يطول انتظار العابرين على طريق الفرزل ــ الحمرا بلازا. تتحول بضعة كيلومترات لا تتجاوز السبعة إلى عنق زجاجة لا تخرج منها السيارات المارة بأقل من ساعتين، أو هذا على الأقل ما حصل مع إيلي المعلوف الذي راح يتمتم باستياء عارم «كتير هالقد، رح نموت، والله على أوتوستراد الضبية ما بتاخد معي هالوقت كلو».
تتزاحم السيارات والفانات والشاحنات والبيك ــ آب المحملة بالخضرة والفواكه على طريق لا يتجاوز عرضها سبعة أمتار. تحاول كل منها التقدم وإن بضعة سنتيمترات، فيما يفضل البعض الآخر اقتحام باحات بعض المحلات والمؤسسات التجارية لتخطي عدد من السيارات أمامه، أو «الشك» أمام سيارات أخرى. أما إذا صادف أن اصطدمت سيارة بأخرى، فسيحتاج اجتياز طريق الفرزل حينها إلى ساعة إضافية على الأقل، يقول أحد المارة ساخراً.
لا تفلح كل محاولات عناصر حاجز الجيش ودراجي قوى الأمن الداخلي عند مدخل بلدة الفرزل، ومفرق «الحسبة» (سوق الخضار) في معالجة زحمة لم يعتدها البقاع الفسيح من قبل.
إلى ذلك، بات ركاب الفانات من المدنيين والعسكريين، يسارعون، بمجرد وصولهم إلى ما يسمى «حاجز المشترك الفرزل» (سمي كذلك لكونه كان حاجزاً يجمع عناصر الجيش اللبناني مع الجيش السوري)، إلى الترجل والمضي سيراً على الأقدام لاجتياز «خنقة» طريق الفرزل «حتى ما نتأخر على خدمتنا وناكل شي عقوبة»، يقول أحد العسكريين.
إسراء تأخرت فعلاً عن موعد بدء امتحاناتها الرسمية صباحاً، علماً بأنّ بلدتها لا تبعد سوى 15 كيلومتراً عن مركز الامتحانات في زحلة. لم يكن ينقص الطالبة في علوم الحياة سوى إرباك التأخير في الوصول في الموعد المحدد، ليضاف إلى القلق من الامتحان نفسه. لم يوافق رئيس المركز على السماح لها بالدخول إلا بعدما استوضح سبب التأخير، والذي تبين أنه السبب نفسه في تأخير غيرها من الطلاب الممتحنين والأساتذة المكلفين بالمراقبة، ليس في المركز نفسه فحسب بل في غيره من المراكز، خصوصاً أولئك القادمين من قرى غرب بعلبك ومدينة رياق. يُفرض على هؤلاء جميعاً «الغوص» إجبارياً في زحمة سير طريق الفرزل. فالطريق يُعد بوابة البقاع الأوسط إلى رياق وقرى شرقي بعلبك وغربيّها، وهي لا تزال على ضيقها وحالتها المزرية منذ ما يقارب عشرين عاماً، حيث لم يطرأ على وضعها أية تحسينات، سوى بعض «الترقيع بالزفت أو الباطون» لبعض الحفر، التي لم تنفع في ظل عدم وجود بنى تحتية لها، ولا حتى قنوات تصريف مياه الشتاء.
ويوضح الرئيس السابق لبلدية الفرزل ابراهيم نصر الله (استقال منذ شهر تقريباً)، لـ«الأخبار» أن طريق الفرزل هي المدخل والمخرج الرئيسي لمدينة زحلة وقرى شرقي وغربي بعلبك، وبقيت على الرغم من ذلك الوحيدة من بين سائر طرقات البقاع التي لم ينفذ مشروع توسعتها وتجهيزها ببنى تحتية وتعبيدها بالكامل، وهي تفتقر إلى كل مقومات الطريق حيث تحتلها الحفر الكبيرة التي تتسبب بحوادث وزحمة سير خانقة، فضلاً عن عدم وجود قنوات لتصريف مياه الأمطار.
ويؤكد نصر الله أن المجلس البلدي «بذل جهوداً كبيرة من أجل إنجاز المشروع الذي أنهى مجلس الإنماء والإعمار دراسته، وقد خصص له مبلغ 27 مليار ليرة لبنانية، وأحيل إلى مجلس الوزراء الذي وافق على صرف الاعتماد المالي له في جلسته المنعقدة في 11/7/2012 وبقرار حمل الرقم 6، «لكننا وحتى اليوم لم نشهد شيئاً على الأرض، حتى أننا لا نعرف أين أصبح الاعتماد المالي».
ولم تؤد الإتصالات المكثفة التي تابعتها بلدية الفرزل سواء مع وزارة الأشغال، أو مجلس الإنماء والإعمار وحتى لجنة الأشغال في مجلس النواب إلى أي نتيجة حتى الآن، بحسب نصرلله. ويلفت الرجل إلى أن مشروع تأهيل طريق الفرزل وتوسعته «لا يواجه أية مشاكل قانونية، فالإستملاكات الخاصة بالطريق انجزت بالكامل منذ العام 2002، وكان من المفترض الشروع بالتنفيذ منذ بداية فصل الربيع، لكننا نجهل الأسباب الفعلية لعدم التنفيذ». وحتى ذلك الحين، ستبقى طريق الفرزل «عنق زجاجة حرق الأعصاب» من البقاع الشمالي واليه، وسيبقى على العابرين في تلك «الخنقة»، سواء كانوا طلاباً وأساتذة أم عسكريين ومدنيين، أن يناشدوا دولتهم أثناء فترات انتظارهم الطويل، لتفرج عن 27 ملياراً وتنقذهم جميعاً، فيترحمون عليها بدلاً من لعنها صبح مساء.