في إطلالته المتلفزة امس، لم يكن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يتحدّث بصفته قائداً للحزب وحسب. بدا كمن يتكلّم باسم حلفائه جميعاً، الإقليميين والدوليين، وهو الذي التقى نهاية الأسبوع الماضي مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، وتعمّد قبل أسبوعين نشر صورة له تظهره إلى جانب مرشد الجمهورية الإسلامية في الإيرانية السيد علي خامنئي.
وجّه الأمين العام لحزب الله عدة رسائل واضحة. للمعارضة السورية قال إنها عاجزة عن إسقاط النظام عسكرياً. وفي وجه الغرب الذي يهدد بالتدخل المباشر في سوريا، رفع نصر الله وتيرة تحذيره جازماً بأن «أصدقاء سوريا، الإقليميين والدوليين، لن يسمحوا بسقوطها بيد أميركا او اسرائيل أو الجماعات التكفيرية». وفي كلام بالغ الدلالة، قال إن من يقاتل حالياً الجماعات المسلحة هو الجيش السوري والقوى الشعبية المؤيدة له، وأن إيران لم ترسل «حتى الآن» قوات قتالية، ملمحاً إلى إمكان تدخلها عسكرياً، مع قوى المقاومة، في حال تطلّب الوضع ذلك. أما للداخل اللبناني، فقد أكّد أن المقاومة لن تترك «لبنانيي ريف القصير» عرضة للخطر. وبالتأكيد، لم يستثن إسرائيل من رسائله. حذّر من الحسابات الخاطئة التي تُبنى على أساس نظرية تقول بأن حزب الله منشغل في سوريا، مؤكداً أن المقاومة جاهزة ويدها على الزناد لصد أي عدوان إسرائيلي.
كلام نصرالله جاء في كلمة بثتها قناة «المنار» مساء أمس واستهلها بالحديث عن طائرة الاستطلاع مؤكداً أن «حزب الله لم يقم فعلا بارسال طائرة من هذا النوع ولحساسية الوضع في المنطقة اصدر بيانا دقيقا نفى فيه ان يكون ارسل طائرة من دون طيار إلى اسرائيل».
ولفت إلى انه حتى هذه اللحظة لم يقدم الاسرائيليون فيلما أو مشاهد مسجلة لديهم حول اسقاط الطائرة، مشيرا إلى أن «الكل يعرف أن حزب الله يملك شجاعة ان يتبنى اي عمل يقوم به خصوصا اذا كان يطال اسرائيل ولا يقلقنا الكثير من الاتهامات». ولفت إلى ان «ما قيل عن هذه الطائرة ليس أهم من ان يتبنى حزب الله طائرة ايوب التي اقتربت من مفاعل ديمونا». وقال: «ليس هناك ما يؤكد الحادثة أساسا، وانا لا انفي حصولها ولكن ليس هناك ما يؤكد ان هناك طائرة دخلت اسرائيل».
وعدد جملة فرضيات حول الطائرة «الاولى ذكرها محللون اسرائيليون وهي ان يكون الحرس الثوري الايراني اطلق الطائرة»، مشددا على انها «فرضية غير واقعية وغير ممكنة». أما «الفرضية الثانية فهي ان هناك جهة صديقة في لبنان فلسطينية او لبنانية امتلكت قدرة ان ترسل طائرة صغيرة الى اجواء فلسطين المحتلة، ونحن ليس لنا معلومات ونبحث عن هذه الجهة، وهذه فرضية ولكن ليس لها اي مؤشر». وقال: «أما الفرضية الثالثة فهي ان تكون هناك جهة غير صديقة وغير اسرائيلية وبدون علم اسرائيل وحزب الله قامت باطلاق هذه الطائرة اما من لبنان او غير الاراضي اللبنانية وادخلتها بخلفية ان اسرائيل ستقوم برد دفاعي مباشر بعد ان تتهم حزب الله ويكونون دفعوا حزب الله الى مواجهة مع اسرائيل، أما الفرضية الرابعة فهي ان تكون اسرائيل ادخلت الطائرة الى الاجواء اللبنانية وادخلتها الى الاجواء الفلسطينية وقامت باسقاطها لتحقق مجموعة من الاهداف النفسية والسياسية».
