يميل مجلس الانماء والاعمار الى سرد المطولات في معرض دفاعه عن العقود ــ الفضيحة الممددة مع مجموعة AVERDA القابضة (شركتي سوكلين وسوكومي).حصل هذا في الكتب الجوابية التي حاجج بها المجلس امام مجلس شورى الدولة للتملص من ادخاله طرفاً في الدعوى التي رفعتها بلدية عبيه عين درافيل بوجه الدولة اللبنانية اعتراضاً على عدم احتساب تعويضات طمر النفايات في نطاقها العقاري.

وفي الاجوبة التي رفعها رداً على الاسئلة التي توجه بها وزير الطاقة والمياه جبران باسيل عقب فضيحة تمديد مجلس الوزراء عام ٢٠١٠ لعقود جمع وكنس ومعالجة وطمر النفايات في بيروت وجبل لبنان. واخيراً في معرض «تصويبه» للتحقيق الذي نشرته في «الأخبار» بعنوان: ««سوكلين» تدير تفليسة البلديات»*.
المشترك في هذه الردود: دفاع مستميت عن العقود، ورفض للنقاش في جدوى التسبيخ، وصمت مطبق عن عدم انفاذ مجلس الوزراء للتعهد الطوعي لمجموعة AVERDA بخفض تجاري بقيمة أربعة في المئة على العقود.
وكان مجلس الوزراء قد وافق في 6/4/2010 على تكليف لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء الداخلية والبلديات والمالية والبيئة، يعاونها رئيس مجلس الانماء والاعمار للتفاوض مع المتعهد مجموعة AVERDA بشأن امكانية خفض اسعار العقود. ولاحقاً تقدم مجلس الانماء والاعمار بتاريخ 29/7/2010 بكتاب يفيد فيه بأن مجموعة AVERDA على استعداد، في حال حددت مدة التمديد بأربع سنوات، لتقديم حسم تجاري قدره 4% من قيمة صافي مستحقاتها.
وفي معرض تبريره لعدم انفاذ هذا التعهد، اوضح مجلس الانماء والاعمار انه «حتى تاريخه لم يتبلغ اية توجيهات من مقام مجلس الوزراء بشأن المفاوضات التي آلت اليها اللجنة الوزارية المكلفة، بالتفاوض مع مجموعة AVERDA بشأن امكانية خفض الاسعار الحالية للعقود».
والسؤال الذي يطرح، هل يملك مجلس الانماء والاعمار صلاحية اخطار الامانة العامة لمجلس الوزراء حول ضرورة تبليغه بنتائج التفاوض الذي خاضه الرئيس الاسبق سعد الحريري مع الشركة، علماً انه شاهد على هذه المفاوضات؟ ولماذا لم يكلف رئيس المجلس نبيل الجسر نفسه عناء سؤال زميله في «التمديد والتجديد» الامين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، عن مصير الـ ٤٪ التي تعهد بخفضها صديقهما المشترك ميسرة سكر؟
بالعودة الى ارشيف المراسلات بين مجلس الانماء والاعمار والامانة العامة لمجلس الوزراء، نجد العشرات من الانذارات التي وجهها الجسر بوجوب طرح تمديد عقود سوكلين وسوكومي على جدول اعمال المجلس بذرائع مختلفه، بينها طلب سوكومي تمديد عقودها كشرط مسبق لاستيراد انابيب تصريف غاز الميثان من مطمر عين درافيل، والطلبات المتكررة لتسديد مستحقاتها مرة من اموال الصندوق البلدي المستقل، ومرات بسلف مباشرة من الخزينة. اما حين يكون الموضوع استرداد الاموال وليس دفعها، فلا يجد الجسر حرجاً في القول انه «ينتظر جواب مجلس الوزراء»!
وفي ما يعود الى كلفة الاشغال المرتفعة التي وصلت الى حدود 150 مليون دولار اميركي، اشار مجلس الانماء والاعمار الى ان ارتفاع الكلفة مرتبط فقط بزيادة كمية النفايات، وشمول العقود 293 بلدية تقع ضمن محافظتي بيروت وجبل لبنان (أي 1.080.000 طن للعام 2012)، بالاضافة الى اشغال كنس الطرقات في بيروت الكبرى (28 بلدية).
وفيما يعود الى عدم التزام مجموعة AVERDA الشروط والاحكام التعاقدية، ولا سيما نسبة النفايات القابلة للفرز واعادة التدوير واحتساب قيمة بيعها في العقود بحسب الاسعار الرائجة في السوق. تجاهل مجلس الانماء والاعمار الاشارة الى عدم تضمين العقود بنداً يجري على اساسه استرداد قيمة بيع المواد المعاد فرزها (١٠٠ الف طن تقدر قيمتها التجارية بما لا يقل عن ٣٠٠ الف دولار اميركي)! واكتفى بالاشارة الى «الصعوبة التي يواجهها المتعهد في بعض الاحيان من تحقيق الغاية لفرز المواد القابلة لاعادة التدوير بالنسب المطلوبة، وذلك لعدم صلاحية بعض انواع المواد القابلة لاعادة التدوير، كون هذه المواد تكون ملطخة بالزيوت والدهون والدهانات». ويشكل هذا التوضيح ادانة اضافية للمجلس كونه قبل بجمع النفايات قبل فرزها من مصدرها، الامر الذي سبب تلف المواد القابلة للفرز والمواد العضوية القابلة للتسبيخ، ليس فقط بالزيوت والدهانات، بل بمواد مرتفعة السمية، ادت الى تعطيل كامل عملية المعالجة بما فيها التسبيخ بهدف انتاج محسن للتربة (كومبوست) يوزع على الاراضي الزراعية. وحول قول المجلس ان مجموعة AVERDA تقوم بانتاج ٣٠٠ طن من الكومبوست الذي «يوزع مجاناً على المزارعين»، فاننا نأمل ان يزودنا المجلس بلائحة لهؤلاء المزارعين لكي يتم الاطلاع على تجربتهم، علماً ان مقابلات عديدة جرت مع مزارعين افادوا فيها بأنهم قبلوا لمرة واحدة دخول كومبوست الى ارضهم، ولم يعيد الكرة لانها تسببت بتلف المزروعات.
توضيح مجلس الانماء والاعمار