لم تكن الصورة بحاجة إلى الكثير من أجل تفسيرها. تشنّج وتجهم وتوتر. هذا ما بدا على الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما أثناء المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه في ختام لقائهما على هامش قمة الثماني التي انعقدت في مدينة اينيسكيلين في إيرلندا الشمالية. الموضوع الأساس للمحادثات كان معلناً أنه الأزمة السورية. بوتين كان مباشراً. قالها بوضوح إنهما مختلفان على سبل إنهاء الصراع في هذا البلد. «مواقفنا غير متطابقة» كانت الكلمات التي استخدمها وهو متجهم ومطرق برأسه، قبل أن يضيف «لكن توحّدنا نيتنا المشتركة لإنهاء العنف ومنع زيادة عدد الضحايا في سوريا وحل المشكلات بالطرق السلمية ومن بينها محادثات جنيف... اتفقنا على دفع عملية محادثات السلام وتشجيع الطرفين على الجلوس إلى مائدة المفاوضات وتنظيم المحادثات في جنيف».
تعابير مشابهة استخدمها أوباما للتعبير عن الاختلاف، لكنه أضاف إلى نقطة الاتفاق على حل المشكلات بالطرق السلمية للتوصل لحل سياسي، فكرة «ضمان عدم استخدام الأسلحة الكيميائية»، قبل أن يعلن أنه وبوتين طلبا من معاونيهما العمل لعقد مؤتمر جنيف 2 حول سوريا.
خلاف لم يمنع من صدور بيان يعلن أن الرجلين اتفقا أيضاً على عقد قمة روسية أميركية في 3 و4 أيلول في موسكو «بهدف تعزيز الطبيعة البناءة لعلاقاتنا نعتزم مواصلة الاتصالات بصورة منتظمة على أعلى مستوى»، أي قبل قمة مجموعة العشرين المقررة في 5 و6 أيلول في سانت بطرسبرغ في روسيا.
وفي نهاية المؤتمر الصحافي، حاول أوباما تهدئة الأجواء عبر الإشارة إلى كفاءة سيد الكرملين في لعبة الجودو، لكن بوتين سارع إلى صده. وقال الرئيس الأميركي «إننا تبادلنا ملاحظات حول خبرة الرئيس بوتين في لعبة الجودو ومهاراتي التي تتقلص في لعبة كرة السلة. لقد اتفقنا على أننا كلما تقدمنا في السن، نحتاج إلى وقت أكثر من أجل التعافي» من إصابات اللعب. فما كان من نظيره الروسي إلا أن ردّ ببرودة بـ«أن الرئيس يريد أن يهدئ نفسه بكلامه عن مسألة السن تلك».
وفي السياق، قال مسؤول بريطاني إن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يريد أن يجري نقاشاً صريحاً مع قادة الثماني على العشاء الذي أقامه مساء أمس، مشيراً إلى أن دول الغرب عازمة على الاتفاق على قضايا خمس، وأن البيان الختامي الذي سيصدر في نهاية قمة الثماني سيصدر في كل الأحوال حتى ولو لم توافق عليه روسيا، ذلك أنه عندها سيصدر باسم مجموعة السبع.
وكان كاميرون قد شدد في وقت سابق على أن روسيا مثل غيرها من دول مجموعة الثماني تتحمل جزءاً من مهمة دفع الأطراف المتنازعة في سوريا إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات بأسرع ما يمكن بدلاً من دعم حكومة «تذبح» مواطنيها، مشيراً إلى وجود فجوة كبيرة في وجهات النظر بين بوتين وغيره من زعماء مجموعة الثماني. هو كاميرون نفسه الذي كان أعلن صباحاً أنه «لا يمكن أن نقبل بأن يكون البديل الوحيد للأسد هو الإرهاب»، كاشفاً عن أن بريطانيا لم تتخذ بعد قراراً بشأن تسليح المعارضة السورية.
أما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فانتقد تسليم روسيا أسلحة لدمشق، معتبراً أنه يجب «ألا نأمل كثيراً» بإحراز تقدم في الملف السوري خلال القمة. وأضاف أن النقاش في القمة سيركز على إفهام روسيا أنه يجب تنظيم مؤتمر «جنيف 2» من أجل مصلحة المنطقة والسلام في العالم لإيجاد حلّ سياسي.
وخلال لقائه مع بوتين على هامش قمة الثماني، أعرب هولاند عن أمله بمناقشة الوضع في سوريا «الذي ازداد سوءاً منذ لقائنا الأخير».
من جهتها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مجدداً، رفضها توريد الأسلحة إلى المعارضة السورية.
وذكرت ميركل لمحطة «آر تي إل» الألمانية، قبل توجهها لحضور القمة، أن الهدف الأساسي يتعيّن بالتوصل إلى حلّ سياسي.
من جهة أخرى، أعلن المتحدث باسم الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، أن موسكو لن تسمح بإقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا، وذلك إثر تقارير أشارت إلى أن الولايات المتحدة تعدّ لمثل هذا الاجراء.
ولفت لوكاشيفيتش إلى أنّ بلاده لا تريد تكرار النموذج الليبي في النزاع السوري، مشيراً إلى أنّ الانشطة الأميركية في الأردن «انتهاك مباشر للقانون الدولي».
في المقابل، كشف سفير أميركا المنتهية ولايته لدى حلف شمالي الأطلسي، إيفو دادلر، أن بلاده لم تطلب من الحلف دعم فرض منطقة حظر جوي في سوريا، موضحاً أن المسألة ليست ضمن جدول أعمال الحلف حالياً.
وفي السياق، حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من خطورة الذهاب باتجاه التسلح في سوريا. ورأى، خلال لقائه المفوضة الأوروبية العليا للشؤون الخارجية والأمنية كاثرين أشتون، أنّ هذا التوجه قد يدمّر سوريا تماماً، ويؤدي إلى اضطراب الأوضاع في المنطقة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)