ليس غريباً أن تكون «مختصر مفيد» تشبه تماماً عبارة «السهل الممتنع» من حيث التركيبة الوزنيّة في عَرَوض الشِعر الموزون كما في هيئتها الإعرابيّة، فهي اسم تليه صفة. لذا، فهي مطابقة لـ«السهل المُمْتَنَع». فمَن هو الذي تداول وتناقل وتطاول على الحقيقة واللغة ونقل تاريخاً ومن ثمّ أورثنا مختصراً قد يكون غيرَ مفيد؟ وهذا، في معظم الأحيان، يُضاف إلى تاريخٍ لا يُدَرّس، لو عُدنا إلى المنطق، وهو يُدَرّس بالرغم من ذلك، كي تكتمل صورة الدراسة وتحصل الامتحانات وتخرج النتائج فيتخرّج تلاميذٌ إلى الجامعات فينهلون منها ما أُسّس على باطلٍ ويغادرونَ ويغادروننا!!!
ها هم انتشروا في مجاهل الأرض مزوّدين بمخزونِ كُتُبٍ هو خلاصةُ كلّ ما هو عند فريقٍ: معلومة صحيحة، وعند خصمه: معلومة خاطئة، ينهلون بـ«عَطَش» وباستيعابٍ وبذاكرةٍ لا تخطئ، لسوء الحظّ في حالنا هذا. إنّها ذاكرة وقّادة، فهي تَحفظُ مثلاً خطأً ولن تنساه.
إنّ الأمّة اللبنانية انتظرت أجيال الشباب على أحرّ من الأسيرِ والضاهرِ والمرعبِ و«كبّارته»، وهي أربعُ عياراتٍ مسلمةٍ سنيّة كان العرب يَزِيْنونَ بها ضغط دمهم، صبرهم، إيمانهم، والانتماء للصحراء. إنّ عبارة «مختصر مفيد» غير صحيحة كليّاً. وهل اختصارنا، مثلاً، بناقةٍ وصحراء وشمسٍ حارقة وأَكَمةٍ رمليّة وبما وراءها صحيحٌ وكافٍ؟ قد يكون صحيحاً ولكنه ليس كافياً. لقد أصبح لدينا بطلٌ إماراتيٌّ في سباق «الفورمولا 1»، وهذا لا يُختصر بكلمة أو بكلمتين، فمن الناقةِ إلى الفيراري.... ما لا.....
من المرجّح أنّ الأخير الذي نقل هذه العبارة لم يسمعها جيّداً، وربّما رنّت في أذنه: «مكتسبٌ مفيد» على أنّها: «مختصرٌ مفيد». وهذا غيرُ غريبٍ عنه. فقد سمع يوماً قبل أن يغُطَّ في سُباتِهِ الصحراويّ المثاليّ، الصحيّ والعميق، عبارة: «جهلٌ مُرْتَجَعْ» على أنّها «سهلٌ ممتنع»... الويلٌ لأمّةٍ.
(*) مبعثرة