«تصاعد التوترات في اقتصاد مرن» هو عنوان التقرير الاقتصادي الدوري الذي يُفترض أن ينشره البنك الدولي كاملاً بعد أسبوع. وفقاً لملخّصه التنفيذي، يحتاج الحفاظ على خاصية المرونة تلك إجراءات عاجلة، وتحديداً على مستوى احتواء «مخاطر» النزوح السوري في المجتمعات الصغيرة على وجه الخصوص. ينوّه معدّو التقرير بقرار لبنان استقبال اللاجئين السوريين، بعدما ولّدت الحرب في بلاده «أزمة إنسانية هائلة»، غير أنّهم يُحذّرون من أنّ «الأزمة تؤثر سلباً وبنحو حاد على الاقتصاد اللبناني». برأيهم، إنّ الخطر الأساسي يتمثّل في «تدهور الوضع الأمني الناتج من تداعيات تلك الأزمة التي تمسّ قلب النسيج المجتمعي في لبنان». وبحسب تقديرات البنك الدولي أخيراً، تجاوز عدد اللاجئين المليون. ووفقاً لتقديرات بعض المراقبين، فإنّ العدد تجاوز فعلاً 1.5 مليون نازح.
يؤثّر عدم الاستقرار هذا سلباً على ثقة المستثمر والمستهلك على حدّ سواء، يقول التقرير. وقطاعياً «يؤثر مباشرةً على الممرات التجارية. وفيما أثبت قطاعا المصارف والعقارات قدرة على الصمود، فإنّ القطاع السياحي هو الخاسر الأكبر».
أما على المستوى المعيشي، فإنّ الضغوط التضخمية – أي ارتفاع الأسعار – تستمرّ في التصاعد. «ويعود ذلك جزئياً إلى استبدال البضائع السورية الأقل كلفة بسلع مستوردة، كذلك يرتفع الضغط المحلي على الأسعار من قبل اللاجئين السوريين، في مجال الإيجارات السكنية (الشقق) مثلاً». يعود هذا التأثر الحاد بالأزمة السورية إلى «ارتباط البلدين على نحو وثيق، أكان من حيث الروابط التاريخية أم الاجتماعية أو الاقتصادية». لكن تلك الروابط تتحوّل إلى مشكلة فعلية؛ فتدفّق اللاجئين أدّى إلى «المزيد من الضغوط على فرص العمل والتشغيل ومستوى الأجور الاسمية، ما يخلق تنافساً ويحدّ من فرص المجتمعات المضيفة»، فضلاً عن «المزاحمة في الحصول على الخدمات العامة». وبنتيجة تلك «الصعوبات التي تواجهها المجتمعات المستقبلة للاجئين»، يشرح خبراء البنك، بقولهم: «ترتفع حدة التوتر المجتمعي، ما قد يؤدي إلى إرباك الثقة، وبالتالي إلى تلاشي الاستقرار الاقتصادي». انطلاقاً من هذه الصورة، يُشدّد التقرير على الآتي: «هناك ضرورة ملحّة لرسم السياسات المناسبة لمواجهة هذه الصعوبات والحد من تداعيات الأزمة السورية على لبنان ومساعدة المجتمعات المضيفة بهدف تقليص المخاطر والتصدي للتحديات التنموية التي بدأت تتضاعف». ومن تشخيصه للوضع، يُشدّد التقرير على «ضرورة أن يتحرّك المجتمع الدولي بنحو طارئ لدعم لبنان ومساندته مالياً في جهوده لاستضافة النازحين».
عموماً، يُشير التقرير إلى أنّ المواجهة السياسية المستمرّة في لبنان وتصاعد الأزمة في سوريا، يؤثّران سلباً على النموّ. وإذا «تحسّنت الأوضاع السياسية والأمنية خلال النصف الثاني، فقد يبلغ النموّ 2.3% هذا العام».
(الأخبار)