الذاهب إلى منطقة الصنائع من كورنيش تلفزيون لبنان، تطالعه منذ أيام يافطات عجيبة غريبة، كان القردوحي، رحمه الله، صاحب «منبر الرأي الحر» ومقرّه شرفة شقّة مطلّة على نفق البربير، ينفرد بمثيلاتها في الغرابة. قبل وفاته.
هكذا، وبعد لافتات رمضان الزجرية التي كانت تنتشر في بيروت كلما حلّ الشهر، والتي كانت تهدّد «العُصاة» ممّن لا يصومون بأن يستتروا وإلا، ها هو «تيار المستقبل» الذي يقاطع المفتي ويقود حملة "عزله" شعبياً، يصعّد، فينشر لافتات ما أنزل الله بها من قرآن!

لافتات مضامينها تختلط فيها مقادير مبهمة ومبتسرة من الحديث والسنّة و... القرآن الكريم! أي أن التيار الأزرق بدأ نشاطه الجديد بـ.. الإفتاء! هكذا يقرأ العابرون اللافتة الكوميدية التالية: «مَن أفطر في رمضان بدون عذر أو مرض، لم يقضه صوم الدهر وإنْ صامه»! التوقيع: تيار المستقبل!
مَن قال ذلك؟ لا أحد يعلم. هل هي من أقوال الرئيس الشهيد مثلاً؟.
وإنْ تقدّم العابر قليلاً، وجد لافتة أخرى تقول: «إنّ أرحم الناس عند الله من عباده الرُحماء»...تشبه الجملة اغنية عبقرية لعاصي الحلاني تقول "وانا مارق مريت"! أي إنه عندما كان يمر.. مرّ! ما هذه البلاغة؟ ما هذا أصلا؟ حديث؟ سورة؟ آية؟ أين الإسناد إذاً؟
واضح أنّ مَن كتب تلك اليافطات ينطبق عليه تعبير «بيعرف من الجمل ادنو» بالنسبة للدين، أو أنه يعرف القرآن «فهم» وليس «بصم»، كما يجدر بمن يتنطح للوعظ والدعوة، خاصة ان كان من أهل السنّة المتشدّدين. فهل يكون الزميل جورج بكاسيني مثلاً، العضو في تيار المستقبل، هو مَن كتبها؟ مضحك هذا التيار.. يريد أن يُزايد على السلفيّين بالتعصّب ليربح شارعاً مذهبياً أفلت من يده لشدّة ما حقنه وأفقره بسياساته ونوابه وزعرانه، فإذ به "يؤلف" مقولات مبهمة تختلط فيها الخفة والجهل والرغبة بمنافسة السلفيين، ورثته في المناطق السنية المتشددة.
إلى أين سيذهب التيار بعد في جنون العظمة والرغبة بتدمير الهيكل "عليّ وعلى أعدائي"؟ الي اي حّد سيتمادى بالتلاعب بالناس الطيبين الذين وترهم مذهبياً وأوهمهم أنّه يقودهم في معركة وجود مصيرية، لئلا يحاسبوه؟ لم يبق الا أن يؤلّف التيار قرآنه الخاص. لم لا؟ يضع له المقدمة «الشخسعد»، ويحتفل بتوقيعه في البيال.
كيف أجرؤ على هذا القول؟ يا إلهي! قد يهدر دمي «تلفزيون المستقبل» في "السوليدير"!