باشرت اللجنة النيابية الفرعية أمس بدرس مشروعي قانوني سلسلة الرواتب والإجراءات الضريبية. إلا أن الجلسة الأولى غاب عنها وزير المال محمد الصفدي بسبب خضوعه لعملية جراحية بسيطة، وغاب أيضاً المدير العام للوزارة آلان بيفاني بسبب السفر، ورفضت اللجنة تمثيل الوزارة عبر مديرة الصرفيات عليا عبّاس، التي اقترحها الصفدي «لكونها الأكثر اطلاعاً على الملف، لكونها تابعته في كل مراحله».
إذاً، انعقدت الجلسة من دون الوزارة المعنية، فيما حضر رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وأعضاء اللجنة الوزارية التي درست المشروعين. ونفت مصادر وزارة المال أن يكون سبب غياب الصفدي متصلاً بتحفّظه على السلسلة، وقالت «إن الصفدي لا يحتاج إلى الغياب ليسجل عدم اقتناعه بالمشروع، فموقفه أعلنه في مجلس الوزراء وفي جلسة اللجان المشتركة». إلا أن رئيس اللجنة النيابية الفرعية النائب إبراهيم كنعان، قال إنّه سيقدم طلباً رسمياً لرئاسة مجلس النواب لحضور الصفدي، لأهمية وجوده خلال جلسات مناقشة السلسلة.
ليس غياب الصفدي فقط ما فاجأ النواب، بل ظهر أن هناك تناقضاً بينه وبين الرئيس ميقاتي واللجنة الوزارية في شأن الأرقام. وهذا ما دفع اللجنة إلى طلب دراسة مفصلة من رئيس الحكومة الذي وعد بإرسالها قريباً، والهدف هو توضيح الكلفة الإجمالية الحقيقية للسلسلة والمعايير المتبعة في توزيع الزيادة بين القطاعات الوظيفية والفئات الوظيفية داخل القطاع الواحد والإيرادات المرتقبة من الضرائب المستحدثة والإجراءات الإدارية، أو ما سمي الإصلاحات.
الصورة بالنسبة إلى أعضاء اللجنة لا تزال ضبابية. حتى الآن، الملف المتوافر بين أيديهم ناقص وليست هناك أرقام ثابتة للكلفة الإجمالية للسلسلة، كما يقولون. برأيهم، ثمة غموض بشأن المعايير المتبعة في الزيادة، فالسلسلة تعكس تفاوتاً بين العسكريين والإداريين والمعلمين، وليس هناك ترابط وتوازن بين الأسلاك. لا جواب نهائياً لديهم بشأن الأرقام الدقيقة للإيرادات المرتقبة من الضرائب المستحدثة ومن الإجراءات الإدارية، وخصوصاً أنّهم لم يتسلموا مشاريع ومراسيم القوانين المتصلة بهذه الإجراءات ومشروع البناء المستدام، بل لم توضع على جدول أعمال اللجنة.
المجلس النيابي ليس بوارد أن يبصم على مرسومي مشروعي السلسلة والضرائب. هذا ما أكده أكثر من نائب في اللجنة الفرعية. الأمر يحتاج، بالنسبة إليهم، إلى نقاش مستفيض لأن السلسلة ملف لا ينفصل عن الموازنة السنوية وسقف العجز والرؤية الاقتصادية العامة.
يقول عضو كتلة الكتائب النيابية فادي الهبر إنّنا «نؤيد حقوق الأساتذة والموظفين مع مراعاة أنّ السلسلة قضية بحجم وطن ويجب دراسة مفاعيلها الإيجابية والسلبية بالنظر إلى قدرة الدولة على الإيفاء المستدام للزيادة ضمن معيار المحافظة النسبية على سقف العجز» .يؤكد ضرورة أن تكون هناك صدقية في الإيرادات المرتقبة وما إذا كانت دائمة أو لا، تجنباً لخلق أزمة وطنية.
ويرى عضو كتلة المستقبل النيابية رياض رحال أنّ هناك حاجة للتدقيق في الأرقام التي هي تقديرية بمعظمها. ويقول: «لا تستطيع الحكومة أن ترمي المشروع في ملعب المجلس النيابي من دون إعطائه معلومات ثابتة».
ويستغرب عضو كتلة القوات اللبنانية النائب جوزيف معلوف غياب وزير المال، لأن الكثير من الأجوبة عن تساؤلات النواب هي في حوزته، «فالمشروع كما هو محال على المجلس النيابي ضبابي لجهة الإيرادات ولا يخولنا اتخاذ القرار السليم بشأنه».
ويلفت عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الوليد سكرية إلى أنّ هناك «ملاحظات كثيرة على مشروع السلسلة، وسنعكف على دراسة كل مواد القانون لنحقق العدالة بين كل القطاعات الوظيفية».
أما رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان، فبدا مرتاحاً لمنهجيته التي لم تفتح باب السجال بين الحكومة والهيئات النقابية. يقول إنّه «يصارع التوقيت القاتل وسيقف في وجه كل من يزايد علينا في الدفاع عن حقوق الموظفين والمتعاقدين، أو يضع العصي في الدواليب». لن يقبل أن تكون اللجنة الفرعية رهينة لأحد، وستمشي الأمور تباعاً من دون تأخير، على حد تعبيره. وتواصل اللجنة اليوم جلستها الثانية التي ستستمع فيها إلى ملاحظات هيئة التنسيق النقابية وممثلي الهيئات العسكرية والأمنية ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية، على أن تلتقي غداً الخميس هيئات أصحاب الرساميل لبحث التأثير الاقتصادي للسلسلة. وستحضر الحكومة في الجلستين المقبلتين. وينتظر أن تستأنف اللجنة عملها بدراسة مواد القانون الثلاثاء المقبل، لأن رئيس مجلس النواب نبيه بري دعا إلى جلسة للجان المشتركة تعقد يوم الاثنين.