لندن ترى في سوريا بداية لمسار محبط. مسار «بات الرئيس السوري الأقوى فيه»، حيث يسيطر التطرف والتفتت على المعارضة المسلحة، التي أحصى نائب مدير وكالة استخبارات الدفاع الأميركية 1200 جماعة فيها. وأقرّ رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بأنّ الرئيس السوري بشار الأسد بات أقوى الآن مما كان عليه في السابق، وأنه نجح في تعزيز مكانته خلال الأشهر الأخيرة، محذراً من أن سوريا تواجه «مساراًَ محبطاً».
وصف كاميرون، في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، الوضع في سوريا بأنه «وصل إلى طريق مسدود»، لافتاً إلى «وجود مشاكل مع جزء من المعارضة هناك جراء انتشار التطرف في صفوفها»، وموضحاً أن «هذا الوضع لا يبرّر رفع الجسر المتحرك ووضع رؤوسنا في الرمال وعدم اتخاذ أي شيء، وما يجب علينا القيام به هو العمل مع شركائنا الدوليين لمساعدة ملايين السوريين الراغبين في إقامة دولة ديموقراطية حرة في بلادهم». وشدّد على «أننا ندعم مؤتمر السلام حول سوريا (جنيف 2) وعملنا بجد لعقده».
في موازاة ذلك، حذر نائب مدير وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، ديفيد شيد، من سيطرة الجماعات المسلحة الأكثر تطرفاً في سوريا على بقية التنظيمات المعارضة، إن لم يتم كبح جماحها.
وأعرب شيد، في كلمة أمام منتدى «اسبين» الأمني في كولورادو، عن خشيته من أنه «إذا تركت (جماعات المعارضة) دون رادع، فإن أكثر العناصر تطرفاً ستسيطر على قطاعات أكبر»، متوقعاً أن يستمر الصراع من أشهر إلى أعوام.
وشدّد على أن قوة «جبهة النصرة» تزداد وأنها تثير قلقاً خطيراً، ورأى أنّ تفادي الولايات المتحدة الانغماس في الصراع يأتي عبر الاعتماد على الحلفاء في المنطقة، قائلاً «نعرف أنّ عدداً من دول الخليج لديها مخاوف كبيرة من نظام بشار الأسد... وأعتقد أن هناك عدداً كبيراً من الحلفاء المستعدين للعمل معنا عن كثب بشكل أكبر».
وكشف شيد أنه أحصى ما لا يقل عن 1200 جماعة في المعارضة، موضحاً أن كثيراً من هذه الجماعات منشغل بالشكاوى المحلية، مثل نقص المياه الصالحة للشرب في قراهم.
من جهة أخرى، شدّد وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، على أن مصر «لا تزال تؤيد الحل السياسي، وتأمل أن يتحقق ذلك من خلال اجتماع «جنيف ٢» أو أي وسيلة سياسية أخرى». وأكد، عقب مباحثاته مع رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد الجربا، أن بلاده تدعم الثورة السورية وتتعامل مع مشاكل السوريين باعتبارها «حالات فردية» مستقلة عن القضية السورية.
من جهته، أعلن الجربا أن فهمي أبلغه بأن الإجراءات الجديدة لدخول السوريين إلى مصر بالتأشيرة «موقتة وستنتهي خلال هذا الشهر الفضيل».

غارات على حيّ الراشدين وكمين في عدرا

ميدانياً، شهدت حلب (باسل ديوب) معارك عنيفة على محاور عديدة، كان أشدّها في حي الراشدين حيث تدخل سلاح الجو موقعاً خسائر فادحة في صفوف المجموعات المسلحة، التي انسحبت جنوباً باتجاه أطراف خان العسل. وقال مصدر مطلع لـ«الأخبار» إنّ المجموعات المسلحة، وبينها مقاتلون من «جبهة النصرة»، التي فرّت من الراشدين، هاجمت حواجز في خان العسل.
من جهته، قال مصدر في «جيش الدفاع الوطني» إنّ تسعة عناصر بينهم ستة من بلدتي نبل والزهراء سقطوا أثناء التصدي للمجموعات المسلحة في الحيّ.
وفي المدينة القديمة، شهد محيط الجامع الأموي هجوماً للمسلحين لم يسفر عن تغيير في خطوط السيطرة، بالتزامن مع هجمات أخرى في باب النصر وبستان القصر والشيخ مقصود، فيما كانت أعنف المواجهات فجر أمس في محور أغيور _ ميسلون، حيث حاول مسلحون التقدم باتجاه حيّ ميسلون بعد إطلاق صاروخي غراد وعدد من قذائف الهاون على أحياء ميسلون والجابرية والتلفون الهوائي. وفي محيط السجن المركزي، استهدفت نيران الجيش تجمعاً للمسلحين في قرية حيلان وحاجزاً إلى الجنوب الشرقي في مدخل المدينة الصناعية، موقعة عشرات القتلى والمصابين، لكن أعنف الضربات وأقساها كانت بالقرب من محطة زيدو على طريق حلب _ إدلب حيث لقي أكثر من 20 مسلحاً مصرعهم في قصف عنيف للمنطقة.
في السياق، نفّذ الجيش السوري، صباح أمس، كميناً لعشرات المسلحين أفشل عبره محاولتهم للتسلل إلى غوطة دمشق الشرقية.
وقالت وكالة «سانا» إنّ وحدة من الجيش «قضت على أعداد من إرهابيي جبهة النصرة غرب المدينة الصناعية بعدرا، كانوا يحاولون التسلل إلى عمق الغوطة الشرقية لمؤازرة المجموعات المنهارة».
ونقلت عن قائد ميداني قوله إنّه «تمّ رصد الإرهابيين وتعقبهم من منطقة الضمير قبل إيقاعهم في كمين محكم غرب المدينة الصناعية».
(الأخبار)