ما إن انتهى فصل الشتاء، حتى عادت أزمة مياه الشفة إلى قرى راشيا الوادي: عزّة، البيرة، كفردينس، مدوخا، خربة روحا، المحيدثة وضهر الأحمر.
السبب يكمن في الإدارة الخاطئة لهذا القطاع. فأهل القرى، وبالأخصّ القاطنون على جانبي الطريق الرئيسية بدءاً من المصنع وصولاً إلى مرج الزهور في الجنوب، يعانون من انقطاع المياه بشكل شبه دائم، حتى تحولت الأزمة إلى هاجس لما تكبدهم إياه من أكلاف إضافية، في ظل أوضاع اقتصادية سيئة، وانعدام فرص العمل.
أنهك محمد عساف، من بلدة الرفيد، عدد غالونات المياه التي عبّأها وأفرغها في خزان المياه، بعدما فشل في إيجاد صهريج لتعبئة المياه منه. وحال عسّاف لا تختلف عن حال أحمد هاجر في بلدة خربة روحا، الذي يعيد سبب انقطاع المياه عنده إلى التعدي الواضح على شبكة مياه الشفة من قبل مواطنين وحتى مزارعين. ويضيف: «ما عم نشوف المي إلا ساعة أو ساعتين أسبوعياً. خفيفة وما بتطلع على السطح». حاول هاجر حلّ المشكلة بشرائه خزاناً ثانياً وضعه في دار منزله. لكن حتى ذلك لم يحلّ مشكلته، فهو يضطر إلى شراء صهريجين أسبوعياً، تبلغ كلفة الواحد منهما 40 ألف ليرة.
«ما بكفّي فاتورتين كهربا، والمي كمان!». عبارة ردّدها وجيه محمود في ضهر الأحمر أكثر من مرة، ليختصر بها كلفة انقطاع المياه الباهظة، التي تضاف إلى أعباء ميزانيته الشهريّة. يوضح محمود وعسّاف وغيرهما، أنهم راجعوا الجهات المعنيّة لحلّ الأزمة، فما كان من هؤلاء إلا أن أعادوا أسباب الأزمة إلى انقطاع التيار الكهربائي، وقلة عدد ساعات التغذية، لأن هذه القرى تتغذى بمياه الشفة من آبار بلدة لوسيه في البقاع الغربي، ومنها تجرّ بواسطة المضخات الى خزانات القرى، بينما توزّعها مضخّات أخرى على شبكات البلدات الداخلية.
من جهته، أكّد رئيس بلدية خربة روحا عبد الرحمن هاجر أنّ المشكلة تبدأ مع أزمة التيار الكهربائي، لكنه يضيف إنّ جزءاً منها متعلّق أيضاً ببلدية لوسيه التي تقوم بجرّ المياه إلى بلدة السلطان على مدار 13 ساعة في اليوم، من دون أن تعير أيّة أهمية للبلدات الأخرى. ولفت هاجر إلى أنّ بلديته قامت بحفر بئر في البلدة في محاولة لحلّ المشكلة، لكن «رغم ذلك تبقى مشكلة بلدة خربة روحا أو بلدات البيرة والرفيد وضهر الأحمر هي معاناة جميع المواطنين الذين يسكنون طريق الجنوب الرئيسية». وطالب هاجر مصلحة المياه ووزارة الطاقة «بإرسال لجنة تفتيش الى المنطقة لمعرفة مصير مياه الشفة، لأننا عجزنا عن معرفة الأسباب الحقيقية للتعدّي على المياه وبيعها للمزارعين والصناعيين».