يعقد مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان جلسة بعد ظهر غد في المقرّ المؤقت للغرفة. يرتقب أن تكون هذه الجلسة حامية جداً، كونها حُبلى بمفاجأة مصدرها وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس بما يمثّله من سلطة وصاية على الغرفة. نحاس وجّه رسالة إلى أعضاء مجلس إدارة الغرفة يطلب منهم فيها اتخاذ إجراء بحق رئيس الغرفة محمد شقير بسبب استعماله موقعه في الغرفة منبراً سياسياً.
قبل أكثر من أسبوعين، تلقّت رئاسة مجلس إدارة غرفة بيروت رسالة نحاس التي يطلب فيها من أعضاء مجلس الإدارة البحث في المخالفات القانونية التي يرتكبها شقير. وبحسب ما قال نحاس لـ«الأخبار»، فإن خلاصة الرسالة تطلب من أعضاء مجلس الإدارة «الإقرار بأن ما يقوم به رئيس الغرفة هو تصرف مخالف للقوانين المرعية».
ووفق نص الرسالة التي اطّلعت عليها «الأخبار»، فإن طلب نحاس مبني على ما جرى خلال حفل تكريم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والنعوت التي أطلقها شقير بحق عدد من الوزراء عندما قال إنهم «بايعين البلد»، ثم كال لهم كلاماً مخالفاً للقانون ومضراً بالاقتصاد. وتلفت رسالة نحاس إلى أن سلطة الوصاية تنتظر اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن هذا الكلام المخالف للمادة 12 من المرسوم 36 الذي ينص على أنه لا يجوز للغرفة التعاطي بالأعمال التجارية أو التدخل في الأمور السياسية والدينية. كذلك، فإن ما قام ويقوم به شقير يعدّ مخالفاً لنص المرسوم 78 الصادر في 30 حزيران 1977 والذي يحدّد أصول عمل المؤسسات ذات المنفعة العامة.
هذه الرسالة لم تظهر فجأة، بل هي مبنية على واقعة «كبيرة» جرت خلال الحفل الذي أقامه مجلس رجال الأعمال اللبنانيين تكريماً لسلامة. يومها، أطلق سلامة كلاماً تحذيرياً عن وضع الاقتصاد اللبناني عموماً والمخاطر التي تحيط بالمنطقة. ويبدو أن كلام سلامة أثار انتباه شقير الذي أخذ الكلام وتحدّث موجّهاً كلامه مباشرة إلى الوزراء الأربعة الذين كانوا موجودين في الحفل (مروان خير الدين، نقولا نحاس، شكيب قرطباوي، نقولا صحناوي) وسألهم: «لماذا كلما أبلغناكم عن صعوبات الأوضاع الاقتصادية قلتم لنا إن الوضع جيد وإن التطمينات التي تسوقونها مصدرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رغم أنه (أي سلامة) يقول اليوم كلاماً تحذيرياً...؟ أنتم في هذه الحكومة وزراء بايعين البلد. هناك الكثير من الإفلاسات بين مؤسسات لبنان، وكلها نتيجة ما يقوم به الفريق السياسي الحاكم».

هذا الحديث المنقول عن بعض الحاضرين خلال حفل التكريم، يحمل الكثير من الموقف السياسي، وهو ما أثار حفيظة الوزراء الأربعة الذين ردّوا بعبارات الاستهجان عليه، إلا أن نحاس ردّ على شقير بكلام قاسٍ، طالباً منه التقيد بقوانين تمثيل غرفة التجارة في بيروت وجبل لبنان وعدم إطلاق كلام سياسي مضرّ بالاقتصاد... واستتبع نحاس موقفه في حفل التكريم بنص الرسالة التي أرسلها إلى الغرفة طالباً توزيعها على أعضاء مجلس الإدارة، وخصوصاً أن هناك 6 من أعضاء المجلس يمثّلون الحكومة في المجلس، لكنها حتى مساء أمس لم تكن قد وزّعت على الأعضاء.
لم تأت رسالة نحاس فجأة. ورغم كونها «مهذّبة» جداً، جاءت وسط سيل من الملاحظات على إنفاق الأموال في غرفة بيروت، وخصوصاً لجهة الإنفاق على مبنى الغرفة الذي تجاوزت كلفة تأهيله حوالى 6 ملايين دولار. بعض أعضاء مجلس الإدارة كانوا يأملون أن يقوم نحاس بالتدقيق في وجهات الإنفاق في الغرفة، وسأل أحدهم: «بدأنا بقصة تأهيل مبنى الغرفة بكلفة 1.5 مليون دولار واليوم تجاوزنا مبلغ 6 ملايين دولار. هل إنفاق كل هذا المبلغ ضروري؟ أليس على الغرفة أمور ثانية تقوم بها؟».
وبحسب ردّ شقير، فإن كلفة تأهيل مبنى الغرفة ليس مموّلاً من إيرادات الغرفة، بل من مساهمات المنتسبين وبعض المصادر الخارجية بنسبة تفوق 70%. غير أن كلام شقير ليس موثقاً في مشروع موازنة 2013 الذي يشير إلى أن مساهمات تأهيل الفرع الرئيسي بلغت 879.5 مليون ليرة، أي حوالى 583 ألف دولار، وأن ما سدّد من أموال الغرفة ضمن بند «كلفة مشروع تأهيل مبنى الفرع الرئيسي» بلغ 3.1 مليارات ليرة، أي ما يعادل مليوني دولار حتى نهاية عام 2012. وبحسب مصادر الغرفة، فإن مبلغاً إضافياً دفعته الغرفة ولا يزال مسجّلاً ديناً عليها لأحد المصارف المحلية... لكن كيف ارتفعت الكلفة ومن هو المتعهد؟
تشير مصادر في الغرفة إلى وجود الكثير من المشاريع المعلّقة بسبب امتناع شقير عن السير بها رغم كونها مفيدة. أحد أبرز الأمثلة في هذا المجال هو مركز دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المعلق تنفيذه منذ أكثر من سنتين، والذي لا يكلّف أكثر من 400 ألف دولار، وتستفيد منه 98% من المؤسسات اللبنانية.