منذ 14 عاماً وهو يغتصب الأطفال. كان «الوحش» طليقاً كل هذه المدّة. هذا ما علمته «الأخبار» أمس، من جديد التحقيقات، في قضية «القبض على مغتصب أطفال». ذاك الموقوف الآن، الذي اغتصب أكثر من 10 أطفال؛ إذ كان يخطفهم ويصوّر أفعاله معهم. لا مؤشرات ظاهرة تدلّ على أنه يعاني مشكلة عقلية. المسألة نفسية محض. يتكلم بهدوء وبكامل وعيه.

هو «عادي»، وهذا أخطر ما في الأمر. لا يحتاج إلى تمويه اصطناعي في مجتمعه، للانقضاض على فرائسه؛ إذ هو مموَّه تلقائياً. كان يقود سيارة صغيرة، من نوع «بيكانتو» لونها رمادي. يتنقل في مناطق العاصمة، وتحديداً بين الأشرفية وجسر الواطي وعين الرمانة. كان، كما ذكر سابقاً، جندياً في الجيش اللبناني، وطُرد منه بين عامي 2007 و 2008 بسبب «سلوكه الجنسي الإجرامي».
عندما كان عمره 8 سنوات تعرّض للاغتصاب. القصة هنا تقليدية جداً. يتعرّض الطفل لاعتداء جنسي في صغره، فيكبر وتكبر معه أزمته النفسية المتراكمة. لاحقاً، يصبح «وحشاً»، أو يصبح شيئاً آخر، أو ينفذ ويظل على طبيعته نفسياً. لكنه حتماً لا ينسى. هذا ما يشخّصه علم النفس. كبر الطفل، وصار فتى، ثم ها هو شاب يُدمّر حياة كل طفل يصادفه، بغض النظر عن الطرق المختلفة، كما حصل معه تماماً في صغره. عندما أوقفته القوى الأمنية، قبل أيام، كان موظفاً في «جمعية خيرية»! الجمعية تمتّ بصلة، من ناحية الاسم، إلى «الطفولة». طبيعة عمله هذا، الذي كان يجعل منه مندوباً متجولاً، كان يقرّبه من المنازل. والأطفال في المنازل. كان يصوّب عليهم، ثم يخطط جيداً، ثم ينفّذ. اغتصب أحدهم في مرأب سيارة، وآخر على الدرج، وثالث خطفه إلى منزله في منطقة الجعيتاوي.
كثيرون، أمس، كانوا في حالة صدمة بعد قراءتهم أو سماعهم الخبر. أكثر جملة ترددت، على ألسن الناس، كانت: «غداً يتساهل معه القضاء ويعود من السجن كما كان». هنا بيت القصيد من القضية كلها. كيف تتعامل الدولة مع حالة كهذه؟
لا يزال «الوحش» في مخفر حبيش. لم يُحل على النيابة العامة بعد، وإن كانت التحقيقات، التي لم تنته، تُجرى تحت إشرافها مباشرة. التواصل مستمر بين القاضي في جبل لبنان، داني شرابيه، ورئيس مكتب «حماية الآداب» المقدم إيلي أسمر (الصورة). بعد مضي يومين على توقيفه، لم يكن أحد من الذين تعرضوا لاعتداء قد حضروا للادعاء، أو أقله للتعرف إلى الموقوف، لكن حتى مساء يوم أمس، وبعد مناشدة القوى الأمنية، بلغ عدد المعتدى عليهم الذين حضروا إلى «حبيش» 3 فتيان. حضروا مع ذويهم طبعاً وتعرفوا إلى «الوحش». ذاك الكائن الذي لن ينسوه أبداً.