واشار نصرالله في هذا السياق إلى ان «هناك مساعي أميركية عربية خليجية لتسوية ما في الموضوع الفلسطيني وفرض شروط جديدة على الفلسطينيين وهذا مجال خشية، لأنه عادة عندما يتم اللجوء الى فرض شروط يسبقها عدوان ما لهز شجاعة الفلسطينيين وصلابتهم»، داعيا القيادات في غزة إلى التنبه.
وحذر إسرائيل ومن يقف خلفها «من ارتكاب اي حماقة في لبنان لأن المقاومة رغم كل ما يقال عن انشغالات هي يقظة ويدها على الزناد وتملك الارادة للدفاع عن لبنان وارضه وشعبه وستنتصر».
وفي العنوان السوري، نفى السيد نصرالله كل ما يذاع عن قوافل الشهداء واعداد الشهداء الذين سقطوا لحزب الله في سوريا. وأكد أن «أهداف ما يجري في سوريا لم تعد فقط اخراجها من محور المقاومة ومن معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، وايضا لم يعد الهدف فقط اخذ السلطة بأي ثمن من النظام الحالي بل يمكن القول ان هدف كل الذين يقفون خلف الحرب في سوريا هو تدميرها كدولة وشعب ومجتمع وجيش كي لا تقوم لاحقا دولة قوية وتصبح دولة عاجزة». ولفت إلى ان «الجماعات المسلحة كل واحدة منها مرتبطة باستخبارات اجنبية وبدول خارجية»، وقال: «احب ان يسمع السوريون ان المطلوب ان لا تقوم لهم دولة قوية في المستقبل بمعزل عن القيادة ويريدون ايضا تدمير سوريا لتُشطب من المعادلة الاقليمية،ومن التأثير الاقليمي وهي كانت شريكة برسم خطوط وتوجهات بما يجري في المنطقة يراد لها ان تتحول الى سوريا المتقاتلة والهشة والجائعة».
وأشار إلى «أن ما يجري الآن في سوريا يحمل الكثير من الأخطار والتحديات والأذى لسوريا والقضية الفلسطينية»، معتبرا ان «القضية الفلسطينية تواجه خطر تصفية جدية وينعكس على لبنان والمنطقة فيما تستنفر اسرائيل لتأخذ زمام المبادرة».
ولفت نصرالله إلى ان «البعض يريد دفع الامور الى اسوأ الامور الميدانية قبل قمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والاميركي باراك اوباما»، مؤكداً: «لن تستطيعوا ان تسقطوا دمشق وغير قادرين على اسقاط النظام عسكريا، المعركة طويلة، ولم نكن في يوم من الايام ندعو حتى النظام الى حسم عسكري، ولكن نقول لكم انتم بالقدرة العسكرية غير قادرين على اسقاط النظام».
وشدد على انه «حتى هذه اللحظة لا توجد قوات ايرانية في سوريا والكل يعرف ذلك ولو كانت هناك معطيات لدى الاميركيين والانكليز فكانوا قاموا بمشكلة حولها». وأوضح أن هناك خبراء ايرانيين منذ عشرات السنوات. وسأل «كيف إذا تدحرجت الأمور مستقبلا واستدعت تدخل قوى مقاومة بالصراع؟»، لافتا إلى انه «لسوريا في المنطقة والعالم اصدقاء حقيقيين لن يسمحوا ان تسقط بيد اميركا او اسرائيل او يد الجماعات التكفيرية».
وقال: «إن من لا يريد ان تضيع القضية الفلسطينية ومن يريد مصلحة لبنان والاردن وتركيا والعراق وكل شعوب المنطقة يجب ان يعمل لايجاد حل سياسي في سوريا». ولفت إلى ان «من يريد حل مشكلة النازحين، فالحل الوحيد هو ان يعودوا الى بلادهم وهذا طريق الحل السياسي، اما استمرار الرهان العسكري فلن يوصل الى مكان»، مشيرا إلى ان «الفريق الآخر ما زال يرفض الحوار والتسوية السياسية ويدفع الامور باتجاه الخيار العسكري».
