكن الولايات المتحدة وروسيا يمكنهما أن تؤديا دوراً حيوياً في التأثير على الطرفين. سنواصل العمل على ذلك».
وفي ردود الفعل الدولية، شدّد وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، على أنّه في حالة التأكد من صحة الأنباء عن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا فإن على المجتمع الدولي أن يرد «بقوة». ورأى، في حديث لشبكة «بي. إف. إم» التلفزيونية الفرنسية، أنّه «إذا ثبت الأمر لنا فموقف فرنسا هو أنه يجب أن يكون هناك رد فعل. ما الذي يعنيه رد الفعل؟ يجب أن يردّ المجتمع الدولي بالقوة، لكن إرسال قوات على الأرض غير وارد». وأضاف أنّه «إذا كان مجلس الأمن لا يستطيع اتخاذ قرار، فإنه يجب اتخاذ قرار بطرق أخرى»، لم يحددها.
بدورها، أعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أنّه في حال ثبتت الاتهامات باستعمال أسلحة كيميائية فإن الأمر سيشكل «جريمة مرعبة».
في هذا الوقت، قال وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيليه، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو في برلين، «إننا قلقون جداً من التقارير عن استخدام غاز سام قرب دمشق. وإذا تم تأكيد هذه التقارير فسيكون أمراً مشيناً». بدوره، قال داود أوغلو إنّ جميع الخطوط الحمراء في سوريا تمّ تجاوزها، وانتقد عدم اتخاذ المجتمع الدولي لأية إجراءات بعد اتهام السلطات السورية باستخدام غاز سام ضد مئات المدنيين.
وفي السياق، لفتت لندن إلى أنها تولي الأولوية لتحري الحقائق المحيطة بمزاعم شن الهجوم في سوريا، وأنها لا تستطيع أن تستبعد أي خيار لوقف إراقة الدماء هناك.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية لوكالة «رويترز»، «نعتقد أن الحل السياسي هو السبيل الأمثل لوقف إراقة الدماء». وأضاف «لكن رئيس الوزراء ووزير الخارجية قالا مراراً إننا لا نستطيع استبعاد اي خيار... قد ينقذ هذا أرواح أبرياء في سوريا».
من جهته، لفت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى أنّ التقارير عن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا «مقلقة للغاية»، متهماً إيران باستخدام سوريا «ساحة اختبار». وأضاف «في حال تأكد ذلك، فإنه سيشكل إضافة رهيبة لادراجها في لائحة الجرائم المأسوية التي ارتكبها النظام السوري ضد شعبه»، محذراً من أن تراخي العالم عما يحدث في سوريا قد يشجع إيران على المضي قدماً في برنامجها النووي.
وكان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، قد كرّر للإذاعة الإسرائيلية تصريحات وزير الدفاع موشي يعلون من أنّ «تقديرات المخابرات الإسرائيلية» تشير إلى استخدام أسلحة كيميائية في ضواحي شرق دمشق التي تسيطر عليها المعارضة.
في المقابل، أوضح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أنّه «إذا صحّت المعلومات حول استخدام أسلحة كيميائية، فإن مستخدميها هم بالتأكيد المجموعات الارهابية والتكفيرية التي اثبتت أنها لا تتراجع عن ارتكاب أي جريمة».
وتساءل، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو، «كيف يمكن للحكومة السورية ارتكاب مثل هذا العمل في حين أن مفتشي الأمم المتحدة موجودون في دمشق؟».
إلى ذلك، كشف وزير الإعلام السوري عمران الزعبي لجريدة «تشاينا اراب تايمز» الصينية، أن لدى سوريا «دلائل واضحة على استخدام المجموعات الإرهابية المسلحة للسلاح الكيميائي».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)