«النازح السوري، أو مُطلق إنسان، إذا جاع، فمن حقّه أن يسرُق ليأكل». واقعٌ لا يختلف عليه اثنان، أو أقلّه، فرضية يراها كثيرون قريبة التحقق. فالقاعدة الشهيرة القائلة بأن الضرورات تُبيح المحظورات، تُبرّر انقلاب الحرام حلالاً في حالات الشدّة. فمن يجرؤ على أن يُدين جائعاً سرق رغيفاً كي يأكل؟ على وقع هذه الاحتمالات والتساؤلات، يعيش المواطنون اللبنانيون أرقاً أمنياً يُخيّم على المرحلة المقبلة عنوانه النزوح السوري. ويُشير تقرير لقوى الأمن الداخلي إلى استمرار ارتفاع معدّل سرقة السيارات والمنازل.
حالها كحال جرائم السلب التي ارتفعت أيضاً، يُقابلها انخفاض في عمليات النشل، في حين حافظ معدّل جرائم القتل على استقراره. وتُرجّح مصادر أمنية ارتفاع هذه المعدلات مستقبلاً، باعتبار أنّ «الحاجة تقف خلف الجريمة أيضاً»، بحسب ما ينقل أحد القضاة لـ«الأخبار» قائلاً: «تغلب الجنسية السورية على الموقوفين بجرائم السلب والطعن بسكّين». ويذكر القاضي أنّ دافع هؤلاء للسرقة غالباً ما يكون حاجتهم إلى المال، باعتبار أنهم من المعدمين من حيث الوضع الاجتماعي. وفي السياق نفسه، يؤكد مسؤولٌ أمني رصد ازدياد معدلات السرقة «دافع الحاجة». ويوضح أن عدداً من الحوادث تضمن «سرقة أطعمة وملابس عن حبال الغسيل وجرار غاز». كذلك يتطرّق إلى تفشّي ظاهرة التسوّل. وبعدما كانت هذه الظاهرة تقتصر على الأطفال أو العجزة، «بتّ تلاحظ عائلات كاملة مؤلفة من زوج وزوجة وأطفال تتجوّل مستعطية المارة». ويحذّر المسؤول الأمني من أن «آلاف الشبان من النازحين العاطلين من العمل ممن لا يجدون قوت يومهم مرشّحون لأن يكونوا مشاريع مجرمين».وسط هذا الجو القاتم، يتّفق الضبّاط والقضاة على حلّ أوحد لا ثاني له. ينطلق هؤلاء من جبرية غرق لبنان في أزمة النازحين السوريين انطلاقاً من مسلّمة أن «العشوائية المطلقة» كانت سيّدة الموقف في إدارة ملف النزوح السوري، إذ كيف يعقل ألا تكون أماكن وجودهم محددة من قبل الأجهزة الأمنية. ويخلُص هؤلاء إلى أنّ «تنظيم حركة هؤلاء عبر لوائح مفصّلة تضم أدق المعلومات عن النازح» ستفي بالغرض.