كان الدمُ يسيل من وجهه. قميصه مُزِّق حتّى بان صدره الذي، لشدة احمراره، بدا كأنّ أحداً انتزع الشعر النابت فيه. ملامح الرجل تدل على أنّه أربعيني، لكنّه كان يبكي كطفل. وعلى أمتار منه، افترشت الأرض امرأة برداء أسود. عقارب الساعة كانت قد تجاوزت منتصف الليل، لكنّ عدد الشبّان المُتجمهرين أذهب سكونه. تخال لوهلة أنّ الرجل تعرّض لضرب مبّرح على أيدي الشبّان، لكن لا يلبث أحدهم أن يُخبرك أنّ «زوجته ضربته بوحشية».
إجابة مباغتة تستفزّك لتسأل فوراً: «لماذا إذاً هي مرمية على الأرض؟»، فيردّ أحدهم: «تُمثّل أنّها غائبة عن الوعي»، كاشفاً أنّ «شبّاناً من الحي أنزلوها بالقوّة من المنزل بعدما استفزّهم صراخ الرجل واستغاثاته المتكررة». تلك الوقائع حصلت قبل أيّام في شارع عبد النور في محلّة حارة حريك، حيث يقيم الزوجان بلال ن. (لبناني الجنسية) وعبير ع. (أردنية ــــ فلسطينية)، لكنّها لم تكن المرّة الأولى. يقول أحد الجيران لـ «الأخبار»: «إنّ خلافهما يومي»، مشيراً إلى أن «صراخهما يرتفع عند العاشرة مساءً ليمتد حتى نحو الثانية فجراً يومياً». أما ما حصل في تلك الليلة، فيرويه أحدهم بحماسة: «سمعنا صراخه من على الشرفة بعدما حبسته لعدة ساعات هناك»، مشيراً إلى أنّ زوجها الذي يعمل سائقاً عمومياً «بدأ يطرق بقوّة على الباب طالباً إليها أن تفتح له». ولمّا لم تستجب لطلبه، زاد من شدّة طرقاته. عندها فتحت الباب لتُعاجله بضربة عصا على رأسه. هنا ارتفع صراخه من الألم مجدداً، لكنّها لم تتوقّف. أحضرت سطل ماء حمّمته به وانهالت عليه بالضرب من جديد. يُشار إلى أن «بنات المرأة الثلاث يُقمن معها، علماً أنهن من زواجها الأول». يُخبر أحد الجيران مشيراً إلى أن بلال هو الزوج الثالث للمرأة التي توفي زوجاها السابقان.
يضحك معقّباً: «لا لم يموتا من الضرب، الأول كان مريضاً والثاني توفي بحادثة». أما الأسباب الموجبة لهذه الخلافات، فيُجمع الذين التقتهم «الأخبار» على أنّها مجهولة. يُرجّح أحدهم أن تكون «الأوضاع المالية السيّئة هي السبب»، باعتبار أنّهم «مكسورون على إيجار المنزل منذ أشهر». ويلفت الجار المذكور إلى أن «الزوج يأتي باستمرار سكران إلى المنزل».
يذكر أحد الجيران لـ «الأخبار» أن «الأمر لم يعد يُطاق»، مؤكداً أنّهم بصدد «توقيع عريضة تطالب بطرد الزوجين من الحي، بسبب الإزعاج وحال القلق المستمر اللذين يتسببان بهما منذ نحو شهرين». ويُشير إلى أن «تكسير الصحون الزجاجية والصراخ المستمر باتا روتيناً يومياً نُجبَر على سماعه باستمرار». ليس هذا فحسب، ينقل أحد الجيران المدعو محمود خ. أنّ مالك الشقة أوكله بمهمة إخراجهم منه بعد تلقّيه عشرات الشكاوى.