وعن موضوع ريف القصير، قال السيد نصرالله إنه: «خلال الفترة الماضية تصاعدت وتيرة الاعتداءات على هذه القرى وهناك معلومات اكيدة وبعض اللبنانيين متورط في هذا الامر، وهو ان هناك تحضيرا لاعداد كبيرة من المقاتلين للسيطرة على هذه القرى، وكان من الطبيعي ان يقوم الجيش السوري واللجان الشعبية وتقدم له المساعدة المناسبة بمواجهة المسلحين فحصل ما حصل وانقلب السحر على الساحر». وكشف ان «هناك لبنانيين قاتلوا وشاركوا في الاعتداء على اللبنانيين في القصير»، وسأل «ماذا فعلت الدولة اللبنانية، اصلا ماذا تستطيع ان تفعل؟ هل تستطيع ارسال جيش لبناني الى القرى السورية التي يسكنها لبنانيون؟»، مؤكدا ان «الدولة اللبنانية لا تستطيع فعل ذلك واقصى ما يمكن فعله من الدولة ان ترسل احتجاجا الى الجامعة العربية التي هي اصلا تدير المعركة على سوريا». وأكد أننا «لن نترك اللبنانيين في ريف القصير عرضة للهجمات والاعتداءات من الجماعات المسلحة».
وعن مقام السيدة زينب، لفت إلى ان «هناك جماعات مسلحة في مواقع تبتعد فقط مئات الامتار عن المقام في دمشق، وهناك حساسية بالغة جدا لهذا الامر لان هذه الجماعات هددت انه اذا سيطرت على هذه البلدة فستدمر هذا المقام، ورأينا ان هؤلاء لن يتراجعوا عن فعل ذلك، وهذا الامر قد يؤدي الى تداعيات خطيرة وستخرج الامور عن السيطرة». وأكد أن «هناك من يدافع عن هذه البقعة ويستشهد بالدفاع عنها وهؤلاء يمنعون الفتنة، ومن الواجب الوقوف لمنع سقوط مقام السيدة زينب ومنع التكفيريين من هدم هذا المقام».
ومن جهة أخرى، رأى نصرالله ان استمرار قضية المخطوفين السوريين في أعزاز الى اليوم مؤلم جدا. وشدد على ان «لا احد يستطيع ان يضغط علينا وعلى موقفنا من خلال هذا الامر غير الانساني».
واعتبر ان «التظاهر قد لا يحل المشكلة، وتفاوض الدولة مع السعودية وتركيا وغيرها لم يصل لنتيحة»، سائلا: «هل تظنون اننا سنشاهد هذه الامور والمأساة باستمرار دون ان نحرك ساكنا؟».
وتوجه إلى الخاطفين قائلا: «اخرجوا المخطوفين بأعزاز من الصراع السياسي»، مؤكدا اننا «لا نريد مشكلة في لبنان ولا نريد ان ينتقل الصراع في لبنان». وختم السيد نصرالله: إن «ما يجري في سوريا يعنينا جميعا وانتهى الوقت الذي يكتفي فيه اللبنانيون بالتمنيات وإبراء الذمة من خلال اصدار بيان، كل من له علاقات خارج لبنان من دول وحكومات يجب ان يسمعوا جميعا صوتا واحدا وهو: يجب ان تقف الحرب في سوريا».



أعلن الشيخ أحمد الأسير امس أنه زار منطقة القصير السورية، برفقة ابنه، حيث قاتل إلى جانب مجموعات المعارضة، قبل عودته إلى لبنان. وعرض الأسير عدداً من الصور، نشرت «تنسيقية ريف القصير» بعضها، قائلة إنها للأسير في منطقة ريف القصير. وقال الأسير، في مقابلة مع «LBCI» إنه مستعد لإصدار فتوى مضادة لفتوى الجهاد التي أصدرها سابقاً، بعد ان يسحب حزب الله «آخر مقاتليه من سوريا».