حلب | انفراج عام تشهده حلب مع فكّ الحصار عنها وتزويدها بكميات كبيرة من المواد الأساسية، في وقت انحسرت فيه هجمات المسلحين على الأحياء الغربية، مع تواصل استهداف نيران الجيش لمقار وتجمعات المسلحين. إذ لم تمض 24 ساعة على بدء انحسار الأزمة التي تعيشها حلب، حتى شن الجيش السوري سلسلة عمليات نوعية وغارات على مقار المسلحين في المدينة وريفها، موقعاً خسائر جسيمة في صفوفها.
في وقت بدأ فيه عدد من محطات الوقود بتوزيع كمية 20 ليتراً لكلّ سيارة بالسعر الرسمي (80 ليرة سورية)، حيث اصطفت آلاف السيارات على جوانب الطرقات المؤدية إلى المحطات المعتمدة للتوزيع، والتي لحظت التوزع الجغرافي في المدينة، وفق مصدر في محافظة حلب.
وفور الإعلان عن بدء التعبئة للسيارات، انخفض سعر ليتر البنزين المبيع على الأرصفة من 700 إلى 300 ليرة سورية، كما بدأت شاحنات حكومية ببيع أسطوانات الغاز مباشرة للمواطنين في عدد من الأحياء بسعر 1200 ليرة، وهو سعر قريب من السعر الرسمي (1000 ليرة).
كذلك انخفضت أسعار الخضر، لكنها بقيت أعلى من أسعارها في باقي المحافظات، فيما يشهد معبر بستان القصر حضور آلاف المواطنين يومياً لشراء الخضر والمواد الغذائية.
وقال مروان زيتوني، الذي ركن سيارته بانتظار دوره، «منذ عام تقريباً تمّ فك المضخات من المحطات، وأصبحنا تحت رحمة المهربين. وصل سعر الليتر إلى 1200 ليرة قبل أيام، وخطوة فتح المحطات تعني أن الدولة ستلتزم بتوريد البنزين لها».
ميدانياً، تراجعت وتيرة الهجمات التي يشنها المسلحون على مناطق غربي وجنوبي حلب، في وقت ازدادت فيه عمليات القصف بالهاون من حيّ بني زيد الذي يستهدف الأحياء المجاورة، حيث أوقعت قذائف أطلقت على حيّ شارع النيل أربعة قتلى، بينهم شقيقان، وأكثر من عشرة جرحى، وتجدّدت الاشتباكات على تخوم الحيّ من جهة الجنوب، من دون تغيير ميداني.
وأغار سلاح الجوّ على مواقع للمسلحين في المدينة، صباح أمس، بالتزامن مع معارك عنيفة شهدها حيّ الراشدين غربي حلب، حيث تمكنت وحدة من الجيش من اقتحامه، وفق مصدر مطلع أكد أنّ المسلحين تكبدوا خسائر كبيرة.
وشهد قسم من حي صلاح الدين، الذي تسيطر عليه المجموعات المسلحة، حظراً لتجوال المدنيين، في وقت استمرت فيه الاشتباكات مع الجيش السوري في المدينة القديمة، بالقرب من خان الفرايين وخان البرشام.
كذلك، تمّ صد مجموعة حاولت التسلل من حيّ كرم الجبل، وقُتل سبعة على الأقل من أفرادها.
وفي الريف الشمالي، قال مصدر مطلع لـ«الأخبار» إنّ نيران الجيش استهدفت مقارّ للمسلحين وآليات مزودة برشاشات ثقيلة ومتوسطة في قريتي منغ وماير، وفي محيط مطار منغ.
ومنذ بداية رمضان تراجعت وتيرة العمليات القتالية في محيط سجن حلب المركزي، بالتزامن مع تطبيق الاتفاق بين المسلحين والهلال الأحمر العربي السوري، القاضي بإدخال وجبات الإفطار إليه.
ويواصل فرع حلب للهلال الأحمر نقل الوجبات الغذائية على نحو شبه يومي إلى سجن حلب المركزي المحاصر منذ شهور، والذي يضم نحو خمسة آلاف سجين. وقال مصدر في الفرع، طلب عدم نشر اسمه، لـ«الأخبار»: «نقوم بتزويد السجن بخمسة آلاف وجبة طازجة في كل يوم يوافق فيه المسلحون على ذلك. وفي المرة الأخيرة، وافق المسلحون على إدخال أدوية للأمراض المزمنة وغيرها».
وأضاف «كما أننا نصطحب في كل مرة 10 سجناء انتهت فترة حكمهم بالسجن، أو صدر قرار بإخلاء سبيلهم، حيث يقوم المسلحون باعتقالهم للتحقيق معهم، ثم يطلق سراحهم بعد ذلك وفق الاتفاق».
من جهته، قال مصدر قضائي إنّ أكثر من 300 سجين انتهت أحكام سجنهم، أو صدر قرار بإخلاء سبيلهم، وينتظرون الإفراج عنهم.
وأشار المصدر إلى أنّ المسلحين نكثوا بالاتفاق السابق، الذي توجهت وفقه لجنة قضائية رفيعة إلى السجن المركزي للنظر في ملفات الموقوفين والإفراج عمن تنطبق عليه شروط الإفراج، حيث أصيب رئيس اللجنة، وهو قاضٍ، إصابة خطرة وتم نقله إلى المستشفى وأفشل الاتفاق.
وتنتشر في المنطقة المحيطة بالسجن جماعات مسلحة مختلفة، أبرزها «جبهة النصرة» و«لواء التوحيد»، و«أحرار الشام الإسلامية»، والأخيرة هي الجماعة التي تعهدت بتطبيق الاتفاق الجديد، وفق مصدر في الهلال الأحمر.