سجلت الأيام الأولى من موسم الحصاد هذا العام تراجعاً ملحوظاً في انتاج الأراضي البعل المزروعة بالقمح في البقاع بنسبة 50% عن المعدل العام، مقابل محصول جيد نسبياً في الأراضي المروية راوح بين 500 و600 كلغ في الدونم الواحد.
مع كل موسم حصاد لمختلف أنواع الحبوب التي تزرع في الأراضي البعلية، يعيد المزارعون طرح الأسئلة عن مصير الوعود التي أطلقتها الحكومات المتعاقبة على مدى عقود بإقامة سدود مائيّة في مجاري أنهر البقاع، في مقدمها نهر العاصي الذي توقفت أعمال مشروع إنشاء سدّ في مجراه منذ 4 سنوات، وعن كيفية اعتماد زراعات بديلة في منطقة تفتقر إلى ثلثي مساحة أراضيها لمصادر المياه؟
إزاء هذا الواقع، يضطر الفلاحون في منطقتي بعلبك ــــ الهرمل الى اعتماد الزراعات الممنوعة لتحصيل لقمة عيشهم، أو في أحسن الأحوال زرع أراضيهم بالقمح والشعير والعدس والحمّص وغيرها من أنواع الحبوب التي تساعد الرطوبة السطحيّة ومياه الأمطار الربيعيّة في نموّها بأحجام متفاوتة.
يوضح أحد أصحاب الحصّادات سميح الساحلي، أن إنتاج القمح في البقاع الشمالي هذا الموسم تراجع بنسبة 40% عن المعدل العام. ومنذ بدأ موسم الحصاد في منطقة بعلبك ــــ الهرمل منذ مطلع الشهر الجاري، بلغ مجموع المساحات التي جمع محصولها بآلة الحصاد خاصته نحو 1200 دونم، في أراضٍ بعل تقع في سهول اللبوة، جبولة الشعيرة، وزبود.
يستغرب الساحلي تراجع نسبة المحصول بالرغم من استمرار هطل الأمطار طوال أشهر الربيع. ورداً على سؤال، يشير إلى أن معظم أصحاب هذه الأراضي قد يحجمون عن زراعتها بكافة أنواع الحبوب في الموسم القادم. «سمعت بعضهم يقول إنه سيغامر بزرعها بحشيشة الكيف، حتى لو أتلفت الدولة نباتاتها»، يقول الساحلي.
بالانتقال إلى البقاعين الأوسط والغربي، يقول المزارع إيلي نبهان إن المحصول جيد في الأراضي المرويّة، بعدما راوح إنتاج القمح فيها بين 550 و600 كلغ في الدونم الواحد.
لا يعوّل نبهان على الأرباح القليلة التي يجنيها من زراعة القمح، فالغاية منها إراحة التربة من باقي الأصناف وتنظيم الدورة الزراعية، لأن أرباح الدونم الواحد تصل في حدّها الأقصى إلى 100 ألف ليرة، نظراً إلى الكلفة العالية التي تفوق 300 ألف ليرة تشمل ثمن بذار وحراثة وأجور عمال وحصّادة ومصاريف ريّ تتصدر قائمتها أسعار المازوت المرتفعة.
يرفض نبهان عدم تسليم محصوله لوزارة الإقتصاد، ويفضل بيعها في الأسواق نقداً مهما بلغ ثمنها، بعيداً عن الإجراءات الروتينيّة التي تتبعها الوزارة. ويؤكد «أن نصف مزارعي القمح أحجموا العام الماضي عن تسليم محاصيلهم للوزارة التي كانت قد حددت سعر الكيلوغرام الواحد بـ 600 ليرة، أي أقل من سعره في السوق، الذي وصل الى حدود 1000 ليرة للأسباب عينها».
من جهته، يوضح رئيس نقابة المزارعين في البقاع إبراهيم الترشيشي أن معدل إنتاج القمح في الأراضي البعل عادةً لا يتجاوز في حدّه الأقصى 250 كلغ في الدونم الواحد، فيما يصل في الأراضي المرويّة وبالأخص في البقاعين الأوسط والغربي ما بين 500 و700 كلغ، عازياً أسباب تراجع الإنتاج هذا العام في بعض مناطق البقاع الشمالي إلى تعرّضها للصقيع، مقدراً المساحات المزروعة بالقمح في لبنان هذا العام بنحو 120 ألف دونم، النسبة الأكبر منها في البقاع.
يعتقد الترشيشي أن الأسعار ستبقى على حالها، إن لناحية وزارة الاقتصاد التي تسلّمت في العام الماضي نحو 40 ألف طن من القمح، بسعر 590 ليرة لكيلو القمح و550 ليرة للشعير، أو لناحية السوق المحليّة التي تخضع للعرض والطلب. وبانتظار أن تحدد وزارة الاقتصاد أسعار القمح والشعير لهذا العام، يطالب المزارعون باعتماد أسعار تتلاءم مع تكلفة الإنتاج المرتفعة، وذلك من أجل تلبية حاجة السوق المحليّة من هذه الحبوب، وتدراكاً لإحجام المزارعين عن هذه الزراعات في الأعوام المقبلة.